بائعة الحلوى حنان الحنونة..بقلمي..

مجتمع رجيم / النقاش العام
كتبت : جذور
-
مذ أن كانت طفلة صغيرة،عانت حنان من الوحدة،فقد

توفيت والدتها بعد ما ولدتها مباشرة،فتولى والدها كل

شؤونها ولم يسمح لأحد بتربيتها معه،كيف لا وهي

ابنته الوحيدة،فرعاها إلى أن بلغت سن الثامنة عشر ،و

في حفل تخرجها من الثانوية العامة،كانت الدعوة عامة

لكل الآباء والأمهات،وفي ذلك اليوم الحزين،وبينما هو

في طريقه ليحضر حفل تخرجها،اعترضته في الطريق

شاحنة ضخمة كانت مسرعة،و كأن سائقها كان فزعا

هاربا من شيء ما،وعندما حاول تجنبها لم

يستطيع تجنبها في الوقت المناسب،فاصتطدم بها

بطرف سيارته مما جعل الشاحنة المسرعة،تدفع

بسيارته وتكسر السيارة الحاجز ،وتقع من المرتفع إلى

المكان السحيق،فتنفجر السيارة ويموت والد حنان،و

هي في الحفل تتلفت يمنة ويسرى بحثا عن والدها

الذي تأخر في الحضور،جعلها تصاب بالإحباط وعدم

الرغبة في الاستمتاع بالحفل،ظنا منها بأن والدها قد

يتأخر كثيرا،وفعلا بدأ الاحتفال وأبوها لم يحضر بعد،و

مرت ساعات وساعات ولم يأتي،وقبل أن ينتهي الحفل

قررت حنان المغادرة مدعية بأنها مريضة وهي في

الحقيقة كانت حزينة ومحبطة،ولكن المعلمة لم تتركها

تذهب وهي مريضة فاصطحبتها بنفسها إلى البيت،و

عندما دخلت إلى البيت شعرت بالاختناق،والضيق

شعور لا يمكن وصفه أبدا،حتى أنها أرادت البكاء بدون

سبب،وطلبت من المعلمة قبل أن تغادر تتصل على أبيها

فهي لا تشعر بأنه بخير،وفعلا كلما اتصلت تجد بأن

الهاتف مغلق،مغلق،مغلق!.

هنا فقط تأكدت حنان والمعلمة بأن هناك كارثة قد

حلت به،جن جنونها ولم تدري ماذا تفعل؟!

فظلت تبكي وتبكي!،والمعلمة تحاول تهدأتها،وفي تلك

اللحظة طرق أحدهم الباب،ففتحت المعلمة

الباب،لتجده رجلا من رجال الشرطة،فسأل :أهذا منزل

فلان؟.

قالت:نعم!.

قال:نود أن نخبركم بأنه قد تعرض لحادث مأساوي،و

بالتحريات وصلنا إلى هذا المنزل وبعض المعلومات

عنه،يمكنم الحضور لمعرفة تفاصيل ماحصل.

كانت حنان بالقرب منهما وقد سمعت كل شيء،ولشدة

الصدمة التي تلقتها أصيبت بالإغماء،وبعدها فتحت

عينيها لترى نفسها في المشفى،وبجانبها المعلمة،وفي

هذه اللحظة بكت بقوة،وأدركت كم الدنيا فارغة من

بعد موت أبوها،وأنها صارت وحيدة فمن لها بعده،و

قد دخلت في دوامة من الكآبة،وأظلم كل شيء من

حولها،وخصوصا بأنه لا يوجد من يرعاها من بعد

وفاته،ولكن تلك المعلمة لم تتركها تواجه الحزن لوحدها

بل أخذتها معها إلى بيتها،وقامت بكل شؤونها كما لو

كانت هي أمها،حتى بدأت حنان شيئا فشيئا تعود إلى

الحياة من جديد،وفي يوم ما أخذتها المعلمة إلى

المتنزه لكي تروح حنان عن نفسها،فرأت الأطفال كيف

يفرحون عندما يأكلون الحلوى،وكيف أنهم سعداء

باللعب أيضا، فقالت لها المعلمة:هؤلاء الأطفال جاءوا

من دار للأيتام،يأتون إلى هنا كل مرة لكي يستمتعوا

بوقتهم،ويعوضوا ما حرموا منه .

فبالرغم من أنهم جميعهم يتامى، وفقدوا

لذة السعادة بالقرب من أمهاتهم وآبائهم،فكانوا بمثابة

درس آخر لحنان كيف أن الحياة لابد أن تستمر حتى

وإن فقدنا أغلى مانملك،فمن هنا بكت حنان وقررت

قرارا رائعا نابعا من القلب،وطلبت من المعلمة أن

تساعدها في هذه الفكرة،حيث أنها قررت تعلم صنع

الحلوى بكل أنواعها،وبالتالي بيعها لتجني ربحا طيبا

وتقوم بجمع هذه الأرباح وتشتري تجعلها حديقة غناء

فيها أجمل الألعاب،وأطيب الحلوى من صنع يدها

تقدمها لكل اليتامى،فقط لتجعلهم سعداء،وفعلا بدأت

بالفكرة فأصبحت أشهر صانعة حلوى،وأثرى فتاة في

مدينتها،وبكل ثروتها احتوت اليتامى حول العالم

وحاولت اسعادهم بثروتها وسفرياتها للقاء بهم،وفكرة

مشروعها حديقة السعادة للأيتام،فقط لأنها تعرف بأن

الحياة تكون مؤلمة من بعد فقد الوالدين،فلابد أن

نعطي ولو بصيصا من الأمل لكل يتيم. بائعة الحلوى حنان الحنونة..بقلمي..