حملة الدفاع عن أم المؤمنين عائشه " رضى الله عنها " دعوة للمشاركة

مجتمع رجيم / ملتقى داعيات منتدى ريجيم
كتبت : سنبلة الخير .
-


اخواتي مشرفات وعضوات منتدى رجيم

الكل علم بالهجمة الشرسة التي اقامها الرافضة في العشر الاواخر من شهر رمضان على امنا عائشه " رضى الله عنها "
لعنهم الله

الطاهرة العفيفة الحبيبة الى قلب رسول الله " صلى الله عليه وسلم "

من هذا الباب فكرنا في عمل هذه الساحة
وسوف نعرض فيها كل شي عن ام المؤمنين عائشه " رضى الله عنها "
ونقوم بوضع المواضيع التي تم تنزليها في منتدى رجيم
ونستقبل كل مشاركة منكن سواء كان تصميم او كتاب او محاضرة او شعر
ونسال الله التوفيق والسداد
ابنة الحدباء
كتبت : randoda
-



بارك الله فيكى اختى

اسعدنى ان اكون اول من ترد على هذا الموضوع الرائع

فعلا يجب علينا جميعا العمل لصد هذا الهجوم على اطهر نساء العالم امنا جميعا

حبيبتنا و حبيبة رسول الله امنا عائشة

و باذن الله ساشارك معكم باللى اقدر عليه

و هذا اول عمل فلاش لانشودة امى لا تحزنى

و باذن الله ساقوم بعمل المزيد

http://www.5liji.org/uploads/files/5liji5a36fa85c5.swf

[flash=http://www.5liji.org/uploads/files/5liji5a36fa85c5.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash]

كتبت : سنبلة الخير .
-


سيرة السيدة عائشه " رضى الله عنها "


أن خولة بنت حكيم ، اقترحت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوَّج عائشة بنت أبي بكر ، إن فَعَلَ هذا تمتَّنت هذه الصلة بينه وبين أحب الخلق إليه ؛ إنه سيدنا الصديق رضي الله عنه .
والحقيقة أن الزواج يقرِّب ، الزواج أحد أكبر وسائل التقارب بين الأسر ، لأن علاقة النسب، وعلاقة الزواج ، هي من أقدس العلاقات على الإطلاق ..
align="left"> ( سورة النساء )

