تاريخ الموصل (حملة سماء الإبداع)
مجتمع رجيم / الموضوعات المميزة فى قسم التاريخ
كتبت :
سنبلة الخير .
-
تاريخ الموصل
إن الموصل إحدى قواعد بلاد العرب والإسلام ولها تاريخ حافل بالمآثر في اختلاف العصور
سبب تسميتها ومسميتاها
سكن العرب الموصل وبلاد الجزيرة قبل الميلاد
الموصل: هو اسم عربي مشتق من الوصل ، أطلقه عليها سكانها الذين مصروها ، ذلك لوقوعها على ملتقى طرق تصل بين أقطار مختلفة
وكان العرب يطلقون اسم الموصل على الحصنين ( الشرقي والغربي) كما كانوا يقولون عن الموصل وبلاد الجزيرة (الموصلان) قال رجل من طي
وبصرة الأزد منا والعراق لنا
والموصلان ومنا الحل والكرم
وتسمى الموصل أم الربيعين لان فصل الخريف فيها يشبه الربيع
وكذلك يطلق عليها كما في لقبي المستعار في هذا المنتدى ( الحدباء )
وتسمى الفيحاء ، لجمال ربيعها وكثرة أزهارها
ويسميها البعض البيضاء ، لان دورها مبنية بالجص والرخام
فان تاريخ الموصل كثير وواسع وسوف أتتطرق عن تاريخ الموصل في عهد الخلفاء الراشدين
في سنة 16هـ انتصر سعد بن أبي وقاص على الفرس في القادسية وداوم في زحفه إلى المدائن ودخل عاصمتهم فلاذوا بالفرار إلى الجبال الشرقية ورأى سعد بعد هذا عدة أمور
ومن هذه الأمور
حملة تتوجه إلى تكريت ومنها إلى الموصل وكانت بقيادة " عبد الله بن المعتم" وتتألف من خمسة الآلف مقاتل
كان على مقدمة الحملة " ربعي بن الافكل العنزي" وعلى ميمنتها " الحارث ابن حسان الذهلي " وعلى ميسرتها " فرات بن حيان العجلي" وعلى ساقتها " هاني بن قيس" وعلى الخيل " عرفجة بن هرثمة البارقي " ووصل الجيش بعد مسير أربعة أيام من المدائن
وكان (الإنطاق) قائد الروم قد خرج من الموصل إلى تكريت ليصد المسلمين عنها وجمع ما أمكنه من الروم ومن القبائل العربية
أرسل عبد الله بن المعتم العيون يستطلع حالة العدو ، ولما علم بالقبائل العربية التي معهم واخذ يستميلهم ويمنيهم فأقبلت جماعة منهم واخبروه بصدقهم معه ومساعدتهم لإخوانهم وطلبوا منه الأمان لهم وللعرب الساكنين في هذه الديار
فأراد عبد الله أن يتأكد من مدى صدقهم وإخلاصهم في هذا فقال
إن كنتم صادقين فاشهدوا أن لااله إلا الله وان محمد رسول الله ثم أعلمونا رأيكم
رجع الرسل إلى قبائلهم وعرضوا عليهم الأمر فقبلوه وأعادوا رسلهم إلى عبد الله يؤكدون له إخلاصهم وصدقهم ويرحبون بقدومهم وتخلصيهم مما هم فيه وصاروا يطلعون المسلمين على أمور جيش العدو
بعد أن تأكد عبد الله من صدق القبائل العربية معه دبر معهم خطة للهجوم على الروم
يهجمون المسلمين من جهة البر والقبائل من جهة ال حتى لا يستطيع الروم الفرار
هجم عبد الله بن المعتم على جيش الإنطاق من جهة البر فرأى الروم لا قدرة لهم فذهبوا على جهة البحر للفرار من جيش المسلمين لكن وجدوا القبائل العربية تضربهم من الوراء وتم القضاء عليهم
فكانت تكريت بيد المسلمين سنة 16هـ وغنم المسلمون منها مغانم كثيرة
وبعد ذلك سير عبد الله بن المعتم جيشا إلى الموصل بقيادة " ربعي بن الافكل " وكانت معه القبائل العربية التي انضمت إلى المسلمين في تكريت وذلك لما لاقوه من حسن معاملة المسلمين الفاتحين وطمعا في تخليص إخوانهم من حكم الروم
ولم يلاق هذا الجيش مقاومة في طريقهم لان سكان البلاد كانوا مع الجيش الفاتح
ودبر ربعي بن الافكل خطة الفتح مع القبائل العربية ونجحت خطتهم ودخلوا حصن المدينة من دون مقاومة
ثم جاء عبد الله بن المعتم الى الموصل فأقر الصلح مع الذين صالحهم ربعي بن الافكل واصبح ربعي واليا على الموصل وتولى بعد ربعي عتبة بن فرقد السلمي وكان من الولاة المحبين للاصلاح ، فبنى المسجد الجامع سنة 17هـ وبنى الى جانبه دار الامارة وعين منازل لبعض العرب النازحين الى الموصل
