????????? ?????????.. ?????? ??????? ???? ???????? ?? ???? ????????

مجتمع رجيم / الموضوعات المميزة فى العلوم الطبيعية
كتبت : بتول الغلا
-
نشر “معهد العالم للدراسات” 10 مواد عن المقاتلين الأجانب في الشرق الأوسط، في يناير(كانون الثاني) وفبراير(شباط) الحالي، ومن بينها مادة بعنوان “المقاتلات الأجنبيات: هل هناك جهادية نسوية؟”، تتحدث عن العوامل الحقيقية وراء انضمام المقاتلات الأجنبيات إلى صفوف تنظيم داعش الإرهابي.

داعش قدم مشروعاً جديداً يقوم على استبطان “يوتوبيا” متخيلة تصور نفسها على أنها أرض الأحلام، وأرض “الخلافة”، وهي الصورة التي تخلق وتعزز سؤال الهوية لدى الشباب

النموذج الذي قدمه داعش داعب خيال النساء الجهاديات وكان عامل الهجرة الأول وليس ما روجت له وسائل الإعلام من بحث عن إشباع رغبات جنسية مع المجاهدين (جهاد النكاح، عرائس الجهاد)

ويعرض الباحث خالد بشير، في المادة التي نشرها المعهد في 17 فبراير(شباط) الحالي، لهذه الظاهرة من خلال كتاب “عاشقات الشهادة: الجهادية النسوية من القاعدة إلى الدولة الإسلامية”، لمؤلفيه حسن أبو هنية، ومحمد أبو رمان، وفيه يقدمان وجهة نظر تعارض مجمل التفسيرات والفرضيات المطروحة والمتداولة إعلامياً، ومن قبل العديد من الدارسين، بخصوص الظاهرة الجهادية عموماً، وظاهرة الجهاديات النساء خصوصاً، الظاهرة التي ظهرت على نحو بارز وغير مسبوق في حالة تنظيم داعش خلال السنوات الأخيرة.

ويرى أبو هنية وأبو رمان، أن “غالبية التفسيرات المطروحة فيها اختزال وتسطيح كبير للظاهرة المركبة، مما يحول دون فهمها، وفهم الأسباب الكامنة خلفها، بشكل موضوعي”.

ويرفض المؤلفان ما تردد في الوسائل الإعلامية، سواء منها العربية التي اعتمدت تسميات تكرر استخدامها واقترنت بالظاهرة، كـ”عرائس الجهاد”، و”جهاد النكاح”، ذلك المسمى الذي أطلقه لأول مرة وزير الداخلية التونسي الأسبق لطفي بن جدو، لتصبح بعد ذلك مقولة رائجة إعلامياً، أو حتى التوصيفات التي روج لها الإعلام الغربي، كـ “غسيل الدماغ”، الذي اعتمد لوصف وتفسير حالة تجنيد الشابات الأوروبيات عبر شبكة الإنترنت.

إيديولوجيا غربية
ويستعين المؤلفان بالأنثروبولوجي طلال أسد، لنقد الأطروحات الاستشراقية بخصوص “الجهاد”، حيث قدم أسد نقداً -يراه المؤلفان مهماً- للتفسيرات القائمة على استدعاء دوافع دينية ثقافية تستند إلى مفهوم “الشهادة”، و”التضحية”، و”المقدس”. إذ تعتبر وجهة النظر السائدة غربياً بأن التفسير “الجيد” هو التفسير الذي يؤكد على الدوافع الدينية والثقافية، وهو ما يرى أسد بأنه يساعد على تدعيم خطاب “حماية الحضارة” من ثقافة “البرابرة” التي تتميز بحب الموت، بحيث إن التفجيرات الإسلامية في نظر المعلقين الغربيين ليست سوى تعبيرات عنيفة عن إسلام شمولي منحرف، أو عن حافز ديني “لا عقلاني”. حيث يعارض أسد كل ذلك ويجادل بأن “المفجر الانتحاري” ينتمي إلى تراث غربي حديث قائم على اعتماد الصراع المسلح كسبيل للدفاع عن الجماعة السياسية.

وفي المقابل يشير الباحثان إلى ضرورة الحديث عن العوامل “الحقيقية”، والتي هي بالضرورة “غير ثقافوية”، والتي يحصرانها في سببين أساسيين، وهما: الاستبداد، والطائفية، اللذان اتسم بهما النظام السياسي في الدولة العراقية الجديدة بعد 2003، وفي سوريا. فيما يقدمان “الديمقراطية” على أنها البديل وسبيل الخلاص. وبالطبع، فإن الحديث عن “الديمقراطية” يحمل إحالة ضمنية للصيغة الغربية منها، ولكن دون أي حديث من المؤلفَين عن أي خصوصية واختلافات في السياقات الخاصة بالنظم السياسية للمنطقة.