ميثاقاً غليظاً ، قالوا : هذا الميثاق الغليظ هو عقد الزواج الذي هو أقدس عقدٍ على الإطلاق.
الآن ... ندع الحديث للسيدة خولة بنت حكيم تحدثنا عن هذه الخطبة.
تقول : دخلت بيت أبي بكر فوجدت أم رومان ، زوجته ـ أي أم عائشة ـ فقلت لها : ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة ، قالت : وما ذاك ؟ فقالت : أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم لأخطب له عائشة.
فأقول لكم بصراحة إذا سخَّر الله إنساناً ليكون شفيعاً بين زوجين ، يدخل على قلب الأسرتين كل السرور ، ففرحة من أفراح الدنيا الكبيرة أن الله سبحانه وتعالى سخَّر لابنتك شاباً مؤمناً ، الشاب المؤمن إن أحبها أكرمها، وإن لم يحبها لم يظلمها ، من نِعَم الله الكبرى أن يمنحك الله زوجاً لابنتك من ذوي الخلق ، من ذوي الحسب ، من ذوي التديُّن الصحيح ، هذه نعمةٌ كبرى.
لذلك كل من يُسهم في التوفيق بين زوجين ، أو يسهم في إنشاء زواجٍ ميمون ، مبارك ، إسلامي ، له عند الله أجرٌ كبير ..
" مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا "* align="left"> ( من صحيح البخاري )
فهذه الأسرة التي تقوم على التفاهم ، والمودة ، وإنجاب الأولاد ، وتربية الأولاد الذين يُرجى أن يكونوا الأولاد عناصر طيِّبة في المجتمع ، كل هذا المشروع الضخم ، في صحيفة من سعى بزواج الزوج بالزوجة .
مرة حدثني أخ فقال : نحن الآن خمسة وثمانون شخصاً ، أساسهم زوج وزوجة ، طبعاً أنجبوا أولاداً ، وزوَّجوا أولادهم ، كما أنجبوا بنات ، وزوجوا بناتهم ، الأولاد والبنات ، وأولاد الأولاد ، وأولاد البنات ، وأصهار بنات الأولاد ، وأصهار بنات البنات ، عددهم خمسة وثمانون شخصاً ـ إذا كانت أسرةٌ صالحةٌ ، أب راقٍ ، تربية عالية ، انضباط ، التزام ، النساء كلهن محجَّبات ، الأصهار كلهم ديِّنون ـ فمن بصحيفته كل هذا الخير ؟ الذي كان له شفاعة حسنة بهذا الزواج ، من هنا قال عليه الصلاة والسلام :
" من أفضل الشفاعة أن تشفع بين اثنين في نكاح " . align="left"> ( من الجامع الصغير : عن " أبي رهم " )
لا تقل كما يقول الشياطين :" امش بجنازة ولا تمشي بجوازة ".
ورد بالأثر أنه من مشى بتزويج رجلٍ بامرأةٍ كان له بكل كلمةٍ قالها ، وبكل خطوةٍ خطاها عبادة سنةٍ قام ليلها ، وصام نهارها . لا تزهد أن تكون شفيعاً بين زوجين ، لا تزهد أن تسعى لإقناع زوجٍ بشابةٍ مؤمنة ، لا تزهد أن تسعى بإقناع شابةٍ مؤمنةٍ بزوجٍ طاهر ، لا تقل : ليس لي علاقة، الأفضل لي ألا أتدخل . هذا كلام الشيطان .
" الْمُسْلِمُ إِذَا كَانَ مُخَالِطًا النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنَ الْمُسْلِمِ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ " * align="left"> ( من سنن الترمذي : عن " يحي بن وثاب " )
الحياة دار ابتلاء ، اصنع المعروف مع أهله ومع غير أهله ، فإن أصبت أهله أصبت أهله، وإن لم تصب أهله فأنت أهله .
قالت : وما ذاك ؟ قالت : أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم لأخطب له عائشة . فقالت : وَدِدْتُ . والله شيء جميل ، سيد الخلق ، فإذا الإنسان جاءه صهر دكتور ، يظل يعيدها مليون مرة ، صهرنا دكتور . خير إن شاء الله أهلاً وسهلاً ، صهرنا مهندس ، صهرنا عنده معمل ، انظر إلى الأب والأم إذا زوَّجوا ابنتهم من شخص مهم فهذا شيء جدير بالتنويه والاهتمام، لا يفتؤون يتحدثون عن شهاداته ، وعن علمه ، وعن أخلاقه ، وعن مستقبله المرتقب إذاً شيء كبير جداً أن يكون النبي صهراً لهذه الأسرة .
لذلك العلماء قالوا : طالب العلم كفؤٌ لأي فتاة . طالب العلم ، يعرف ما له وما عليه .
قالت : وددت ، انتظري أبا بكرٍ فإنه آتٍ ـ انظر الأدب مع الزوج لكن بأيامنا هذه الزوجة هي التي ترفض أو توافق ، وتقول أنا أُقنعه ـ وجاء أبو بكر ، فقلت له : يا أبا بكر ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة ؟ أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم لأخطب له عائشة . تصوروا ماذا قال ؟ قال الصديق رضي الله عنه :
وهل تصلح له ؟ ـ رأى مقامه أكبر بكثير من أن تكون عائشة الصغيرة زوجته ، وهل تصلح له ؟ ـ إنما هي بنت أخيه .
فرجعت إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقلت له ما قال أبو بكر . فقال عليه الصلاة والسلام:
" ارْجِعِي إِلَيْهِ فَقُولِي لَهُ أَنَا أَخُوكَ وَأَنْتَ أَخِي فِي الإِسْلامِ وَابْنَتُكَ تَصْلُحُ لِي فَرَجَعَتْ "* align="left"> ( من مسند أحمد : عن " السيدة عائشة " )
فأتيت أبا بكرٍ فذكرت له ذلك ، ـ فبرزت مشكلة ترفع مقام سيدنا الصديق للأوج ـ قال : انتظريني حتى أرجع .
قالت أم رومان توضِّح الموقف لخولة : إن المطعم بن عدي كان قد ذكر عائشة على ابنه زبير ، ولا والله ما وعد أبو بكرٍ شيئاً قط فأخلف .
ذكر المطعم بن عدي أنه يرغب في أن يزوِّج ابنه زبير من عائشة ، سيدنا الصديق ما أقر ولا نفى ، ولكن سكوته شبه وعد ، فلا يقدر أن يبت في الأمر ، للوفاء بالوعد ، الزبير بن المُطعم بن عدي هل يوزن مع رسول الله ؟ الوفاء والعهد هو الدين ، فأنا أتصور أن سيدنا الصديق كاد يتمزَّق إن فاتته فرصة زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة ، أو لم يخطر في باله أبداً أن يخطب النبي عليه الصلاة والسلام ابنته عائشة. طبعاً كل أب إذا جاءه شاب جيد وأعلن عن رغبته فمن الممكن أن ترحب وبالترحيب يصير شبه وعد ، لا يستطيع أن يقول نعم للنبي حتى يُنهي هذه المشكلة ، فذهب من توِّه إلى المطعم بن عدي .
دخل أبو بكر على مطعم وعنده امرأته أم زبير ، وكانت مشركةً ، فقالت العجوز : يا ابن أبي قحافة لعلنا إن زوَّجنا ابننا من ابنتك أن تصبئه وتدخله في دينك الذي أنت عليه .
نحن عندنا مشكلة معك ، نخاف أن نزوِّج ابننا من ابنتك فتصبئه معك وتدخله في دينك ، هذا كلام الزوجة ، سيدنا الصديق لم يرد عليها إطلاقاً بل التفت إلى زوجها المُطعم فقال : ما تقول هذه ؟ ـ أي أنت موافق؟ هل حقاً تخاف إن زوَّجت ابنك ابنتي أن يدخل معي في الإسلام؟ ـ فقال : إنها تقول كذلك . أي أيدها ، ووافقها ، واعتمد قولها .
فخرج أبو بكرٍ رضي الله عنه وقد شعر بارتياحٍ لما أحلَّه الله من وعده ، وعاد إلى بيته فقال لخولة : ادعِ لي رسول الله .
يبدو أن هناك تقليداً في الحياة العربية أن الخاطب لابد من أن يأتي إلى بيت المخطوبة هكذا، انظر إلى الموقف الأخلاقي :
" لا إِيمَانَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لَهُ وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ "* align="left"> ( من مسند أحمد : عن " أنس بن مالك " )
أنا قرأت عن الصحابيِّات الجليلات كثيراً ، لكن لفت نظري إحدى الصحابيات ، عندها خمسة أولاد ، وقد خطبها النبي صلى الله عليه وسلم ، أيَّة امرأةٍ أتيح لها أن تكون أم المؤمنين فترفض ؟! أية امرأةٍ يمكن أن تكون السيدة الأولى في المجتمع فترفض ؟!!
قالت : " يا رسول الله عندي أولادٌ خمسة أخاف إن رعيتُ مصالحهم أن أقصر في حقك ، وأخاف إن رعيتُك أن أقصِّر في حقِّهم ، فأنا لا بدَّ ظالمة " واعتذرت . فقال عليه الصلاة والسلام:
" يرحمك الله إن خير نساء ركبن أعجاز الإبل صالح نساء قريش أحناه على ولد في صغر وأرعاه على بعل بذات يد ". align="left"> ( من مسند الإمام أحمد : عن " عبد الله بن عباس " )
ما هذه المواقف ؟ فسيدة يتاح لها أن تكون السيدة الأولى ، يتاح لها أن تكون أم المؤمنين ، يتاح لها أن تكون زوجة رسول الله ، فتحتار لابد من أن أظلم زوجي أو أولادي ، فأرادت أن ترعى أولادها ، وقد فوَّتت حظها من أن تكون أمّ المؤمنين ، هذه الجنة لمثل هؤلاء .
امرأة في الطريق رأت عالماً أزهرياً قالت له : يا سيدي أيحق للنبي عليه الصلاة والسلام أن يقول عنا ناقصات عقلٍ ودين؟ ـ أله حق؟ ـ هذا العالم الأزهري فطن قال لها : والله ما له حق ، لكن هذا الكلام ليس لكُنَّ ، هذا الكلام للصحابيات أما أنتن فلا عقل ولا دين . ناقصات عقل ودين ، هذه الجملة للصحابيات ، أما أنتن لا عقل ولا دين . فامرأة تفوِّت أعلى نصيب في حياتها، فورد في الأثر :
" أول من يمسك بحلق الجنة أنا فإذا امرأة تنازعني تريد أن تدخل الجنة قبلي ، قلت : من هذه يا جبريل ؟ قال : هي امرأةٌ مات زوجها وترك لها أولاداً فأبت الزواج من أجلهم " .
شيء لا يصدَّق لأنها رعت أولادها تنازع رسول الله دخول الجنة ، لذلك أنا حينما أرى أماً تهتم بأولادها ؛ بطعامهم ، بصحتهم ، بلباسهم ، بترتيب غرفتهم ، بمراعاة حاجتهم ، بمراقبتهم ، بالعناية بأخلاقهم إلى أن يصبحوا شباباً من الدرجة الأولى ، هذه أم في أعلى المقامات ، لذلك الإسلام فيه صلاة وحج وصوم وزكاة ، وتكاليف كثيرة ، لكن أعلى شيء في الإسلام ذروة سنام الإسلام ، يعني أن أعلى نقطة في سنام الإسلام : الجهاد ، يقول عليه الصلاة والسلام :
انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله ـ أي الجهاد في سبيل الله ـ " . align="left"> ( من كنز العمال : عن : أسماء بنت يزيد " )
والله لا أعتقد أن امرأةً من بين ألف امرأةٍ تعي هذا الحديث ، والنبي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى ، وها أنا أضرب مثلاً ولا أعرف :
لو أن امرأةٍ ثابرت على قيام الليل ، وصلَّت ما شاء لها أن تصلي ، وقرأت القرآن ، واستغفرت ، وذكرت الله ، وفي الساعة السادسة صباحاً تعبت ، فألقت رأسها على الوسادة لتنام ، وأولادها ينبغي أن يستيقظوا بعد قليل ، وأن يأكلوا، وأن يرتدوا ثيابهم ، فأهملتهم وقالت لهم : قوموا وحدكم، كلوا واشربوا واذهبوا إلى مدارسكم ، فأنا بالمقياس الديني الحقيقي أنّ هذه امرأةٌ ما عبدت ربها ؛ لأنها أهملت أولادها .
ولو استيقظت قبل شروق الشمس بنصف ساعة ، وصلت الفجر ، واهتمت بأولادها ، فهيَّأت لهم الطعام ، وراقبت ارتداءهم ثيابهم ، وراقبت أعمالهم ، وأرسلتهم إلى المدرسة ، وبعدها ألقت رأسها على الوسادة فإنها عند الله أفضل ألف مرة من هذه التي عبدت وأهملت .
كل إنسان يعبد الله ، فيما أقامه ، شيء خطير أقوله : كل إنسان ينبغي أن يعبد الله فيما أقامه، أقام هذه الإمرأةً زوجةً ؛ فأعلى عبادةً لها أن ترعى حق زوجها وأولادها ، أقامك غنياً ؛ أرقى عبادةً لك أن تنفق هذا المال في سبيل الحق ، أقامك قوياً ؛ أقوى عبادةٍ لك أن تنصف المظلوم، أقامك أميراً ؛ عليك أن تعدل ، أقامك عالماً ؛ عليك أن تُلقي العلم بسخاء من دون تردد، كل إنسان ينبغي أن يعبد الله فيما أقامه الله .
فلو فرضنا مدير ناحية ـ منصب إداري ـ يقوم الليل ويذكر ويقرأ القرآن ، و ، و ، وأهمل عمله ، لكان أولى له أن يسهر ليحل مشكلات الناس ، وأن ينصف بينهم ، ويتابع قضاياهم، فهناك سارق ، وهناك إنسان منحرف ، وتلك عصابة فساد ، إذا تتبَّع مهام عمله وأدَّاها على خير ما يكون ، فهو يعبد الله ، فيجب أن تعبد الله فيما أقامك .
ويجب أن تعبده في الظرف الذي وضعك فيه ؛ عندك ضيف ، عبادة الله أن تُكرم هذا الضيف ، تهيئ له منامه ، طعامه ، شرابه ، الأب مريض؛ عبادة الله أن تمرِّض أباك ، أن ترعاه، عندك ابن يحضّر للامتحان ؛ عبادة الله أن تعتني بابنك أثناء الامتحان ، عندك زوجة مريضة ، يجب ان تعبد الله فيما أقامك وفي الظرف الذي وضعك فيه ، فأنت بذلك أديت المهمة على ما ينبغي .
سيدنا الصديق ، أنا أتصور دخل على قلبه من الفرح ما لا يصفه إنسان ، ومع ذلك مرتبط بوعد . قال لها : انتظري . الله عز وجل هيأ الجو ، وتكلمت هذه المرأة المشركة فقالت : أنا أخشى إن زوجتُ ابني ابنتك أن تدخله معك في دينك . تركها ، ما تقول يا رجل ؟ يعني زوجها، قال : كما قالت . إذاً انتهى الموضوع .
فقال لخولة : ادع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمضت خولة إلى الرسول الكريم فدعته ، فجاء بيت صديقه أبي بكر ، فأنكحه عائشة وهي يومئذٍ بنت ست سنين أو سبع ـ طبعاً لم يقع زواج لكن جرى عقد ـ وكان صداقها خمسمئة درهم ...
" أعظم النساء بركةٍ على زوجها أقلهن مؤنةً " . align="left"> ( من الجامع الصغير )
" إن أعظم النساء بركة أصبحهن وجوها وأقلهن مهرا " . align="left"> ( من تخاريج أحاديث الإحياء : عن " السيدة عائشة " )
ولا يذكر التاريخ عنها إذ ذاك إلا أنها خطبت لزبير بن مطعم ، وأبوها أبو بكر بن قحافة ، وأمها أم رومان بنت عمير بن عامر من بني الحارث بن غنم بن كنان .
قال : عُرفَ قومُ عائشة ، وهم بنو تميم بالكرم ، والشجاعة ، والأمانة ، وسداد الرأي ، كما كانوا مضرب المثل في البر بنسائهم ، والترفُّق بهن ، وحسن معاملتهن .
فهناك أسر عريقة عندهم الزوجة مكرمة ـ الكنة ـ شابة مكرمة ، تعامل كبنت من بنات الأسرة ، وهناك أسر خسيسة تقسو في معاملة زوجة ابنها قسوةً لا حدود لها ، وكأنها خادمة ، وكأنها إنسانة أجيرة ، فالإنسان كلما ارتقى ، كلما ارتقت معاملته .
وهذه كلمة حق أقولها لكم : والله أيها الإخوة في الإسلام مقياس لو طبَّقه الناس لما وجدت أية مشكلة ؛ عامل الناس كما تحب أن يعاملوك ، عامل زوجة ابنك ، كما تحب أن تعامل أسرةٌ ابنتك إذا كانت فيهم . هذا مقياس ، لا يخيب أبداً ، أنا أذكر طرفة لكنها واقعة :
امرأة اشترى ابنها آلة كهربائية مريحة لزوجته ، وهو يسكن مع أمه ، فأقامت عليه النكير، أقامت الدنيا على رأسه ، لماذا هذا الإسراف ؟ لا تستأهل هذه المرأة هذه الغسالة ، وفي اليوم نفسه اشترى صهرها لزوجته غسالة مشابهة ، أثنت عليه : "الله يرضى على فلان ، ريّح لي ابنتي ." أرأيتم إلى هذا التناقض ، والله أيها الإخوة : لو أن الإنسان خرج عارياً وهذا أمر بشعٌ جداً ، والله أهون من أن يتناقض كلامه وسلوكه .
مرة كنت في محل تجاري ـ ولا أنسى هذا الموقف ـ شاب في الصف الثامن بائع أقمشة، فحمله صاحب المحل أثواباّ ؛ أول ثوب ، وثاني ثوب ، وثالث ثوب ، ورابع ثوب . حتى لم يستطع الحمل ، قال له : لا أقدر . قاله له : أنت شاب فلا تقل لا أقدر. وبالوقت نفسه حمل ابنه ثوباً واحداً فقال له : احترس على ظهرك . أرأيت إلى هذه العنصرية فقد خاف على ظهر ابنه من ثوب واحد ، أما الأخير حمله ما علمتم .
وها أنا ذا أقول لكم هذه الكلمة : والله لن تكون مؤمناً إلا إذا عاملت الغريب كما تعامل ابنك، ولن تكون مؤمناً إلا إذا عاملت زوجة ابنك كما تعامل ابنتك . هذا هو الإيمان ، أما تلك التفرقة فهي مرذولة حقاً، العالم الآن سيخرج من جلده من الأقوياء الذين يكيلون بمكيالين ، تجد عندهم تساهلاً ما بعده تساهل ، وقسوة ما بعدها قسوة ..
قتل امرئٍ في غابةٍ .. جريمةٌ لا تغتفر
وقتل شعبٍ آمنٍ .. .. مسألةٌ فيها نظر
* * * فأبشع شيء في الإنسان التناقض ، والتناقض لا يحتمل ولكنها شريعة الغاب .
سيدنا الصديق رضي الله عنه صدِّيق ، والصديقية المرتبة التي تلي النبوة ، سيد الأنبياء أعلى شيء . رسول ، نبي ، ثم صديق ، ولي ، مؤمن ، مسلم ، ثم هناك خط أحمر ، ثم يتلوه هلاك ، إن سيد الأنبياء والمرسلين رسول الله ، رسول ، أولو العزم ، رسل من غير أولي العزم، أنبياء ، صديقون ، أولياء ، مؤمنون ، مسلمون ، هذه المراتب في الإسلام .
قالوا : سيدنا الصديق له شهرةٌ ذائعة في دماثة الخُلق ، وحسن العشرة، وقد أجمع مؤرخو الإسلام على أنه كان أنسب قريشٍ لقريش ، وأعلم الناس بها ، وبما كان فيها من خيرٍ وشر ، وكان رجلاً تاجراً ذا خلقٍ معروف ، يأتيه رجال قومه ويحكّمونه في أمورهم لعلمه ، وخبرته ، وحسن مجالسته ، ومن نعم الله الكُبرى عليك أن يكون الذين حولك على شاكلتك ، أن يكون الذين يجالسونك يجانسونك ـ أن يجالسك الذين يجلسونك ـ وأكبر عقاب يعاقب به الإنسان أن يعيش بين أناسٍ دونه بكثير، هو في واد وهم في واد ، هو في مستوى ، وهم في مستوى آخر.
لذلك السيدة سفَّانة بنت حاتم طيء ، أخت عدي ، لما أطلق النبي سراحها قالت : " أتأذن لي أن أدعو لك " . فقال : " اسمعوا وعوا " . قالت : " أصاب الله ببرك مواقعه ـ أحياناً تعتني بإنسان عناية كبيرة ، فيظهر منه نبل بشكلٍ غير معقول ، وأحياناً تقدِّم لإنسان خدمات لا تقدَّر بثمن فيتجاهلها..
أعلمه الرماية كل يومٍ فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي .. فلما قال قافيةً هجاني
* * * إخواننا الكرام ... لقد درسنا سيرة سيدنا الصديق في هذا المسجد، فشيء جميــــل أن تتصوروا عظمة هذا الإنسان في تواضعه ، أدبه ، شوقه إلى الله ، ورعه ، يقول عليه الصلاة والسلام :
" ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت له كبوة إلا أخي أبا بكر " .

