حقوق الاسرى فى الاسلام وصور مضيئه على ذلك
مجتمع رجيم / الحياة الأسرية
كتبت :
زهره الاسلام
-
حقوق الاسرى فى الاسلام
تشتعل الحروب بين البشر، فينتج عنها القتلى والأسرى فتختلف معاملة الأسرى من عصر إلى آخر، اشتركت الحضارات السابقة على قتل الأسرى، وجعلوهم عرضة للتعذيب والإيذاء والاضطهاد، وكانوا يعدلون عن فكرة القتل إلى استرقاقهم، واستهانوهم في الأعمال الشاقَّة الصعبة. أما اليهود فقاموا بتسخير الأسرى إن هم سَلَّموا بلادَهم بدون حرب، وإذا قاوموهم كان مصيرهم القتل، ولم تعرف الأمم قانونًا لمعاملة الأسرى قبل الإسلام؛ الذي وضع شروطًا لمن يُؤسر؛ فلا يقع في الأسر إلا المحارب، وقد وضع فقهاء الإسلام أوصافًا لمن يجوز أسره، وشروطًا لوقوع الأَسْرِ.
وللإسلام نظم وقوانين تحمي الأسير، وقد شرع الله سبحانه وتعالى الأَسْرَ فقال في كتابه: "حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا1 " واوصى صلى الله عليه وسلم أصحابه بحُسن معاملتهم فقال: "اسْتَوْصُوا بِالأَسْرَى خَيْرًا"3 أسرى يهود بني قُرَيْظة موقوفين في العراء في ظهيرة يوم قائظ، فقال مخاطِبًا المسلمين المكلَّفين بحراستهم: "لاَ تَجْمَعُوا عَلَيْهِمْ حَرَّ الشَّمْسِ وَحَرَّ السّلاَحِ، وَقَيِّلُوهُمْ وَاسْقُوهُمْ حَتَّى يَبْرُدُوا". كما نهى عن تعذيبهم وامتهانهم، فقد رأى "، وحرص الإسلام على الإحسان إليهم، فقال تعالى: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا[2]"، وأوصى النبي[4]. ولهم كذلك حق في الكساء والحرية الدينية.
أما مصـير الأســرى فهو المنّ، أو الفداء، وقد ثبت أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم منَّ على بعض الأسرى بإطلاقهم وفادى بعض أسرى بدر بالأموال وغيرها. أو الاسترقاق ولا يكون ذلك إلا بأمر ولي الأمر.
أما الأسير المسلم: فقد اتَّفق الفقهاء على حرمة قَتْلِ مُدْبِرِهم وجريحهم، وأنه لا يغنم لهم مال، ولا تُسْبَى لهم ذرِّيَّة ومَنْ قُتِلَ منهم غُسِّل وكُفِّن وصُلِّيَ عليه.
لماذا لا تنتقم من أعدائك؟!
فقد قال صلاح الدين الأيوبي عن ذلك:
إن ديننا يأمرنا بالعفو والإحسان، وأن نقابل السيئة بالحسنة، وأن نكون أوفياء بعهودنا، وأن نصفح عند المقدرة عمَّن أذنب.
أما معاملة الصليبيـون للأسرى، ومجـازر نصارى الأندلـس ضدَّ الأسـرى المسلـمين، الصهاينة والمعامـلة الوحشيـة للأسـرى، وإنـزال أشـدِّ أنـواع التعذيـب بالأسـرى العـراقيين كلها أمثلة على جـرائم ضـدّ الإنسانيَّـة تنتظـر المحاكمـة.
[4] الشيباني: السير الكبير، 2/591
-----------------------
معامله الاسرى فى الاسلام
جاء الإسلام وغرضه إنصاف المظلوم، وهداية الضالِّ، وإخراج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، ونشر الرحمة والعدالة، فقد استطاع الإسلام نقل البشريَّة من التعامل الهمجي الذي كان يُلاقيه الأسير إلى وضع كله رحمة ورأفة به وبحاله، وكان للإسلام فضل السبق في ذلك؛ فقد حرص الإسلام على الإحسان إلى الأسرى فقال تعالى في كتابه العزيز: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا[1]" وقال قتادة: لقد أمر الله بالأسرى أن يُحسن إليهم، وإن أسراهم يومئذ لأهل الشرك[2].
ووضع الإسلام تشريعات للأسرى، وفي الوقت الذي كان يُنَكَّل بالأسير في الأمم السابقة فقد وردت نصوص كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تحثُّ على معاملة الأسرى معاملة حسنة تليق به كإنسان، يقول الله تعالى في سورة الأنفال: "يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[3]"، فإذا كان المولى سبحانه يَعِدُ الأسرى الذين في قلوبهم خيرٌ بالعفو والمغفرة، فإنَّ المسلمين لا يملكون بعد هذا إلا معاملتهم بأقصى درجة ممكنة من الرحمة والإنسانيَّة.
لقد قرَّر الإسلام بسماحته أنه يجب على المسلمين إطعام الأسير وعدم تجويعه، وأن يكون الطعام مماثلاً في الجودة والكَمِّيَّة لطعام المسلمين، أو أفضل منه إذا كان ذلك ممكنًا، استجابة لأمر الله تعالى في قوله في سورة الإنسان: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا[4]"، وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بحُسن معاملة الأسرى فقال صلى الله عليه وسلم : "اسْتَوْصُوا بِالأَسْرَى خَيْرًا[5]، كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تعذيب وامتهان الأسرى، فقد رأى صلى الله عليه وسلم أسرى يهود بني قُرَيْظة موقوفين في العراء في ظهيرة يوم قائظ، فقال مخاطِبًا المسلمين المكلَّفين بحراستهم: "لاَ تَجْمَعُوا عَلَيْهِمْ حَرَّ الشَّمْسِ وَحَرَّ السّلاَحِ، وَقَيِّلُوهُمْ وَاسْقُوهُمْ حَتَّى يَبْرُدُوا"[6]."
وامتثل الصحابة رضى الله عنهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا يحسنون إلى أسراهم، والفضل ما شهد به الأسرى أنفسهم، فيقول أبو عزيز بن عمير وكان في أسرى بدر: "كُنْتُ مَعَ رَهْطٍ مِنَ الأَنْصَارِ حِينَ قَفَلُوا، فَكَانُوا إِذَا قَدَّمُوا طَعَامًا خَصُّونِي بِالْخُبْزِ وَأَكَلُوا التَّمْرَ؛ لِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللهِ r إِيَّاهُمْ بِنَا، مَا يَقَعُ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْهُمْ كِسْرَةٌ إلاَّ نَفَحَنِي بِهَا؛ قَالَ: فَأَسْتَحِي فَأَرُدُّهَا عَلَى أَحَدِهِمَا، فَيَرُدُّهَا عَلَيَّ مَا يَمَسُّهَا"[7]. والأمثلة في ذلك كثيرة ومتعدِّدة.
[1] (الإنسان: 8).
[2] القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، 19/126.
[3] (الأنفال: 70).
[4] (الإنسان: 8).
[5] الطبراني: المعجم الكبير، (977)، والمعجم الصغير، (409)، وقال الهيثمي: إسناده حسن، انظر: مجمع الزوائد، (10007).
[6] الشيباني: السير الكبير، 2/591.
[7] الطبري: تاريخ الطبري، 2/39، ابن كثير: البداية والنهاية، 3/307، 374.
----------------------
صور مضيئه لمعامله الاسرى فى الاسلام