????????? ?????????.. ?????? ??????? ???? -6132

تعزيز سؤال الهوية
وذهب المؤلفان أيضاً إلى معارضة التفسيرات “المادية”، والتي يرون فيها أيضاً تسطيحاً واختزالاً للظاهرة، وهي الأسباب التي عادةً ما تربط الظاهرة بالفقر، والبطالة، وتردي الأحوال المعيشية، حيث يعرضان هنا نموذج الطبيبات السودانيات الثريات، المقيمات في بريطانيا، واللواتي هاجرن إلى أراضي تنظيم الدولة والتحقن به، فهن لا يعانين من أيّ صعوبات مادية ومع ذلك توجهن للتنظيم وانجذبن له، وهو النموذج الذي تكرر في عديد الحالات من المقاتلات العربيات والأوروبيات.

وينطلق المؤلفان من هذ النقد إلى تبني النموذج التفسيري الأكثر تفضيلاً لديهما، وهي التفسيرات السوسيولوجية ذات المنحى الرمزي، والتي تتركز بالأساس وتتمحور حول مسألة “الهوية”، والتي يميل المؤلفان إلى أن تنظيم داعش استطاع الاشتغال عليها من خلال توفير نموذج يقوم على أساسها، وهو ما شكل عامل الجذب الأول للجهاديين والجهاديات. فتنظيم داعش قدم مشروعاً جديداً، يختلف عما كان يقدمه تنظيم القاعدة، ويقوم هذا المشروع على استبطان “يوتوبيا” متخيلة، تصور نفسها على أنها أرض الأحلام، وأرض “الخلافة”، وهي الصورة التي تخلق وتعزز سؤال الهوية لدى الشباب في ظل ظروف سياسية وثقافية ولحظة تاريخية تدفع بالاتجاه نفسه.

أرض الخلافة.. أرض الأحلام
وهكذا، يرى المؤلفان أن تقديم التنظيم لمشروع جهادي جديد أكثر انسجاماً مع “الهوية المتخيلة”، هو عامل الجذب الأساس للمقاتلات الأجنبيات، حيث قدم التنظيم مشروعاً مختلفاً عن مشروع القاعدة والتنظيمات الجهادية السابقة، سواء ما كان في نموذج “الجهاد المحلي”، منذ السبعينيات، و”الجهاد التضامني”، خلال الثمانينيات والتسعينيات، كما في الجهاد الأفغاني أو البوسني، أو نموذج “النكاية”، كما كان مع تأسيس “الجبهة العالمية لجهاد اليهود والصليبيين”، نهاية الألفية الماضية. حيث كان طابع الجهاد ذكورياً، ولم تكن المرأة تلتحق فيه إلا مرافقةً لزوجها، أو أحد أقربائها، ولم تُسند لها أي مواقع في هياكل التنظيمات، واقتصرت الأدوار المناطة بها على الجانب الإسنادي.

أما النموذج الذي قدمه داعش، وهو نموذج “أرض الخلافة”، أو“أرض الأحلام”، فقد داعب خيال النساء الجهاديات، اللواتي يحلمن بالحياة في ظل “دولة إسلامية” تنسجم قوانينها وثقافتها والحياة العامة والخاصة مع ما تؤمن به هؤلاء النسوة أكثر مما هو قائم في المجتمعات العربية، أو الغربية.

وعليه كان تجسيد “الدولة الموعودة” في مخيال الفتيات والشعور بوجود واجب يمكن القيام به من أجل “الدولة الإسلامية” المفترضة، هو عامل الهجرة الأول، وليس ما روجت له وسائل الإعلام من بحث عن إشباع رغبات جنسيّة مع المجاهدين (جهاد النكاح، عرائس الجهاد)، أو الجهل وسهولة التعرض لـ”غسيل الدماغ”.

بل إن شعور الفتيات بالغربة، وأحياناً بالعزلة في مجتمعاتهن، الغربية منها والعربية، وبروز سؤال الهوية الدينية، نتيجة عجز المجتمعات، وخصوصاً الغربية، عن دمجهن، كان الدافع الأول وراء الهجرة، خصوصاً بعد أن قدم التنظيم لهنّ النموذج والمجتمع البديل.

الدور التقليدي للمرأة الجهادية
ويفسر أبو هنية وأبو رمان، سبب التوسع والتطور في الدور الذي لعبته “الجهادية النسائية” في التنظيم بالمقارنة مع ما كان عليه الحال في التنظيمات الجهادية السابقة، سواء من ناحية الكم (عدد الجهاديات)، والنوع (الدور المناط بهن). إذ كانت جماعات الجهاد المحلية، منذ ظهورها في السبعينيات، تتجه إلى التأكيد على الأدوار التقليدية للمرأة، المتعلقة بالإنجاب، وتربية الأطفال، والعناية بالأسرة، وهو ما جعل المؤلفان يصفانها بـ “الجماعات الذكورية”، حيث استثنت تلك الجماعات النساء من هياكلها التنظيميّة.