" ما نفعني مالٌ قط ما نفعني مال أبي بكر . قيل : فبكى أبو بكر . قال : يا رسول الله وهل أنا ومالي إلا لك ؟ "
فهل يكون المؤمن إلا غير هذا ؟ أنا ليس لي شيء ، أعطاه ماله كله ، قال :
" يا أبا بكر ماذا أبقيت لنفسك ؟ قال : الله ورسوله " .
فإذا أردت أن تكون مؤمناً من الطراز الأول اجعل هذا الصحابي الجليل قدوةً لك ـ من الطراز الأول ـ كان يحلب الشياه لجيرانه ، فلما تسلَّم الخلافة ظن الجيران أنه لن يتابع هذه الخدمة ، طُرق الباب ، افتحي يا بنيتي . من الطارق ؟ قالت لأمها : جاء حالب الشاة . بعد أن تسلَّم الخلافة .
سيدنا الصديق يمشي على قدميه وهو خليفة المسلمين ، وسيدنا أسامة بن زيد ، عمره سبعة عشر عاماً يركب الناقة ، قال : " والله يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن " . قال : " والله لا ركبتُ ولا نزلتَ ، وما عليَّ أن تُغبّر قدماي ساعةً في سبيل الله " .
إن شاء الله سنتابع سيرة هذه الصحابية الجليلة السيدة عائشة ، التي هي من أذكى نساء النبي ، وقد روت عن رسول الله ألفي حديث ، لو كانت رجلاً لكانت من كبار العلماء ، عالمةً ، فقيهةً ، راوية حديثٍ ، وكانت من أحبِّ الزوجات إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، وهذه السيدة المصون أيضاً قدوةٌ لكل امرأةٍ تطمح أن تكون ذات شأنٍ عند الله عز وجل .
وفي درسٍ آخر إن شاء الله نتابع الحديث عن هذه السيدة التي هي قدوةٌٍ للنساء أجمعين .
والحديث عن زوجات النبي اللهم صلِّ عليه ، حديث ممتع ، لأنه يتناول كمال النساء ، والإنسان يشعر بسعادة حينما يستمع إلى مواقف كاملة ، ويشعر بالأسى والحزن حينما يرى الإنسان يهبط ؛ الخسة ، والدناءة ، والخيانة الزوجية ، والتطاول على الزوج ، وإهمال الأولاد ، والبذاءة في اللسان ، والقسوة في الكلام ، والزينة لغير الزوج ، وإهمال الزوج ، فهذا واقع النساء، الطرقات جميلة لكن البيوت جحيم ، الطرقات كل شيء فيها ، أما السلف الصالح الطرقات خاوية ولا شيء فيها مما يفسد الأخلاق إطلاقاً ، أما البيوت فكانت جنَّات ، الآن أصبحت البيوت جحيماً ، لأن هذه المرأة التي تبرز مفاتنها تعتدي على من في الطريق ، وتسئ إلى علاقة الزوج بزوجته .

كتبت : سنبلة الخير .
-


حادثة الإفك

وحديث الإفك أيها الإخوة من أخطر ما واجه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم من الأهوال والصعاب .
فالمنافقون كانوا يقصدون من ورائه إلى محاربة النبي صلى الله عليه وسلَّم بإساءة سمعته .
أنت أحياناً تحارب إنساناً عن طريق مقاومته ، وأحياناً تحارب إنساناً عن طريق تشويــه سمعته ، فحديث الإفك بشكلٍ أو بآخر محاولةٌ من المنافقين لتشويه سمعة النبي عليه الصلاة والسلام ، ومع تشويه سمعة النبي القصد البعيد تشويه هذا الدين الحنيف .
المعركة بين الحق والباطل معركةٌ أزليةٌ أبديَّة ، فكل واحد له ولاء ؛ أهل الإيمان يوالون الإيمان ، والمؤمنين ، والحق . وأهل الفسق والفجور يوالون بعضهم بعضاً ، فينبغي أن يعرف الإنسان هو مع من ؟ هذا الذي يوالي المؤمنين ويتبرَّأ من الكفار والمنافقين ، مؤمنٌ ورب الكعبة؛ أما الذي له ولاءٌ لغير المؤمنين هذا في إيمانه ضعف .
لذلك فالمنافقون أرادوا أن يشوِّهوا هذا الدين عن طريق تشويه سمعة النبي عليه الصلاة والسلام من خلال اتهام زوجته بالفاحشة .
متى جاء حديث الإفك ؟ بعد أن قال عبد الله بن أُبَيّ بن سلول للنبي وأصحابه : " سمِّن كلبك يأكلك ، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزُّ منها الأذل " . يقصد الأعز هو ومن معه، والأذل يقصد به النبي عليه الصلاة والسلام والمهاجرين .
أيها الإخوة ... قال هذا المنافق رئيس المنافقين : " ماذا فعلتم بأنفسكم؟ أحللتموهم بلادكم ، وقاسمتموهم أموالك ، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحوَّلوا إلى غير بلادكم ".
عملية تهجير ، فالهدف البعيد جداً من حديث الإفك تهجير المهاجرين إلى بلادٍ أخرى ، عن طريق تشويه سمعة الدين ، من خلال تشويه سمعة النبي ، من خلال اتهام زوجته الطاهرة بالفاحشة ..
align="left"> ( سورة الطارق )