وفي سنة 22هـ سار الى اذربيجان وفتحها وتولى امرها
وعين الفاروق " عمر بن الخطاب " عرفجة بن هرثمة البارقي على الموصل سنة 22هـ وكان هذا من رجال الحرب
وصارت الهجرة الى الموصل مستمرة فخطط عرفجة منازل العرب المقيمين فيها والنازحين اليها وثبت خطط القبائل فيها ، فتوسعت المدينة وكثر سكانها وضاق المسجد الذي بناه عتبة بالمصلين فوسعه عرفجة
واستمرت الموصل بالتوسع بنزوح القبائل اليها وما وجده سكانها من حسن معاملة المسلمين الفاتحين
وفي خلافة عثمان بن عفان " رضي الله عنه" تولى الموصل " حكيم بن سلام الحزامي " سنة 34هـ وسار على خطة عرفجة في توطين العرب النازحين
ولما تولى الخلافة علي بن ابي طالب "رضي الله عنه" ولى على الموصل " معقل بن قيس الرياحي" فوطد له الامر في بلاد الجزيرة وزدات هجرة القبائل الى الموصل من الكوفة والبصرة
ثم سار ابراهيم بن مالك النخعي قبل معركة صفين التي كانت سنة 37هـ فاستولى على بلاد الجزيرة والموصل وديار بكر وهيت وبعض بلاد الشام
وفي سنة 39هـ ولي الإمام علي بن ابي طالب "رضي الله عنه" " عبد الرحمن الخثعمي على الموصل فتصدى له التغلبيون وقتلوه قبل ان يدخل الموصل .
وفي سنة 40هـ قتل الامام علي "رضي الله عنه" وانتهى دور الخلفاء الراشدين ، والموصل في توسع وازدهار ، لما لاقته من اهتمام الخلفاء بها وخاصة الفاروق "رضي الله عنه" فانه راى للموصل من خطير فهي تقع على ملتقى طرق تصل بين الهلال الخصيب ومنها الى ارمينية واذربيجان ، واتخذ فيها احد الاجناد الستى التي جندها في البلاد المهمة وكانت تابعة للكوفة ومنها خرجت الجيوش الى اذربيجان وارمينية كما خرجت منها الجيوش الى بلاد الجزيرة والشام ، وساعدت المسلمين في فتح البلاد
وفي خلافة عثمان بن عفان "رضي الله عنه" عزز جند الموصل ، فأضاف اليه (4000 مقاتل) وجعل عليهم عرفجة الذي كان يتولى الموصل ونظم ادارتها وخططها .
إن المسلمين كانوا محررين للبلاد التي فتحوها ومنها الموصل ،فانهم لم يعاملوا السكان معاملة الغالب للمغلوب ، كما كان عليه القياصره والأكاسرة فأزلوا نظام الطبقات بين الناس وجعلوهم طبقة واحدة لا فرق بين سيد ومسود ، كلهم شركاء في البلد ولهم حرية العمل والتصرف بما يملكون وما يعبدون
وكانت الضرائب التي وضعوها على السكان زهيدة ، فقد عين (عياض بن غنم) ما يدفعه الفرد من أهل الجزيرة ومنها الموصل
ولما زرع المسلمون وكثرت خيراتهم ، فان الفاروق خفف عن أهل الجزيرة وأقتصر على ان يدفع الغني 48 درهماً في السنة ويدفع متوسط الحال 24 درهماً ويدفع دون هذا 12 درهماً
كان الروم والفرس يجندون أهل البلاد ويرسلونهم الى ميادين القتال يقتل بعضهم بعضا لا لغاية سامية وانما لتثبيت عرش كسرى او قيصر وان المسلمين لم يقسروا اهل الكتاب او غيرهم على الجندية بل اكتفوا منهم بجزية سنوية توخذ من البالغ القادر على الكسب وكان شي زهيد بجانب ما كانوا يلاقونه من ويلات الحرب والقتل ، فهم معفون من الخدمة في الحرب ولهم المنعة والذمة
ولما رأى السكان حسن معاملة المسلمين وسماحة دينهم الحنيف وعنايته في معاملة الضعيف ورفع مستواه وبازالته نظام الطبقات ليس لاحد فضل على احد الا بالعمل النافع فاقبلوا يدخلون في هذا الدين السمح ويسعون في نشره وتحرير اخوان لهم ذاقوا مرارة حكم جائر وانضموا الى صفوف المسلمين راغبين في اعلاء كلمة الله واحقاق الحق ويدافعون عن حقوق نبيلة أكتسبوها بعد عسف وذل كانوا عليه
المصدر
تاريخ الموصل
سعيد الديوه جي
