كيف تؤهلي نفسك للدعوة؟
مجتمع رجيم / ملتقى داعيات منتدى ريجيم
كتبت :
ماريى
-
بقلم/ أ. سارة الراجحي.
إعداد المرأة الداعية نفسها جيداً لهذا الدور,وتحمل مسؤولياتها المُـناطة بها تجاه مبادئها,والآخرين يعد أمراً عظيماً,وقد يكون غاية في حد ذاته , ولا يتأتى ذلك إلا بتوافر الشروط اللازمة لها للقيام بذلك الدور الذي يمكن وصفه نوعياً وكمياً إن كان مؤهلاً لذلك , وقد يخضع باستمرار للتقويم من داخلها,و من الآخرين كذلك .
وضعي في ذهنك أنك إذا أعددت نفسك جيداً لمهمة الدعوة؛فهذا يعني أنك أنجزت نصف المهمة
لهذا نطرح أمامك بعض الأمور التي ينبغي التحلي بها ومراعاتها :-
1- الإخلاص والصدق :-
تحتاجين إلى كمية غير محدودة من إكسير الأعمال ومفتاحها، وهو ( الإخلاص) في القول والعمل، كي يقبل عملك ، و يتولد لديك الصبر والاحتساب ، والعزيمة القوية ، وعدم استحقار المعروف مهما كان صغيراً لا تتركي الإخلاص في العمل بملاحظة غير الله فيه؛ فترك العمل لأجل الناس رياء,والعمل لأجلهم شرك، والإخلاص هو الخلاص من هذين؛ فلا تطلبي لعملك شاهدا غير الله .
ابتغي وجه الله في الدعوة إليه وابتغي نصرة دينه ، ولا تنتظري جزاءً أو شكوراً؛فلا يجتمع الإخلاص مع حب الثناء في قلبٍ واحد؛ فاسعي إلى كتمان حسناتك وأفضالك ككتمانك سيئاتك، وإلى استواء الذم,والمدح من العامة عندك,ونسيان رؤية الأشخاص في الأعمال، وترك استقصاء ثواب العمل في الدنيا .
وتذكري دوماً الإخلاص هو سبب القبول عند الله تعالى، وهو كذلك سبب الإتقان، فما أخلص إنسان في شيء إلا وأتقنه ، وأن الإخلاص يتطلب اتهام النفس بالتقصير دائما، والخشية من عدم الإحسان، وذلك يدفع إلى التطور الدائم إلى الأحسن؛فإن الذي يتهم نفسه بالتقصير يعمل على الدوام على الارتقاء إلى الأفضل كي يسلم من ذلك.
واعلمي أن ّ الإخلاص يبعث على الصبر والأمل الدائم؛لأن المخلص عمله لله فهو يرجو ثوابه، وثوابه مكتوب سواء قبل الناس دعوته أم ردوها؛ لذا فإنه إذا جعل الإخلاص نصب عينيه لم يبال بقبولهم أو إعراضهم، لعلمه أن الله يكتب ثوابه في كلا الحالتين، بخلاف الذي لا يخلص فإنه يجعل همه الأول قبول الناس، فإذا لم يقبلوا مل وترك دعوتهم.
لتكن خطاك في طريق الدعوة؛كخطوات من يمشي على رمل ناعم لا يُسمع لها وقع ، لكن بالتأكيد سيكون لها أثر بين,ولا تنسي أنّ من صدق الله صدقه ؛فصدقك في حمل دعوتك وتبليغها أمر مهم جداً ، فاصدقي الله في الدعوة لأجله ، واصدقي الدعوة في انسجام الظاهر, والباطن لديك .
وآثري الصدق في أعمالك, وتحريه حتى تكون خالصة لوجه الله ؛ فإن لم تكن كذلك فاعلمي مسبقاً أن ما تقومين به هباءً منثوراً,واحرصي على صدق الأقوال ,والأفعال, و تحريه بعيداً تماماً عن الكذب أو التورية مهما حدث ، فلا تكوني باباً تنفذ منه السهام .