فماذا يعنينا من هذا الموضوع ؟ أنت كمؤمن وطِّن نفسك أن هناك من يناوئك ، هناك من يطعن في نزاهتك ، هناك من يريد أن يشوِّه سمعتك ، الدنيا دار ابتلاء وليست دار جزاء ، والإنسان يرقى على قدر ما يُبتلى به .
أيها الإخوة الكرام ... خبر حديث الإفك ورد في الصحاح ، تقول السيدة عائشة رضوان الله عليها :
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلَّم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه ، فأيَّتهن خرج سهمها خرج بها معه ، فلمَّا كانت غزوة بني المصطلق أقرع بين نسائه كما كان يصنع ، فخرج سهمي عليهن فخرج بي رسول الله .. " .
هناك حكمةٌ بالغة من اصطحاب الزوجة في السفر يعرفها المتزوجون ، النبي عليه الصلاة والسلام في أقواله ، وفي أفعاله ، وفي إقراره ، وفي صفاته مشرِّع ، فكان إذا أراد سفراً ـ حتى ولو كان السفر غزوةً ـ أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها ، صحبها معه . قالت السيدة عائشة :
" ... وكان النساء إذ ذاك إنما يأكُلن العُلَق ـ والعلق ما فيه بلغةٌ من الطعام، أي طعامهن قليل ، إذاً أوزانهن خفيفة ـ لم يهبجن اللحم فيثقلن ـ أي أن نساء الصحابة كنَّ نحيلات ـ وكنت إذا رُحِّل بعيري جلست في هودجي ، ثم يأتي القوم الذين يرحِّلون هودجي في بعيري ، يحملونني، فيأخذون بأسفل الهودج ، فيرفعونه على ظهر البعير ، فيشدونه بحباله ، ثم يأخذون برأس البعير فينطلقون بي " .
كلام واضح ؛ كان هناك هودج تجلس فيه ، يرفعه رجلان ، يضعانه فوق ظهر الجمل ، يربطانه ، ثم يأخذان بخطام البعير ، ويقودان هذا البعير في مسيرة الجيش . قالت السيدة عائشة:
" ... فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلَّم من سفره ، وجَّه قافلاً حتى إذا كان قريباً من المدينة، نزل منزلاً فبات فيه بعض الليل ، ثم أذَّن في الناس بالرحيل ، فلما ارتحل الناس خرجت لبعض حاجتي ... " .
ذكرت هذا من قبل : أن هناك عشرات الاحتمالات التي كان من الممكن ألّا يقع حديث الإفك.
أريد أيها الإخوة أن أعلمكم أن الأحداث التي وقعت في عهد النبي أحداثٌ مقصودةٌ لذاتها ، لم يقع حدثٌ صدفةً ، بل كل حدث مركَّز مقصود لذاته، ليقف النبي الموقف الكامل ، فيكون موقفه تشريعاً ، فقالت هذه السيدة الجليلة :
" ... ثم أذَّن في الناس بالرحيل ، فلما ارتحل الناس خرجتُ لبعض حاجتي ، وفي عنقي عقدٌ لي ... " . لو أنها لم تشعر بحاجةٍ إلى قضاء الحاجة لما خرجت ، ولم يكن حديث الإفك .. align="left"> ( سورة النور : من آية " 11 " )
قالت :
" ... خرجت لبعض حاجتي وفي عنقي عقدٌ لي ، فلما فرغت ، انسل من عنقي ولا أدري ـ انقطع خيط العقد فوقع في الأرض ، لو كان الخيط ثخيناً أو متيناً لما انقطع ، لو لم ينقطع هذا الخيط لما كان حديث الإفك ، لو لم تشعر بحاجةٍ إلى قضاء الحاجة لما كان حديث الإفك ـ فلما رجعتُ إلى الرحل ذهبتُ ألتمسه في عنقي فلم أجده ، وقد أخذ الناس في الرحيل ـ قالت : ـ فرجعت ألتمسه حتى وجدته ، وجاؤوا خلاف القوم الذين كانوا يرحِّلون لي البعير ، فأخذوا الهودج وهم يظنون أني فيه كما كنت أصنع... " .
وزنها خفيف جداً لم ينتبهوا ، فلو انتبهوا لما كان حديث الإفك ـ لو انتبهوا أن الهودج خفيف لما كان حديث الإفك ـ لو أنها تبحث عن العقد في مكانٍ قريب لما كان حديث الإفك ، لو أنهم رأوا شخصاً من بعيد ، لتفقَّدوها ، وذهبوا إليها ولما كان حديث الإفك ، معنى ذلك الحدث مقصود لذاته .
أحياناً تقع معك مشكلة ؛ لو لم أسافر لما كانت ، لو لم أسلك هذا الطريق لما كانت ، لو لم أركب هذه المركبة لما كانت ، لو لم تظهر لي حاجة للسفر لما كانت .
فلذلك أيها الإخوة ...
" لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةٌ وَمَا بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ "* align="left"> ( من مسند أحمد : عن " ابي الدرداء " )
شيءٌ مريحٌ جداً أن تقول : إذا شاء الله أمراً فعله ..
"... فَلا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ "* align="left"> ( من صحيح مسلم : عن " أبي هريرة " )
أي أنك أيها الأخ حينما تكون مؤمناً تلغي من قاموسك كلمة لو ، فكأنها غير موجودة ، الشدة النفسيَّة تأتي من الندم ؛ فلا ندمَ ، ولا تمنيَ ، ولا حسرةَ ، ولا حزنَ ، كل هذه المعاني غير موجودة ، فهذا حديث مهم جداً ، أحياناً التعليم عن طريق الأفعال أقوى من الأقوال ، لغة العمل أبلغ من لغة القول .
كان من الممكن ألا يقع هذا الحديث ، لأكثر من عشرين سبب ، لكن الأحداث التي وقعت في عهد النبي ؛ أحداثٌ مقصودةٌ لذاتها لتكون تشريعاً ، ولتكون السيدة عائشة قدوةً لكل امرأةٍ في الأرض أصيبت بسمعتها .
" ... فأخذوا الهودج وهم يظنون أني فيه كما أصنع ، فاحتملوه ، فشدوه على البعير ، ولم يشكوا أني فيه ، ورجعتُ إلى العسكر وما فيه داعٍ ولا مجيب ، قد انطلق الناس ... " .
معنى ذلك أنها ابتعدت ، فلما رجعت مكان الهودج رأت الناس قد ارتحلوا ، لا سميع ولا مجيب ولا قريب . قالت :
" ... فتلففت بجلبابي ثم اضطجعتُ في مكاني الذي ذهبت إليه ، وعرفت أن قد لو افتقدوني رجعوا إلي ... ـ فقد كانت حكيمة ، لعلهم يفتقدونها بعد حين فيرجعوا إلى المكان الذي انطلقوا منه ـ قالت :
" ... فوالله إني لمضطجعة إذ مرَّ بي صفوان بن المعطَّل السُلَمِيّ ... " لو لم يتأخر صفوان لما كان حديث الإفك .
أنا أريد أن أزيد من قناعة الأخ الكريم أن كل شيءٍ وقع أراده الله لحكمةٍ بالغةٍ بالغة ، يجب أن تعلموا علم اليقين أن كل شيءٍ وقع أراده الله، وأن كل شيءٍ أراده الله وقع ، وأن إرادة الله متعلقةٌ بالحكمة المطلقة، وأن حكمته المطلقة متعلِّقةٌ بالخير المطلق .
هذا الصحابي الجليل مرَّ بها " ... وكانت مضطجعةً قد تلففتْ بجلبابها في مكانها الـذي تركوها فيه ، وقد كان تخلَّف عن العسكر لبعض حاجته... " . نشأت له حاجة فتخلَّف عن العسكر ، فلو لم تنشأ له حاجة لما تخلَّف عن العسكر ولما كان حديث الإفك ، لو لم يتأخر لافتقدوها بعد حين ، رجعوا إلى المكان فوجدوها فحملوها وانطلقوا ، فلم يكن هناك حديث إفك..
" ... فلم يبت مع الناس في العسكر ، فلما رأى سوادي ـ لم يُرى منها شيء ، ملفَّفةً بجلبابها ـ أقبل حتى وقف عليَّ فعرفني ـ دققوا الآن ـ وقد كان يراني قبل أن يُضرب علينا الحجاب ، فلما رآني قال : إنا لله وإنا إليه راجعون أظعينة رسول الله ؟! وأنا متلفِّفةٌ بثيابي ، قال : فما خلفكِ رحمك الله ؟ قالت : فما كلَّمته ثم قرَّب البعير حتى أركبني ، حتى قال لي: اركبي رحمك الله واستأخر عني ، قالت : فركبت وجاء فأخذ برأس البعير فانطلق بي سريعاً يطلب الناس...".
هل يستطيع هذا الصحابي الجليل أن يفعل غير هذا الذي فعل ؟ صحابي جليل يرى أم المؤمنين ، يرى زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ، يرى ظعينة رسول الله متخلِّفةً عن الركب وحدها ، متلفِّعةً بثيابها ، هل يستطيع أن يتركها ويمضي ؟ مستحيل.
" ... فما كلَّمته . ثم قرَّب البعير وقال : اركبي رحمك الله واستأخر عني، قالت : فركبت وأخذ برأس البعير ، فانطلق بي سريعاً يطلب الناس ، فوالله ما أدركنا الناس ، وما افتقدت حتى أصبحت ونزل الناس ، فلما اطمأنوا ، طلع الرجل يقودني ، فقال أهل الإفك ما قالوا ـ رأوا زوجة رسول الله على بعير صفوان بن المعطَّل السلَمي ـ فارتجَّ العسكر ، فوالله ما أعلم بشيءٍ من ذلك ، ثم قدمنا المدينة فلم أمكث أن اشتكيت شكوى شديدة ، ولا يبلغني شيءٌ من ذلك ، وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وإلى أبويَّ ، ولا يذكران لي من ذلك قليلاً ولا كثيراً... " .
فلماذا لم يذكر النبي لها قليلاً ولا كثيراً ولا أبوها وأمها ؟ لثقتهم الكبيرة بأنها طاهرة ، فأصعب شيء أن تتهم إنساناً بريئاً ، شيءٌ لا يحتمل، ظلمٌ شديد أن تفتري على إنسانٍ إفتراءً لا أصل له .
" ... إلّا أني قد أنكرت من رسول الله صلى الله عليه وسلَّم بعض لطفه بي ، إن كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف بي ، فلم يفعل ذلك في شكواي تلك ـ فهي كانت مريضة ـ فأنكرت منه ، كان إذا دخل عليّ وأمي تمرِّضني قال : كيف تيكم ؟ ولا يزيد على ذلك ، أما من قبل كان إذا دخـل عليَّ وأنا مريضة يقول : كيف عويش ؟ ... " .
عويش من ألفاظ التحبُّب لاسم عائشة ، فهناك أسماء يُتحبب بها بتعديلها ، تصغيرها ، أو اختصارها ، أو ترخيمها ، كان عليه الصلاة والسلام يقول : " كيف عويش ؟ " أما الآن يقول : "كيف تيكم ؟ " .
" ... أنكرت منه ذلك ، حتى وجدت في نفسي مما رأيت من جفائه عني فقلت له : يا رسول الله لو أذنت لي فانتقلت إلى أمي فمرَّضتني ، قال : لا عليك اذهبي إن شئتِ ... " .
استأذنت النبي عليه الصلاة والسلام في أن تذهب إلى بيت أهلها ـ قال: لا عليك . قالت :
" فانتقلت إلى أمي ولا أعلم بشيءٍ مما كان ، حتى نقهت من وجعي بعد بضعٍ وعشرين ليلة " .
قالت :
" وكنا قوماً عرباً لا نتخذ في بيوتنا هذه الكُنُف التي تتخذها الأعاجم ، نعافها ونكرهها ، وإنما كنا نخرج في فُسَح المدينة ، وإنما كان النساء يخرجن كل ليلةٍ في حوائجهن ، فخرجت لبعض حاجتي ومعي أم مسطحٍ بنت رهمٍ بن المطلب ، وكانت أمها بنت صخرٍ بن عامرٍ خالة أبي بكر".
قالت :
" فوالله إنها لتمشي معي إذ عثرت في مرطها ـ أي في كسائها ـ فقالت : تعس مسطح ... " .
الآن أول خبر يصل إلى عائشة ، هيَ ماذا رأت ؟ رأت النبي يجافيها ، ولكن ليس جفاء مطلقاً بل جفاء نسبياً ، كيف عويش ؟ سابقاً ، كيف تيكم ؟ فالإنسان الحسَّاس الذي عنده مشاعر رقيقة يشعر بأدق التغيُّرات ، فاستأذنت النبي أن تنتقل إلى بيت أهلها فأذن لها ، وهي في طريق قضاء حاجتها قالت لها هذه المرأة : " تعس مسطح . " .
قلت :
" بئس لعمر الله ما قلت لرجلٍ من المهاجرين قد شهد بدراً ... " . هي لا تعلم ماذا حدث ـ تقول : بئس مسطح . وهي لا تعلم عنه إلا خيراً .
صحابي جليل رأى أم المؤمنين في الطريق ، أركبها على جمله ، وقادها إلى الركب ، قالت: أوما بلغك الخبر يا بنت أبي بكر ؟
قلت : " وما الخبر ؟ فأخبرتي بالذي كان من قول أهل الإفك ... " .
اتهمت بالفاحشة مع صفوان بن المعطَّل السلَمي . مرة ثالثة ورابعة وخامسة ؛ مئة احتمال يمكن أن يُلغى حديث الإفك ، ولكن الله أراده ، دليلٌ هذا قولُ الله عزَّ وجل : align="left"> ( سورة النور : من آية " 11 " )
قس على هذا أيها الأخ الكريم ، قس على هذا الحديث أنه إذا أصابك شيءٌ تكرهه ، اقرأ قوله تعالى : align="left"> ( سورة البقرة )
الله عزَّ وجل لطيفٌ لما يشاء ؛ فالله عزَّ وجل ينقل الإنسان من حال إلى حال ، من مستوى إلى مستوى ، من منزلة إلى منزلة ، من مقام إلى مقام ، يؤدِّب ، يهذِّب ، يشجِّع ، يقوي، يعين ، يعطي خبرات عميقة ، ما الإنسان الناضج ؟ مجموعة خبرات ، كل خبرة تعني أن فيها مآساة ، هناك مشكلة ، وهناك خبرة مؤلمة ألمَّت به .
" ... قلت : وما الخبر ؟ فأخبرتي بالذي كان من قول أهل الإفك " .
مرَّة قال سيدنا موسى بالمناجاة : " يا رب لا تُبقِ لي عدواً ، قال : يا موسى هذه ليست لي". ليست لله عزَّ وجل ، أليس هناك أعداءٌ لله عزَّ وجل ، فوطِّن نفسك أنك لا تجد إنساناً إلا وله أعداء ، لأن معركة الحق والباطل معركةٌ أزليةٌ أبديَّة ، إن كنتَ مع أهل الحق فأهل الكفر والفسوق يعادونك ، وإن كنت مع أهل الإيمان فأهل الكفر يعادونك .
قالت : " وقد كان هذا ؟! " . استفهام إنكاري . قالت : " نعم والله لقد كان " . هذا الذي حصل .
هذه الكلمة التي ألقيت على مسامع السيدة عائشة كأنها قنبلة ـ قالت :
" ... فوالله ما زلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدِّع كبدي " .
فأصعب شيءٍ على المرأة الشريفة الطاهرة أن تتهم بشرفها ، أصعب شيءٍ على الإطلاق أن تتهم المرأة العفيفة الطاهرة بشرفها . قالت :
" وقلتِ لأمي ـ أيْ : هل علمت أمي بهذا الخبر ـ يغفر الله لكِ تحدث الناس بما تحدثوا به ، وبلغك ما بلغك ولا تذكرين لي من ذلك شيئاً !! " . سألت أمها أنه يا أمي الناس تتحدَّث بهذا الخبر ، وأنتِ تبقين ساكتة ؟ قالت:
" أي بنيتي خفِّضي الشأن فوالله قلَّما كانت امرأةٌ حسناء عند رجلٍ يحبها ، لها ضرائر إلا أكثرن عليها " . أي هذا شيءٌ طبيعي ، معنى ذلك أن هناك حسداً ، أحياناً الإنسان يُحسد ، فالحسود يلقي بالتهم جزافاً ليشفي صدره من محسوده . قالت :
" وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلَّم في الناس يخطبهم ولا أعلم بذلك . ثم قال :
" أيها الناس ما بال رجالٍ يؤذونني في أهلي ويقولون عليهن غير الحق، والله ما علمت منهن إلا خيراً ، ويقولون ذلك لرجلٍ والله ما علمت منه إلا خيراً ، وما دخل بيتاً من بيوتي إلا وهو معي " .
تألَّم النبي عليه الصلاة والسلام ، لقد آذوه أشد الأذى ، آذوه في عرضه . " قال :
" أيها الناس ما بال رجالٍ يؤذونني في أهلي ويقولون عليهن غير الحق، والله ما علمت منهن إلا خيراً ، ويقولون ذلك لرجلٍ ـ أي صفوان بن المعطَّل السلَمي ـ والله ما علمت منه إلا خيراً، وما دخل بيتاً من بيوتي إلا وهو معي " .
قالت :
" ... وكان قد كَبُرَ ذلك عند عبد الله بن أبي سلول في رجالٍ من الخزرج مع الذي قال مسطح". أي صار في أناس من الصحابة تألموا أشد الألم لهذا الحديث ، وأناسٌ آخرون تساهلوا قليلاً ، ومنافقون كُثُر شمتوا ، وفرحوا ، وأحبوا أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا . قالت :
" ... ثم دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وعندي أبوايَ ، وعندي امرأةٌ من الأنصار، وأنا أبكي وهي تبكي معي ، فجلس وحمِدَ الله وأثنى علي ثم قال :
" يا عائشة إنه قد كان ما بلغك من قول الناس فاتقي الله ، إن كنتِ اقترفتِ سوءاً مما يقول الناس فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده " .
قالت :
" فوالله ما هو إلا أن قال ذلك تقلَّص دمعي حتى ما أحس منه شيئاً ، وانتظرت أبويَّ أن يجيبا رسول الله ، فلم يتكلَّما " .
قالت :
" وايم الله لأنا كنت أحقَر في نفسي ، وأصغر شأناً من أن ينزِّل الله عزَّ وجل فيَّ قرآناً يُقرأ به في المساجد ويصلَّى به ، ولكنني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلَّم في نومه شيئاً يكذب الله به عني لما يعلم من براءتي ، أو يُخبر خبراً ، فأما قرآنٌ ينزل فيَّ فوالله لنفسي كانت أحقر عندي من ذلك " .
تصوَّرتْ أن الله يبرِّئها بمنام يراه النبي عليه الصلاة والسلام ، بطريقة أو بأخرى ، أما أن ينزل وحي ، قرآن يُتلى إلى يوم القيامة في براءة هذه السيدة المصون !! قالت : " والله كنت أحقر في نفسي من أن ينزل قرآنٌ فيَّ " .
قالت :
" فلما لم أرَ أبويَّ يتكلَّمان قلت : ألا تجيبان رسول الله ؟ فقالا لي : والله ما ندري بماذا نجيبه".
شيء مسكت ، تهمة كبيرة جداً لامرأةٍ طاهرةٍ عفيفة ، زوجها رسول الله ، أبوها أبو بكر ، أمها أم رومان ، قِمم ، والتهمة كبيرة ، وبعدُ فأية امرأةٍ إلى يوم القيامة اتُهمت كما اتهمت السيدة عائشة ؛ ففي هذه السيدة المصون أسوةٌ حسنة . قالت :
" وايم الله ما أعلم أهل بيتٍ دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكرٍ في تلك الأيام " .
الحياة فيها متاعب كثيرة ، فأحياناً هناك متاعب لا يعلمها إلا الله تصيب الإنسان ..
" إن أشد الناس بلاءً الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل " . align="left"> ( من الأذكار النووية )
الإنسان يُبتلى على قدر إيمانه ، فإن كان قوي الإيمان اشتد بلاؤه ، وهذا البلاء يرفع درجاته عند الله عزَّ وجل .
فلما قال لها النبي الكريم :
" يا عائشة إنه قد كان ما بلغك من قول الناس فاتقي الله ، وإن كنتِ اقترفتِ سوءاً مما يقول الناس فتوبي إلى الله ، فإن الله يقبل التوبة عن عباده " .
قالت :
" فوالله ما هو إلا أن قال ذلك حتى تقلَّص دمعي ، هنا استعبرت فبكيت ، ثم قلت : والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبداً ، والله لئن أقررت بما يقول الناس والله يعلم أني بريئةٌ منه تصدقونني عندئذٍ ، لأقولن ما لم يكن ، ولئن أنا أنكرت ما تقولون لا تصدقونني !! " .
قالت :
" ثم التمست اسم يعقوب فما أذكره ، ولكنني أقول كما قال أبو يوسف : فصبرٌ جميل والله المستعان على ما تصفون ".
إخواننا الكرام ... كنت أقول لكم دائماً : الحُزن خلاَّق ، المصائب أحياناً تصنع الرجال وتصنع النساء ، المصائب مِحَك ، الإنسان حينما يمرُّ بظروف صعبة يصبح رجلاً بالمعنى الكبير ، والمرأة حين تمرُّ بظروف صعبة تصبح أماً كبيرةً . align="left"> ( سورة يوسف )
قالت :
" والله ما برح رسول الله مجلسه ـ وهو لا زال في المجلس ـ حتى تغشَّاه من الله ما كان يتغشَّاه ، فسُجي بثوبه ، ووضعت وسادةٍ من أدمٍ تحت رأسه ، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت فوالله ما فزِعت كثيراً، ولا باليت ، وقد عرفت أني بريئة ، وأن الله غير ظالمي ، وأما أبوايَ فوالذي نفس عائشة بيده ما سُرِّي عن رسول اله صلى الله عليه وسلَّم حتى ظننت أن نفسيهما ستخرجان فَرَقاً من أن يأتي من الله تحقيق ما قاله الناس " .
هي مطمئنة لأنها بريئة ، أما أبوها وأمها في قلقٍ شديدٍ جداً ، فلربما يُثَبِّتُ الوحي ما قاله الناس .
قالت :
" ثم سُرِّيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ، فجلس وإنه ليتحدر منه مثل الجُمان في يومٍ شاتٍ ، فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول :
" أبشري يا عائشة لقد أنزل الله براءتك " .
الإنسان أحياناً كثيرة ما له إلا الله ، سمعت كلمة من أحد الإخوة يقول : الحمد لله على وجود الله ، الله يعلم الحقيقة ، إذا كان قلبك سليماً ، وإذا كنت مستقيماً ، وإذا كنت بريئاً فلا تخشَ أحداً، الله عزَّ وجل سوف يبرِّئك.
قالت :
" فقلت : بحمد الله وذنبكم . ثم خرج إلى الناس فخطبهم ، وتلا عليهم ما أنزل الله عزَّ وجل من القرآن فيَّ " .
* * * لدينا تعليق على هذه الرواية ، أن السيدة أم رومان لما نزلت براءة السيدة عائشة قالت لابنتها السيدة عائشة : " يا بنيتي قومي إلى رسول الله فاشكريه " . قالت : والله لا أقوم إلا لله". فتبسَّم النبي عليه الصلاة والسلام وقال :
"عرفت الحق لأهله ".
وآيات براءة الصديقة بنت الصديق ، الطاهرة المؤمنة عائشة هي قوله تعالى :
align="left"> ( سورة النور )
بيَّنتُ لكم من قبل أن التوحيد لا يُلغي المسؤوليَّة ، إذا عزوتَ هذا إلى الله فليس معنـى ذلك أن الذي روَّج هذا الحديث لن يُحاسب .. align="left"> ( سورة النور )
يقول الله عزَّ وجل : align="left"> ( سورة النور : من آية " 12 " )
علامة الإيمان أن تُحسن الظن بإخوانك .. align="left"> ( سورة النور )
إخواننا الكرام ... إذا كنت بريئاً ، وقد أُلصقت بك تهمةٌ شائنة ، وكنت صادقاً ، وكنت متأكِّداً ، وواثقاً من نفسك ، لا تخشَ في الله أحداً ، الله عزَّ وجل اسمه الحق ، ومعنى اسمه الحق أي لابدَّ من أن يحقَّ الحق .
* * * أيها الإخوة ... رضي الله عن هذه السيدة الحصان العفيفة ، التي امتحنها الله عزَّ وجل في أعز ما تملك ، وصبرت ، واحتسبت ، فأنزل الله براءتها .
وكل واحد من الإخوة الأكارم يمكن أن يستنبط من هذه القصَّة أن الله هو الحق ، وأنه لابدَّ من أن يحقَّ الحق ، فإن كنت واثقاً من براءتك واستقامتك فالله سبحانه وتعالى يتولَّى الدفاع عنك؛ ولكن إيَّاك أن تجلس مجلساً فيه مظنة اتهامٍ لك ، وتلوم الناس إذا اتهموك ، لا تضع نفسك موضع التهمة وتلوم الناس إذا اتهموك ، كان عليه الصلاة والسلام يمشي مع زوجته صفيَّة فرأى صحابيين جليلين قال :
" هذه زوجتي صفيَّة " . align="left"> ( من تخريج أحاديث الإحياء : عن " أنس " )
تعلَّم من هذه الواقعة أن تكون واضحاً إلى أبعد الحدود ، تعلَّم من هذه الواقعة أن تكون مبيِّناً إلى أبعد الحدود ، وقد قيل : "البيان يطرد الشيطان" .
عوِّد نفسك أن تفعل شيئاً لا يمكن أن يفسَّر إلا تفسيراً واحداً ، الشيء الذي يمكن أن يفسَّر تفسيرين ابتعد عنه ، وإذا تلبَّست به ؛ وضِّح قصدك ومرادك ، فلو أن الناس اتبعوا النبي عليه الصلاة والسلام فيما قال :

