الطاعات الوان

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : عاشقة المصطفى
-
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا السؤال والرد عليه منقولان للفائدة.
أم الجاهدين - سلطنة عمان

بداية أشكركم على كم المتميز وأرجو من الله أن أجد مبتغاي لديكم ...

فأنا فتاة أبلغ من العمر 25 عاماً أحببت أن أقضي عمري كله في الجهاد في سبيل الله ، فما أجمل أن يكون الإنسان ليس لديه وقت للفراغ ، وحينها يعيش حياته و مع عباداته التي يتقرب بها لله تعالى ويتفنن في أنواع العبادة من صلاة ودعاء وذكر وطلب علم وقراءة كتاب.

وما أحلى أن يكون حافظاً لكتاب ربه يترنم به آناء الليل وأطراف النهار ويسترجع محفوظه بشكل يومي، وما أروع أن يبذل الإنسان طاقاته ويضحي بالغالي والنفيس من وقته من أجل الدعوة إلى الله.

ولكن تساؤلي:
كيف يجمع الإنسان بين الثلاث وكل واحدة منها تحتاج لمجهود أكبر من الآخرى!، فحافظ القرآن يحتاج لوقت كافي لإسترجاع محفوظاته، وقد لا يتنافى ذلك مع العبادة، ولكن كيف يجمع الإنسان بين مسؤلية الدعوة_ إن كان يحمل مسؤلية _ وبين الإهتمام بتغذية خوائه الروحي؟؟.
فالدعوة تأخذ الوقت الكثير من الإنسان وأحيانا على حساب طاعاته وعبادته، لا أدري إن كان إعتقادي هذا صحيحاً أم لا؟؟ أم أن هذا الأثر يكون مع ضعاف النفوس فقط؟ وماهي السبل التي يستطيع أن يوفق بها الإنسان بين هذا وذاك؟.
حينما يحس بأن حاله مشتت وأن هم الدعوة يأخذ من تفكيره الكثير؟ ومن وقته ماليس باليسير؟ وأنه لا يستطيع التركيز فى عباداته ويفكر في ترك الدعوة لهذا السبب وخصوصاً حين يواجه النقد والتذمر الدائم من الناس وعدم مراعاة الداعية، وتقدير جهوده المبذولة من أجل الدعوة وإن كان الإنسان لا ينتظر الثناء من الناس ولكن ألا يصاب بالإحباط بعد أن يواجه مثل ذلك؟
كما أن الجانب النسائي يواجه أحياناً صعوبة في تنفيذ بعض الأمورالدعوية التي تحتاج إلى مساندة من الشباب، وأحيانا يتعاون الشباب ولكن وهم راغمون أو بدون نفس وتكون مبادراتهم في آخر الوقت.
فماذا علينا أن نفعل في مثل ذلك؟.
وأعتذر مجدداً على الإطالة، وأنتظر رأيكم بفارغ الصبر، فأنا في حيرة من أمري ، داعية رب العزة أن يجزيكم عني خير الجزاء ببذلكم في سبيل إصلاح الأمة.
السؤال2008/11/13التاريخالدعوة النسائية, الدعوة والحركة, زاد الدعاة الموضوع
الأستاذ مصطفى كمشيش المستشارالطاعات menu_02.gif
الحل
إبنتي الكريمة: أسأل الله أن يتقبل منك وأن يديمك على طاعته، فكم من الفتيان والفتيات في زماننا قد انشغلوا بتوافه الأمور (أحدث الرنات للمحمول، وأحدث الموضات للملابس، وأحدث قصات الشعر، وآخر أغنية وآخر فيلم وآخر مسلسل، وغير ذلك من الأواخر!!)، وقد أنعم الله عليك بالانشغال بعظائم الأمور والمهمات، فشكر الله لك وأحسن إليك.
وأسأل الله أن يوفقني وإياك في حسن الإجابة والعمل بها وفق ما يرضيه سبحانه.
وتسألين ابنتي عن ثلاثية من الأعمال تبتغين: (العبادة، وحفظ القرآن، والدعوة إلى الله)، وثلاثية من الهموم تحتارين:
(متطلبات الدعوة تارة، والخواء الروحي تارة ثانية، وعدم تقدير الجهود تارة ثالثة)،
وثلاثية من النتائج تخافين:
(التشتت، والتفكير في ترك الدعوة، والإحباط).. ولم يرد في سؤالك ذكر ثلاثية أخرى:
(الدعوة، والبيت، والعمل) قد تحيط بك الآن أو لاحقا.
وجوابي يا ابنتي يتلخص في قول الله:
{فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولٰئك هم المفلحون} [التغابن:16]، يقول ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى
{فاتقوا الله ما استطعتم} أي جهدكم وطاقتكم.. كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه".
ولقد نصح النبي (صلى الله عليه وسلم) من خشي على نفسه تغير حال عن حال، فقال له: (ساعة وساعة) وهذه التي سماها أساتذة الإدارة (فيما بعد) بالتوازن، وهي ليست ساعة في الطاعة وساعة في المعصية (كما يفهم بعض العامة) إنما هي ساعة بين