وهنا يعود المؤلفان إلى ما ورد في كتابات ورسائل منظري تلك الجماعات، وفي مقدمتهم أسماء كـ: شكري مصطفى، وصالح سرية، ومروان حديد، وعبد السلام فرج، للبحث والتأكيد على طبيعة الصورة التي رسموها فيما يخصّ حدود الدور الجهادي للمرأة.

وقد استمر دور المرأة عند هذه الحدود حتى مع تأسيس أسامة بن لادن وعبد الله عزام تنظيم القاعدة عام 1988، وخلال التسعينيات، حيث استمرت كتابات أهم المنظرين في تلك الفترة، كأبي قتادة الفلسطيني، وأبي محمد المقدسي، في التأكيد على الدور التقليدي للمرأة المجاهدة.

ويرى المؤلفان، أن “أهم تطور في أدوار المرأة ضمن التنظيمات الجهادية جاء مع الألفية الجديدة وبالتحديد عن طريق يوسف العييري وشبكته في السعودية، المعروفة باسم تنظيم “قاعدة الجهاد في جزيرة العرب”. حيث اتجه العييري وتنظيمه إلى إسناد أدوار لوجستية في هياكله التنظيمية للمرأة، وخصوصاً فيما يتعلق بالأدوار الإعلامية، وجمع التبرعات.

وقد بلغ الدور الإعلامي لجهاديات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ذروته مع تأسيس “المكتب الإعلامي النسوي بجزيرة العرب”، والذي قام بإصدار مجلة “الخنساء”، وهي أول مجلة إلكترونية جهادية نسوية، حيث قامت المجلة بتقديم أدبيات تنظر لانخراط المرأة في الجهاد، وتستشهد في ذلك بسِيَر أبرز الصحابيات المجاهدات، كالخنساء، وأم عمارة.

????????? ?????????.. ?????? ??????? ???? -6133

تنظيم داعش.. المرأة في الجبهة
ولكن التحول والتطور الأبرز جاء على يد أبي مصعب الزرقاوي، وتنظيمه “التوحيد والجهاد”، والذي عرف فيما بعد بتنظيم داعش،، وجاء هذا التطور -كما تقدم- مع التحول من نموذج “الجهاد التضامني” وجهاد “النكاية” (الجهاد العالمي: مواجهة العولمة العسكرية الأمريكية)، إلى نموذج “الدولة”، حيث جرى الانتقال من حرب العصابات، و”النكاية”، إلى حروب السيطرة المكانية، و”التمكين” لإقامة الدولة وتأسيس الخلافة، كما اتجه التنظيم نحو دمج الأبعاد الجهادية المحلية والعالمية (قتال العدو القريب والبعيد).

وكل ذلك تطلب إسناد أدوار جديدة للمرأة في الجهاد. ويضاف إلى كل ذلك وجود عوامل موضوعية أخرى ساهمت في تطور مساهمة المرأة ودورها، ومن ذلك انخراط عدد من المجتمعات “السنية” الحاضنة للتنظيم في العراق، حيث ظهر “مجتمع الجهاد”؛ وهو ما استتبعه بالضرورة اكتساب النساء أدواراً جديدة. وكانت النقلة النوعية مع تنظير تنظيم الزرقاوي وسماحه باستدخال المرأة في الأعمال القتالية، وهو ما ترجم بقيام عدد من “المجاهدات” بتنفيذ عمليات انتحارية نوعية. وهكذا، جرى التطور والانتقال مع التنظيم من حدود دور الدعاية الأيديولوجية الذي اكتسبته المرأة مع شبكة العُييري إلى القتال في الصفوف والجبهات الأمامية، من خلال تنفيذ العمليات الانتحارية.

مساواة تامة
وبعد سيطرة “تنظيم الدولة” على الرقة والموصل (عامي 2013، و2014)، لم يعد “مجتمع الجهاد” مجتمعاً محلياً محدوداً، فقد أصبحت هناك مدن ومجتمعات كاملة تحت سيطرة التنظيم، وهو ما تطلب واستدعى استدخال المرأة في مجالات عديدة، كالصحة، والتعليم، والحِسبة، والدعاية والإعلام، كما ظهرت أدوار نوعيّة جديدة للمرأة في التنظيم، كالتنظير الفقهي، والذي نجده في نموذج “إيمان البغا”، دكتورة الشريعة السورية المقيمة في السعودية منذ العام 2000 حتى انضمامها إلى التنظيم.

ويرى المؤلفان أن “اكتساب المرأة الجهادية كل هذه الأدوار الجديدة، في مجتمع الجهاد الداعشي، هي بمثابة قمة التطور والتبلور لـ”النسائية الجهادية”، إذ إنه قد تحققت بذلك المساواة التامة للمرأة مع مقاتلي التنظيم من الرجال.