" هذه زوجتي صفيَّة " . align="left"> ( من تخريج أحاديث الإحياء : عن " أنس " )
لقطعوا كل لسانٍ يريد اتهاماً للآخرين . فمثلاً إنسان مسافر ، يوكِّل أخا زوجته أن يتفقَّد أخته ، هناك جيران يرون أن جارهم قد سافر ، وأن شاباً يدخل على بيته في غيبته ، ماذا يقولون ؟ قد يتهمونك ، يجب أن تُعلم جيرانك أنك مسافر ، وأنك وكَّلت أخا زوجتك أن يتفقَّد شؤونها ، وانتهى الأمر ، وضِّح ، كلمة : هذه زوجتي يجب أن تنسحب على آلاف الحالات ، طبعاً إذا كنت متهماً وأنت برئ فالله جلَّ جلاله يبرئك ، لكنك ليس مسموحاً لك أن تضع نفسك موضع التُهمة ثم تلوم الناس إذا اتهموك .
فلو أنك دخلت لمحل صديقك ، والمحل فارغ ، والصديق غائب ، إذ ذهبَ لبعض شأنه وقال لك : انتظرني . معك خمسمئة ليرة أردت أن تفكَّها ، فتحت الدرج ووضعتها وأخذت خمس مئات، وقد دخل صديقك ، لا تبق ساكتاً بل قل له: سأصرف الخمسمائة . والأولى ألّا تفعلها في غيبته ، لو نقص صندوقه خمسمئة ، يأتي الشيطان بوسوسته : رأيت صديقي يمد يده إلى الدرج. عوِّد نفسك ألّا تفعل شيئاً له تفسيران ، عوِّد نفسك أن توضِّح ، أن تبيِّن ، البيان يطرد الشيطان .
مرَّة أذكر حادثة وقعت في محل تجاري ، صاحب المحل معروف بالصلاح ، وبالمحل غرفة داخليَّة وعنده تاجر من حلب ـ تاجر له قيمته ـ وله زيه الديني ، جاءت امرأةٌ ، رحَّب بها صاحب المحل ترحيباً أكثر من كونها زبونة تشتري ، أنا من حسن ظني بأخي وصديقي قلت: لعلَّها أخته . الشيخ الحلبي تغيَّر لونه ، فقلت له : لعلها أخته . فلما ذهبت سألته فقال : هي أختي. فيجب أن يبلِّغ ، هذا الترحيب زائد عن أن تكون هذه المرأة زبونة ، فقل : جاءت أختي.
أما أن تضع نفسك موضع التُهمة ثم تلوم الناس إذا اتهموك ، هذا ليس من الدين في شيء؛ هناك علاقات الجوار ، والعلاقات الأسريَّة ، والعلاقات مع الشركاء ، دائماً وضِّح ، وبيِّن ، ودقِّق ، وإلا هناك أشخاص يلوكون سمعتك دون أن تشعر ، وهناك فتن قد تجري في المدينة يروِّج لها المنافقون ، وهذا الحديث درسٌ بليغٌ للمؤمنين ..
أول استنباط : إذا أراد الله شيئاً وقع .
" إن الله تعالى إذا أراد إنفاذ أمر سلب كل ذي لب لبه " . align="left"> ( من الجامع الصغير : عن " ابن عباس " )
الاستنباط الثاني : إذا كنت على حق ، فالله عزَّ وجل سوف يتولَّى تبرئتك .
الاستنباط الثالث : لا ينبغي أن تضع نفسك موضع التهمة ، ثم تلوم الناس إذا اتهموك .
والحمد لله رب العالمين
كتبت : سنبلة الخير .
-