(مجالسة رسول الله "صلى الله عليه وسلم") و(مجالسة الأزواج والأبناء والانشغال بالأعمال)، فهي ساعة بين (حلال وحلال)، وليست ساعة بين (حلال وحرام).
وفي نصح سلمان لأبي الدرداء: "أعط كل ذي حق حقه"، هو جوهر هذا التوازن.. والأمر كله يا بنتي موكول إلى الله الذي يعلم السر وأخفى، ويطلع على نوايانا وصدقنا في الانتقال من خير إلى خير، ومن طاعة إلى طاعة، بلا هوى ولا حديث نفس.
وميزان ذلك هو (واجب الوقت)، وليس (محبوب النفس).. فقد جاء في تهذيب الكمال من قول إبراهيم بن شماس: (رأيت أفقه الناس، وأورع الناس، وأحفظ الناس: فأما أحفظ الناس فابن المبارك، وأما أورع الناس فالفضيل بن عياض، وأما أفقه الناس فوكيع بن الجراح)، وهو يتفق مع قول عبد الله بن المبارك في تهذيب الكمال أيضا: (إن الفضيل بن عياض صدق الله فأجرى الحكمة على لسانه فالفضيل ممن نفعه علمه).
ومع ذلك جاء في (طبقات الشافعية الكبرى) شعرا منسوبا لعبد الله بن المبارك (وفيما يبدو أنه كان في جهاد) موجها إلى الفضيل بن عياض (رحمهما الله):
يا عابـد الحرمين لو أبصرتنا *** لعلمت أنك في العبادة تلـعب
من كان يخضب خده بدموعه *** فنحـورنا بدمائنا تتخضـب
ريح العبير لكم ونـحن عبيرنا *** رهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا عن مـــقال نـبينا *** قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي غبار خيـل الله في *** أنف امرئ ودخان نار تلـهب
هذا كتـــاب الله ينطق بيننا *** ليس الشهيد بــميت لا يكذب
وهذه الرواية (إن صحت) ليست احتقارا لعبادة الفضيل وجعلها لعبا وعبثا، إنما هي لبيان (واجب الوقت).. وأصح من ذلك وأولى قول ربنا:
{ وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا * فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } [النساء: 102 - 103].
يتضح من الآية الأولى بيان صلاة الخوف في وقت الجهاد وما فيها من (رخصة) في عدد الركعات، وغياب الخشوع (كيف يكون خاشعا من يأخذ حذره وقد يلتفت يمنة ويسرة يترقب العدو!!)، ولذلك جاء في تفسير ابن كثير عن الذكر المأمور به المسلم بعد هذه الصلاة: يأمر الله تعالى بكثرة الذكر عقيب صلاة الخوف وإن كان مشروعا مرغبا فيه أيضا بعد غيرها، ولكن هاهنا آكد لما وقع فيها من التخفيف في أركانها ومن الرخصة في الذهاب فيها والإياب، وغير ذلك مما ليس يوجد في غيرها.
وهنا كان (واجب الوقت) هو الجهاد.. فجعل الله للمجاهدين رخصا في الصلاة تتعلق بتمامها وخشوعها.
ثم ذكر ابن كثير تفسيرا لقول الله:
{فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة}، أي فأتموها وأقيموها كما أمرتم بحدودها وخشوعها وركوعها وسجودها وجميع شئونها، وكأن الصلاة الأولى (ليست الصلاة الطبيعية التي أمر الله بها عباده).
من هنا نستخلص أن الإنسان وهو في طاعة قد يؤثر ذلك على تمام طاعة أخرى، والفيصل هنا هو (واجب الوقت) فإن قمنا به وتأثر (نسبيا) عمل آخر (في حدود المسموح به) فقد يكون ذلك أرضى لله سبحانه.
ولذلك أرى أن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى هي: واجب وقتنا هذا خاصة، وواجب كل وقت عامة، فقد قال الله سبحانه:
{ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين} [فصلت:33].
روى ابن كثير في تفسيره: (وهذه عامة في كل من دعا إلى خير وهو في نفسه مهتد).
وأرى أنها خاصة الآن، حيث تتساقط رايات الباطل راية تلو راية (فقد سقطت الشيوعية، وللأسف لم يكن المسلمون على استعداد لتسلم راية القيادة، وها هي الرأسمالية تتهاوى، وللأسف ليس لدينا (أهلية) الآن أيضا لرفع رايتنا نحن، فالإسلام قدم الحل لمشكلات العالم قديما وحديثا، فإذا صادف ذلك مسلمين يقدمون (شهادة عملية لهذا الدين) تحقق المراد.. كما قال الله سبحانه: {هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين} [الأنفال:62].
