معنى قوله تعالى : ( ولا تنس نصيبك من الدنيا )

مجتمع رجيم / القرآن الكريم وعلومه
كتبت : بحر الجود
-

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




السؤال

ما معنى الآية
(وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا)

الجواب

الحمد لله
لأهل العلم في تفسير هذه الآية


قولان مشهوران

القول الأول
أن المعني

لا تنس نصيبك مما أباح الله لك فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح
فإن لربك عليك حقًّا ، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقا .
"تفسير ابن كثير" (6/253) .


وهذا قول الحسن وقتادة وابن جريج .
وقد سئل الإمام مَالِكٌ رحمه الله

عَنْ هذه الآية فَقَالَ :
(أَنْ يَعِيشَ وَيَأْكُلَ وَيَشْرَبَ غَيْرَ مُضَيِّقٍ عَلَيْهِ
فِي رَأْيٍ)
انتهى .
"المنتقى" (4 / 302) .

ويؤيده قوله تعالى قبلها :
( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ )
أي

استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة ، في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات ، التي يحصل لك بها الثواب في الدار الآخرة ، ولا تنس مع ذلك نصيبك من الدنيا .

فلا نأمرك أن تتصدق بجميع مالك وتبقى ضائعا ، بل أنفق لآخرتك ، واستمتع بدنياك استمتاعا لا يضر دينك

ولا يضر بآخرتك .

راجع

"تفسير الطبري" (19 / 625) -
"تفسير ابن كثير" (6/253) –
"زاد المسير" (6/241) -
"تفسير السعدي" (ص/623) .

"والإسلام وسط في العمل للدنيا والآخرة ، فكل منهما عبادة لله تعالى ، وتحقيق لغاية الوجود الإنساني ضمن شروط معينة ، بينما تأرجحت المذاهب الأخرى بين الاهتمام بالنواحي المادية الذي يظهر في المدنية الغربية الحديثة ، وأصبح معبودها هو المال والقوة والرفاهية والرقي المادي -

وبين الإزراء بهذا الرقي المادي والمتاع الدنيوي كما هو الشأن في المذاهب التي تدعو إلى الرهبنة وتعذيب الجسد من أجل الروح وتهذيبها للوصول إلى مرحلة الفناء ، أما الإسلام
فيقول الله تعالى
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) البقرة /201
وقوله
(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)
القصص/77 " .
"بحوث ندوة أثر القرآن في تحقيق الوسطية ودفع الغلو"

(ص/400) .

والقول الثاني
لا تنس نصيبك من الدنيا بأن تعمل فيها للآخرة .
وهذا القول اختاره أكثر المفسرين

وهو قول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما .
قال الشوكاني
"قال جمهور المفسرين : وهو أن يعمل في دنياه لآخرته ، ونصيبُ الإنسان : عمرهُ وعملُه الصالح . قال الزجاج : معناه : لا تنس أن تعمل لآخرتك ، لأن حقيقة نصيب الإنسان من الدنيا الذي يعمل به لآخرته" انتهى .
"فتح القدير" (4/266) .


وعن مجاهد قال : عمرك تعمل فيه لآخرتك .

"تفسير ابن أبى حاتم" (9 / 3010) .
وقال مجاهد أيضا : لا تترك أن تعمل في الدنيا للآخرة حتى تنجو من العذاب

لأن حقيقة نصيب الإنسان من الدنيا
أن يعمل للآخرة .
"تفسير البغوي" (6 / 221) .


وقال عون بن عبد الله : إن قوما يضعونها على غير موضعها (وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا) :
تعمل فيها بطاعة الله .
"تفسير الطبري" (19 / 524) .


وقال الطبري يقول

ولا تترك نصيبك وحظك من الدنيا
أن تأخذ فيها بنصيبك من الآخرة
فتعمل فيه بما ينجيك غدا من عقاب الله .

"تفسير الطبري" (19 / 524) .
وقال القرطبي : "اختلف فيه

فقال ابن عباس والجمهور
لا تضيع عمرك في ألا تعمل عملا صالحا في دنياك ؛ إذ الآخرة إنما يعمل لها ، فنصيبُ الإنسان : عمره وعمله الصالح فيها
فالكلام على هذا التأويل شدة في الموعظة .

وقال الحسن وقتادة

معناه : لا تضيع حظك من دنياك في تمتعك بالحلال وطلبك إياه ، ونظرك لعاقبة دنياك . فالكلام على هذا التأويل فيه بعض الرفق به وإصلاح الأمر الذي يشتهيه"
انتهى .
"الجامع لأحكام القرآن" (13 / 314) .

ولا منافاة بين القولين فالمؤمن لا ينسى نصيبه من الدنيا ـ فيتمتع بها تمتعاً مباحاً

لا يجره إلى الحرام ، ويستعين بهذا المباح على طاعة الله تعالى
فهو ترويح عن النفس ، واستجماع لنشاطها .
والمؤمن لا ينسى نصيبه من الدنيا

وهو عمله الصالح الذي سيصحبه في قبره ، ولهذا أثنى الله تعالى على من يدعو قائلاً : (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )
البقرة/201 .

قال ابن كثير

" فجمعت هذه الدعوةُ كلَّ خير في الدنيا ، وصرَفت كلّ شر ؛ فإن الحسنة في الدنيا تشملُ كلّ مطلوب دنيوي ، من عافية ، ودار رحبة ، وزوجة حسنة ، ورزق واسع ، وعلم نافع ، وعمل صالح ، ومركب هنيء ، وثناء جميل ، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عباراتُ المفسرين ، ولا منافاة بينها ، فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا .
وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك

دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العَرَصات ، وتيسير الحساب
وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة "
انتهى .
"تفسير ابن كثير" (1/558) .
والله أعلم

الإسلام سؤال وجواب

كتبت : ياحبي لي
-
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)


كتبت : همس الأثير
-
الله يجزآك ِ خير
كتبت : سنبلة الخير .
-
بارك الله فيكِ وجزاك الله عنا كل خير
كتبت : بحر الجود
-
class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة ياحبي لي:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)



أختي مروركِ اسعدني
وأنتظره دائماً
كوني بالقرب دائماً لكِ كل الود
بحر الجود
كتبت : بحر الجود
-
class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة همس الأثير:
الله يجزآك ِ خير

تسلمين يالغلا طلتكِ زادتنا سعادة الله يسعدكِ وييسر أمركِ
الصفحات 1 2 

التالي

" إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورًا "1

السابق

الهجر الجميل و الصفح الجميل و الصبر الجميل

كلمات ذات علاقة
معنى , الدنيا , تعالى , بنص , ولا , نسختك , قوله