وضعي في ذهنك دائماً أنك حينما تصدقين الله في دعوتك ,ويسري الصدق في حياتك,ومنهاجك فإن الله سيجزيك بصدقك,وستكونين عند الله,وعند الناس صادقة محبوبة ،ومقربة موثوقة ، وسيتقبلون ما تدعين إليه ؛لأنهم تقبلوك ، فمن صدق الله صدقه !
2- عـُـلــوّ الهمــّــة : -
استصغري مادون النهاية من معالي أمر الدعوة إلى الله ، وضعي هدفاً لك بلوغ الغاية التي يريد الله أن تبلغيها, كما كان الرسل الكرام على رأس قائمة عالي الهمة في هذا المجال ،وكما كان محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك الغاية العظمى, والمثل الأعلى إذ لم يكن همه هداية قومه من قريش أو من العرب فحسب,وإنما خاطب ملوك العالم, و رؤساءه كي ينقذ البشرية بأكملها .
ثقي بالله عز وجل واصدقي في التوكل عليه, وحسن الظن به؛فتقوية هذه العناصر تعتبر من الوسائل الجذرية لاكتساب فضيلة قوة الإرادة وعلو الهمة , فضعف الإرادة والهمة من عدم الثقة بالنفس,والثقة بالله مع حسن التوكل عليه ,وحسن الظن به تمنح الإنسان عامة, والداعية خاصة ثقةً بسداد ما بينّه أمرا متوكلة ً فيه على ربها, وأملاً بمعونة الله في تحقيق النتائج التي ترجوها , فتقوى بذلك إرادتها وتعلو همتها " .
وضعي دائما مرضاة الله - عز وجل- لك هدفا ,وتذكري أن جائزته العظمى هي الجنة ، وسلعة الرحمن هذه ليست رخيصة .
3- الصـبر والاحتساب :-
" الصبر ضياء " رواه مسلم , والصبر خصلة عظيمة يحتاجها الإنسان عموماً,والداعية خصوصاً؛لأنها ستتعرض في طريق الدعوة للكثير من المحن التي تحتاج صبراً يذوبها ولا يفت عضدها فتكمل المسير قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ ﴾. [آل عمران 200]
من هنا يجب أن تعودي نفسك على الصبر،وأن لا تجزعي ، ولتعلمي بأنه ستأتي عليكِ أيام ٌ صعبة تتعرضين فيها للأذى ,والسخرية,والتثبيط ,والمشقة ,والتعب؛فعند مجيء هذا عليك أن تتذكري صبر من هم خير منك ِ في سبيل إبلاغ رسالة الله من الأنبياء والرسل ، ولتعلمي بأن الله أمر من هو خير منك بالصبر على أذى الكفار,والمنافقين؛ فكيف يكون حالك ِ ؟
قطعاً إنه أحوج بكثير قال تعالى :﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ﴾ . [طه :130]
إن ّرسولنا الكريم قد نالته ألوان مختلفة من البلاء ،وضرب, و شتم ,وضيق عليه, وعلى أصحابه ، فكان صبره في القمة في ميدان البلاء؛فتعرفي على أنواع الأذى التي تعرض لها حبيبنا,ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام ، واستحضريها دائماً ،وسيهون الأمر عندها ، و ستطيب نفسكِ بعد أن تتذكري الجزاء الذي أعده الله للصابرين : ﴿أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا﴾[الفرقان 75],﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 35],﴿ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ﴾. [الإنسان: 12]
لا تكوني كالسعفة التي تشتعل بسرعة وتنطفئ بسرعة ، وأدركي جمال هذا العمل الذي تقومين به ، و لتفخري بأنك ِ في زمن الانشغال بأمور هذه الحياة انشغلت ِ بما هو خير من ذلك، و عليكِ أن لا تقنطي من رحمة الله ، واحتسبي الأجر عنده؛فقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم أن العسر لا يدوم لمن احتسب, وصبر,وعلم أن ما أصابه بمقدور الله,وأنه لا مفر له من ذلك في الصبر شيء من القسوة، وشيء من الشدة, ولكن عاقبته أحلى من العسل.
صبراً جميلا ما أقرب الفرجا