وقد تحقق ذلك قبل أن تتهاوى قلاع الشرك وتسقط رايات الفرس والروم، فوجدت رجالا أفذاذا شهدوا لهذا الدين (أروع شهادة عملية)، فرفعوا راية التوحيد دحرا لكل رايات الباطل؛ لأنه قد تسقط راية باطل فيتلقفها باطل آخر، كما حدث عند سقوط إمبراطوريتي فرنسا وإنجلترا (بعد الحرب العالمية الثانية) فتلقفها الروس والأمريكان.
وقد حسمها الله بقوله: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة} [البينة:1].. ونحن في أشد الحاجة إلى حسن تقديم (هذه البينة) بأروع شهادة عملية.. حتى ينفك أهل الباطل عن الباطل.. إذ كيف يتبع قوم قوما آخرين وهم يرونهم في حالة متخلفة (أخلاقيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا)؟.. وقد كان عجيبا في هذا القرآن المعجز أن يصف الله رسوله وقرآنه (أي رسالته) بالبينة.
فإذا تأثرت طاعة (في حدود المباح) عند القيام بواجب الدعوة، فميزان ذلك عند الله، فمن الناس من يستطيع الجمع الفريد بين الطاعات، كما جاء في صحيح مسلم من حديث ‏أبي هريرة ‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‏"‏من أصبح منكم اليوم صائما؟ قال ‏أبو بكر ‏أنا، قال فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال ‏أبو بكر أنا، قال فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ قال ‏أبو بكر ‏أنا، قال فمن عاد منكم اليوم ‏مريضا؟ ‏‏قال ‏أبو بكر ‏أنا، فقال رسول الله ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة".
و(همة أبي بكر) نتطلع لها (نعم) ونتواصى بها (نعم)، لكن لا يقاس عموم الناس بها، وقد جاء في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة ‏عن النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏قال: ‏(‏إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا‏ غلبه، ‏فسددوا ‏وقاربوا ‏‏وأبشروا واستعينوا ‏‏بالغدوة والروحة ‏‏وشيء من ‏ ‏الدلجة).
‏والسداد هو التوسط في العمل، وقاربوا إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه، وأبشروا أي بالثواب على العمل الدائم وإن قل، والمراد تبشير من عجز عن العمل بالأكمل بأن العجز إذا لم يكن من صنيعه لا يستلزم نقص أجره، وأبهم المبشر به تعظيما له وتفخيما.
يقول شراح الحديث إن ‏مناسبة إيراد المصنف لهذا الحديث عقب الأحاديث التي قبله، والتي تضمنت الترغيب في القيام والصيام والجهاد، فأراد أن يبين أن الأولى للعامل بذلك أن لا يجهد نفسه بحيث يعجز وينقطع، بل يعمل بتلطف وتدريج ليدوم عمله ولا ينقطع.
وأود ختاما أن أقول لك يا ابنتي: لعل النبي
(صلى الله عليه وسلم) قد عدد أوقات العمل ما بين غدوة وروحة تفاديا للملل، وجعل الله لنا أبوابا من الخير كثيرة؛ لأن الله يعلم (وهو الخالق سبحانه) أن الناس يتفاوتون في القدرات والمواهب والهمم والعزائم؛ فنوع الله لهم الطاعات، ولم يقصرها على طاعة واحدة، وفي ذلك يقول ابن القيم: علم الله منك الملل، فلون لك الطاعات.
فانتقلي ابنتي من طاعة إلى طاعة حسبما تستطيعين، وحسبما يكون واجب الوقت.. ومن المهم جدا التنبيه على الإفراط في واجب إلى الحد الذي يهدر واجبات أخرى (كالذي يهجر القرآن بزعم التفرغ للدعوة.. فبماذا ندعو الناس إذن؟) أو الذي يتفرغ لحفظ القرآن تاركا دعوة الله، فهل يصح ترك أهل الباطل يعملون في الساحة وحدهم؟! وهكذا.
وإن شاء الله مأجورة على نيتك في حفظ القرآن إن لم تدركي حفظه كاملا.. ومأجورة على كل عبادة لم تأت على وجهها الأكمل إن كانت قد تأثرت بسبب (واجب الوقت).
ومن المهم إدراك أن ذلك كله تعبدا لله، وإن استطعت (تجنبا للملل) أن تنتقلي من (طاعة) إلى (طاعة) سعيا لإدراك كل أبواب الخير
(في توازن بديع) فبها ونعمت.
كتبت : بحر الجود
-
كتبت : jannah1
-
كتبت : طباخة ماهره
-
[BIMG]http://file13.9q9q.net/local/thumbnail/98566234/600x600.gif[/BIMG]
كتبت : عاشقة المصطفى
-
وجودكن أسعدني وأضاء صفحتي فلكن الشكر(^_^)


التالي

جريمة في دبي.. تزيدك معرفة بنعمة الاسلام

السابق

التوفيق بين الدعوة والدراسة

كلمات ذات علاقة
الوان , الطاعات