ورعها ، زهدها ، مكانتها العلميَّة

السيدة عائشة (رضي الله عنها) هو ما لهذه الإنسانة من عقل نير، وذكاء حاد ، وعلم جم. ولدورها الفعال في خدمة الفكر الإسلامي من خلال نقلها لأحاديث رسول الله وتفسيرها لكثير من جوانب حياة الرسول صلى الله عليه و سلم واجتهاداتها . وهي كذلك المرأة التي تخطت حدود دورها كامرأة لتصبح معلمة أمة بأكملها ألا وهي الأمة الإسلامية. لقد كانت (رضي الله عنها) من أبرع الناس في القرآن والحديث و الفقه، فقد قال عنها عروة بن الزبير (( ما رأيت أحداً أعلم بالقرآن ولا بفرائضه ولا بحلال ولا بحرام ولا بشعر ولا بحديث عرب ولا بنسب من عائشة)). 1
وفي هذه النقطة البحثية تطرقت إلى ثلاث مجالات تميزت فيهم السيدة عائشة وهي :
1. علمها وتعليمها .
2. السيدة المفسرة المحدثة.
3. السيدة الفقيهه .
وقد اخترت هذه المجالات ؛ لأهميتها ولأثرها الواضح في المجتمع والفكر الإسلامي، فهي (رضي الله عنها) بعلمها ودرايتها ساهمت بتصحيح المفاهيم، والتوجيه لإتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقد كان أهل العلم يقصدونها للأخذ من علمها الغزير، فأصبحت بذلك نبراساً منيراً يضيء على أهل العلم وطلابه.تلكم هي عائشة بنت أبي بكر الصديق زوجة رسول الله وأفقه نساء المسلمين وأعلمهن بالقرآن والحديث والفقه. ولدت بمكة المكرمة في العام الثامن قبل الهجرة ، تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة الثانية للهجرة، فكانت أكثر نسائه رواية لأحاديثه.


كانت من أحب نساء الرسول إليه، وتحكي (رضي الله عنها) عن ذلك فتقول ((قالت عائشة لنساء النبي صلى الله عليه وسلم : فضلت عليكن بعشر ولا فخر : كنت أحب نسائه إليه وكان أبي أحب رجاله إليه ، وابتكرني ولم يبتكر غيري ، وتزوجني لسبع ، وبنى بي لتسع ، ونزل عذري من السماء واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم نساءه في مرضه ، فقال : إنه ليشق علي الاختلاف بينكن فائذن لي أن أكون عند بعضكن . فقالت أم سلمة : قد عرفنا من تريد عائشة . أذنا لك ، وكان آخر زاده من الدنيا ريقي ، أتي بسواك ، فقال : انكثيه ياعائشة . فنكثته وقبض بين حجري ونحري ، ودفن في بيتي )).
الراوي: عبدالملك بن عمير - خلاصة الدرجة: إسناده صالح ، ولكن فيه انقطاع - المحدث: الذهبي - المصدر: سير أعلام النبلاء - الصفحة أو الرقم: 2/147


توفيت(رضي الله عنها) في الثامنة والخمسين للهجرة.


علمها وتعليمها
تعد عائشة (رضي الله عنها) من أكبر النساء في العالم فقهاً وعلماً، فقد أحيطت بعلم كل ما يتصل بالدين من قرآن وحديث وتفسير وفقه. وكانت (رضي الله عنها) مرجعاً لأصحاب رسول الله عندما يستعصي عليهم أمر، فقد كانوا (رضي الله عنهم) يستفتونها فيجدون لديها حلاً لما أشكل عليهم. حيث قال أبو موسى الأشعري : ((ما أشكل علينا –أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم حديث قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً)) .
وقد كان مقام السيدة عائشة بين المسلمين مقام الأستاذ من تلاميذه، حيث أنها إذا سمعت من علماء المسلمين والصحابة روايات ليست على وجهها الصحيح،تقوم بالتصحيح لهم وتبين ما خفي عليهم، فاشتهر ذلك عنها ، وأصبح كل من يشك في رواية أتاها سائلاً.
لقد تميزت السيدة بعلمها الرفيع لعوامل مكنتها من أن تصل إلى هذه المكانة، من أهم هذه العوامل:

- ذكائها الحاد وقوة ذاكرتها، وذلك لكثرة ما روت عن النبي صلى الله عليه و سلم .

- زواجها في سن مبكر من النبي صلى الله عليه و سلم، ونشأتها في بيت النبوة، فأصبحت (رضي الله عنها) التلميذة النبوية.

- كثرة ما نزل من الوحي في حجرتها، وهذا بما فضلت به بين نساء رسول الله.

- حبها للعلم و المعرفة، فقد كانت تسأل و تستفسر إذا لم تعرف أمراً أو استعصى عليها مسائلة، فقد قال عنها ابن أبي مليكة ((كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه)).

ونتيجة لعلمها وفقهها أصبحت حجرتها المباركة وجهة طلاب العلم حتى غدت هذه الحجرة أول مدارس الإسلام وأعظمها أثر في تاريخ الإسلام. وكانت (رضي الله عنها) تضع حجاباً بينها وبين تلاميذها، وذلك لما قاله مسروق((سمعت تصفيقها بيديها من وراء الحجاب)).

لقد اتبعت السيدة أساليب رفيعة في تعليمها متبعة بذلك نهج رسول الله في تعليمه لأصحابه. من هذه الأساليب عدم الإسراع في الكلام وإنما التأني ليتمكن المتعلم من الاستيعاب، . فقد قال عروة إن السيدة عائشة قالت مستنكرة((ألا يعجبك أبو هريرة جاء فجلس إلى جانب حجرتي يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم يسمعني ذلك، وكنت أسبِّح-أصلي-فقام قبل أن أقضي سبحتي، ولو أدركته لرددت عليه، إن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم.


كذلك من أساليبها في التعليم، التعليم أحياناً بالإسلوب العملي، وذلك توضيحاً للأحكام الشرعية العملية كالوضوء. كما أنها كانت لا تتحرج في الإجابة على المستفتي في أي مسائلة من مسائل الدين ولو كانت في أدق مسائل الإنسان الخاصة. كذلك لاحظنا بأن السيدة عائشة كانت تستخدم الإسلوب العلمي المقترن بالأدلة سواء كانت من الكتاب أو السنة. ويتضح ذلك في رواية مسروق حيث قال((كنت متكئا عند عائشة . فقالت : يا أبا عائشة ! ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية . قلت : ما هن ؟ قالت : من زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية . قال وكنت متكئا فجلست . فقلت : يا أم المؤمنين ! أنظريني ولا تعجليني . ألم يقل الله عز وجل : { ولقد رآه بالأفق المبين } [ 81 / التكوير / الآية - 23 ] { ولقد رآه نزلة أخرى } [ 53 / النجم / الآية - 13 ] فقالت : أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : " إنما هو جبريل . لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين . رأيته منهبطا من السماء . سادا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض )
الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 177


فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقال: ( إنما هو جبريل )) الراوي: عبدالله بن مسعود و عائشة - خلاصة الدرجة: صح عن عائشة وابن مسعود - المحدث: ابن القيم - المصدر: زاد المعاد - الصفحة أو الرقم: 3/33
فقالت: أولم تسمع أن الله يقول:( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) أو لم تسمع أن الله يقول:(وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليٌ حكيم).

قالت: ومن زعم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية ، و الله يقول: ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ). قالت: ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية ، والله يقول ( قل لا يعلم من في السماوات و الأرض الغيب إلا الله ))
وبذلك يتضح لنا بأن السيدة عائشة (رضي الله عنها)كانت معقلاً للفكر الإسلامي، وسراجاً يضيء على طلاب العلم. ولذكائها و حبها للعلم كان النبي صلى الله عليه و سلم يحبها ويؤثرها حيث قال:(( وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)).

السيدة المفسرة المحدثة
كانت السيدة عائشة (رضي الله عنها) عالمة مفسرة ومحدثة، تعلم نساء المؤمنين،ويسألها كثير من الصحابة في أمور الدين،فقد هيأ لها الله سبحانه كل الأسباب التي جعلت منها أحد أعلام التفسير والحديث. وإذا تطرقنا إلى دورها العظيم في التفسير فإننا نجد أن كونها ابنة أبو بكر الصديق هو أحد الأسباب التي مكنتها من احتلال هذه المكانة في عالم التفسير، حيث أنها منذ نعومة أظافرها وهي تسمع القرآن من فم والدها الصديق، كما أن ذكائها و قوة ذاكرتها سبب آخر،ونلاحظ ذلك من قولها:(( لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه و سلم وإني لجارية ألعب (بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده)).

ومن أهم الأسباب إنها كانت تشهد نزول الوحي على رسول الله، وكانت(رضي الله عنها)تسأل الرسول عن معاني القرآن الكريم وإلى ما تشير إليه بعض الآيات.فجمعت بذلك شرف تلقي القرآن من النبي صلى الله عليه و سلم فور نزوله وتلقي معانيه أيضا من رسول الله. وقد جمعت (رضي الله عنها) إلى جانب ذلك كل ما يحتاجه المفسر كقوتها في اللغة العربية وفصاحة لسانها و علو بيانها.
كانت السيدة تحرص على تفسير القرآن الكريم بما يتناسب وأصول الدين وعقائده، ويتضح ذلك في ما قاله عروة يسأل السيدة عائشة عن قوله تعالى(( حتى إذا استيأس الرسل و ظنوا أنهم قد كُذِبُوا جاءهم نصرنا…)) قلت: أ كُذِبُوا أم كُذِّبُوا؟ قالت عائشة: كُذِّبُوا، قلت: قد استيقنوا أن قومهم كذّبوهم فما هو بالظن، قالت: أجل قد استيقنوا بذلك، فقلت لها:وظنَّوا أنهم قد كُذِبُوا؟ قالت: معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها، قلت: فما هذه الآية؟ قالت: هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم، فطال عليهم البلاء و استأخر عنهم النصر، حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم، وظنت الرسل أن اتباعهم قد كذَّبوهم جاءهم نصر الله عند ذلك)).
وفي موقف آخر يتضح لنا أن السيدة عائشة كانت تحرص على إظهار ارتباط آيات القرآن بعضها ببعض بحيث كانت تفسر القرآن بالقرآن. وبذلك فإن السيدة عائشة تكون قد مهدت لكل من أتى بعدها أمثل الطرق لفهم القرآن الكريم . أما من حيث إنها كانت من كبار حفاظ السنة من الصحابة، فقد احتلت (رضي الله عنها) المرتبة الخامسة في حفظ الحديث وروايته، حيث إنها أتت بعد أبي هريرة ، وابن عمر وأنس بن مالك ، وابن عباس (رضي الله عنهم).

ولكنها امتازت عنهم بأن معظم الأحاديث التي روتها قد تلقتها مباشرة من النبي صلى الله عليه و سلم كما أن معظم الأحاديث التي روتها كانت تتضمن على السنن الفعلية . ذلك أن الحجرة المباركة أصبحت مدرسة الحديث الأول يقصدها أهل العلم لزيارة النبي صلى الله عليه و سلم وتلقي السنة من السيدة التي كانت أقرب الناس إلى رسول الله، فكانت لا تبخل بعلمها على أحدٍ منهم، ولذلك كان عدد الرواة عنها كبير.
كانت (رضي الله عنها) ترى وجوب المحافظة على ألفاظ الحديث كما هي، وقد لاحظنا ذلك من رواية عروة بن الزبير عندما قالت له (( يا ابن أختي ! بلغني أن عبدالله بن عمرو مار بنا إلى الحج . فالقه فسائله . فإنه قد حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علما كثيرا . قال فلقيته فساءلته عن أشياء يذكرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال عروة : فكان فيما ذكر ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعا . ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم . ويبقى في الناس رؤسا جهالا . يفتونهم بغير علم . فيضلون ويضلون " . قال عروة : فلما حدثت عائشة بذلك ، أعظمت ذلك وأنكرته . قالت : أحدثك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا ؟ قال عروة : حتى إذا كان قابل ، قالت له : إن ابن عمرو قد قدم . فالقه . ثم فاتحه حتى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك في العلم . قال فلقيته فساءلته . فذكره لي نحو ما حدثني به ، في مرته الأولى . قال عروة : فلما أخبرتها بذلك . قالت : ما أحسبه إلا قد صدق . أراه لم يزد فيه شيئا ولم ينقص)) .
الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2673
ولذلك كان بعض رواة الحديث يأتون إليها ويسمعونها بعض الأحاديث ليتأكدوا من صحتها، كما إنهم لو اختلفوا في أمر ما رجعوا إليها. ومن هذا كله يتبين لنا دور السيدة عائشة و فضلها في نقل السنة النبوية ونشرها بين الناس، ولولا أن الله تعالى أهلها لذلك لضاع قسم كبير من سنة النبي صلى الله عليه و سلم الفعلية في بيته عليه الصلاة و السلام .

السيدة الفقيهة :

تعد السيدة عائشة(رضي الله عنها) من أكبر النساء في العالم فقهاً وعلماً، فقد كانت من كبار علماء الصحابة المجتهدين، وكما ذكرنا سابقاً بأن أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم كانوا يستفتونها فتفتيهم، وقد ذكر القاسم بن محمد أن عائشة قد اشتغلت بالفتوى من خلافة أبي بكر إلى أن توفيت. ولم تكتفِ (رضي الله عنها) بما عرفت من النبي صلى الله عليه و سلم وإنما اجتهدت في استنباط الأحكام للوقائع التي لم تجد لها حكماً في الكتاب أو السنة، فكانت إذا سئلت عن حكم مسألة ما بحثت في الكتاب والسنة، فإن لم تجد اجتهدت لاستنباط الحكم، حتى قيل إن ربع الأحكام الشرعية منقولة عنها. فها هي (رضي الله عنها) تؤكد على تحريم زواج المتعة مستدلة بقول الله تعالى : (( والذين هم لفروجهم حافظون.إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين.فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)).

وقد استقلت السيدة ببعض الآراء الفقهية، التي خالفت بها آراء الصحابة، ومن هذه الآراء:
1-جواز التنفل بركعتين بعد صلاة العصر، قائلة((لم يدع رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر . قال فقالت عائشة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تتحروا طلوع الشمس ولا غروبها . فتصلوا عند ذلك )).
الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 833
وعلى الرغم من أنه من المعلوم أن التنفل بعد صلاة العصر مكروه، فقال بعض الفقهاء أن التنفل بعد العصر من خصوصياته .


2- كما أنها كانت ترى أن عدد ركعات قيام رمضان إحدى عشرة ركعة مع الوتر، مستدلة بصلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم ،وذلك عندما سألها أبو سلمة بن عبدالرحمن (( كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ؟ فقالت : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة ، يصلي أربعا ، فلا تسل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي أربعا ، فلا تسل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي ثلاثا . قالت عائشة : فقلت : يا رسول الله ، أتنام قبل أن توتر ؟ . فقال : يا عائشة ، إن عيني تنامان ولا ينام قلبي )).
الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: [صحيح] - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 1147

2 - الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: [صحيح] - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2013



فكان الصحابة (رضي الله عنهم) يصلونها عشرين ركعة، لأن فعل النبي صلى الله عليه و سلم لهذا العدد لا يدل على نفي ما عداه . وهكذا جمعت السيدة عائشة بين علو بيانها و رجاحة عقلها، حتى قال عنها عطاء:(( كانت عائشة أفقه الناس وأحسن الناس رأياً في العامة)).

الخلاصة :
توفيت السيدة عائشة (رضي الله عنها) وهي في السادسة و الستين من عمرها،بعد أن تركت أعمق الأثر في الحياة الفقهية و الاجتماعية والسياسية للمسلمين. وحفظت لهم بضعة آلاف من صحيح الحديث عن رسول صلى الله عليه و سلم .
لقد عاشت السيدة بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم لتصحيح رأي الناس في المرأة العربية ، فقد جمعت (رضي الله عنها) بين جميع جوانب العلوم الإسلامية ، فهي السيدة المفسرة العالمة المحدثة الفقيهة. وكما ذكرنا سابقاً فهي التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم أن فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، فكأنها فضلت على النساء.
كما أن عروة بن الزبير قال فيها:((ما رأيت أعلم بفقه ولا طب ولا شعر من عائشة))، وأيضا قال فيها أبو عمر بن عبدالبر:(( إن عائشة كانت وحيدة بعصرها في ثلاثة علوم علم الفقه وعلم الطب وعلم الشعر)).
وهكذا فإننا نلمس عظيم الأثر للسيدة التي اعتبرت نبراساً منيراً يضيء على أهل العلم وطلابه،للسيدة التي كانت أقرب الناس لمعلم الأمة وأحبهم، والتي أخذت منه الكثير وأفادت به المجتمع الإسلامي. فهي بذلك اعتبرت امتدادا لرسول الله صلى الله عليه و سلم






نصرة محمد رسول الله
كتبت : سنبلة الخير .
-


ما هو واجبنا تجاه امنا السيدة عائشه " رضى الله عنها "


قال تعالى : "إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ
لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ " النور 11

إننا وقلوبنا تحترق عندما يؤذى رسولنا صلى الله عليه وسلم ويهان في عرضه وزوجه أم المؤمنين أمنا عائشة رضي الله عنها
والكل يسأل ما دورنا تجاه أمنا
نحتاج إلى وقفة صادقة لنوجه تلك العاطفة إلى دفاع عملي واقعي يجعل من تلك الفتنة
" خير لكم "
فعندما سب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ما كان وجدنا بعد ذلك من عجيب قدر الله وعمله لدينه أن ازداد الناس حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفه من كان يجهله وكذلك في غيرها من الفتن

وحتى لا أطيل النفس في المقدمة
نود أن نجعل من هذه المشاركة توجيها وبيانا لما يجب علي كل واحد منا فعله في الفتن عامة وفي هذا الابتلاء خاصة فقد تتباين ردود أفعالنا وتختلف ولكن كما ذكرت نريد توجيه هذه الطاقات توجيها منضبطا بما يعود علينا وعلى الأمة بالنفع
لذلك مشاركتي وحدها ليست إجابة على السؤال ولكني ادعو الجميع للمشاركة في هذا الموضوع من خلال بعض العناصر والتي قد تزيد أو تعدل - ذلك أن هذا الأمر يحتاج إلى مجهود جماعي لا فردي لنخرج منه بثمرة ونفع

روي عن عبد الله يعني ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مر بعبد من عباد الله يضرب في قبره مائة جلدة فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدة واحدة فامتلأ قبره عليه نارا فلما ارتفع عنه وأفاق قال علام جلدتموني قال إنك صليت صلاة بغير طهور ومررت على مظلوم فلم تنصره

وحسنه الألباني في صحيح الترغيب

فهل
مررنا على الإسلام ولم ننصره
مررنا على الإسلام ولم ننصره
مررنا على الإسلام ولم ننصره

اخواتي ارجوكم نريد همم عالية دفاعا عن ام المومنين
كافي خذلان وسكوت
يوم القيامة اذا عرض السؤال علينا
ماذا عملتي تجاه السيدة عائشه عندما قاموا سببها
وسوف نكون مسئولون عن ذلك

واجبنا تجاه امنا السيدة عائشه

1- معرفة سيرة السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها والوقوف على مكانتها في الأمة
2- تفريغ بعض محاضرات وكلمات مشايخنا لاسيما كلمة شيخنا محمد حسان حفظه الله للرد على تلك الشبهات ووضع موضوع كامل منفصل في الرد العلمي المفصل على تلك الشبه الخائبة
3- نشر سيرة السيدة عائشة رضي الله عنها وتعليمها للناس
4- اعداد بعض المقاطع المرئية للدفاع عن السيدة عائشة رضي الله عنها وبيان مناقبها
5- واذا لديكم اي اقتراحات او اراء حول هذا الامر

في انتظار مشاركتكم


ابنة الحدباء


الصفحات 1 2  3  4  5  ... الأخيرة

التالي

صفحة روابط حملة ~~~.....انه الله.....~~~

السابق

حملة ~~~.....انه الله......~~~

كلمات ذات علاقة
أم , للمشاركة , المؤمنين , الحفاظ , حملة , دعوة , رضي الله عنها , عاوزه , عن