الأمي ... بأبي أنت وأمي ...

مجتمع رجيم / السيرة النبوية ( محمد صلى الله عليه وسلم )
كتبت : رجائي الجنه
-
( الأمي ) صلى الله عليه وآله وسلم


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي قلدنا من جواهر آلائه ، و أولانا من مجمل إحسانه وعطائه ، وأفاض علينا من كرمه وباهر إسدائه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله المرتضى ، والسند المرتجى ، والرسول المنتقى ، والحبيب المجتبى ، والسراج المضيء المزهر ، والصبح المسفر ، ناموس الصدق والصواب ، والمعلم العجاب ، ومجمع الحكم في كل كتاب ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير الأصحاب ، وسلم تسليماً كثيراً .


( أرجو التكرم بقراءة المقدمة التالية بتدبّر وتفكّر )


هذه نظراتُ مخلوق محدود العلم ينظر في كتاب الله المطلق العلم وفي سيرة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، نظراتُ مخلوقٍ يؤمن بأنّ فهم السلف لا يُعفي الخلف من مسئولياتهم تجاه هذا الدين وهذا الكتاب العزيز . وهي نظرات من يؤمن بأنّ أعظم الخلق فهماً لا يُحيط بشيء من العلم إلا بما شاء الله ، قال تعالى : " وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ " . ( البقرة : 255 ) .


ولا نزعم أنّ ما نقدّمه من نظرات يُغني السائلين و يُقرّ أعين الناظرين ، بل هو رأي كسائر الآراء يمكن قبوله أو رفضه أو تطويره ، فالرأي المحمود هو ما كان لله تعالى متجرداً للحق وللوصول إلى الحقيقة فهذا يؤجر صاحبه إن شاء الله أجران إن أصاب وأجر إن أخطأ ، أما رأي الهوى وتعطيف الأدلة وليّها لتوافق الرغبات والعادات والتقاليد الشخصية والتعصب القبلي المقيت فهذا هو الرأي المذموم والذي قد يخشى على صاحبه .


ويكفينا كهدف أساسي أن نثير لدى المسلم الواعي الدافعيّة إلى النظر والبحث والتفكر والتدبر في كتاب الله الحكيم وفي سيرة رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ، بدلاً من النقل الروتيني الأعمى ، وإكمال مسيرة الكرام من السلف والخلف الصالح ، وضرورة أن نكرر النظر فيه مراراً وتكراراً ، ولا نخشى عليه من قصور المتدبّرين ، لأنّه كفيل بتصحيح الأفكار و تقويم الأفهام ، أمّا تأويله كاملاً على مدى الزمان فلا يعلمه إلا الله ، والراسخون في العلم يعلمون تأويله في زمانهم ومكانهم فقط حسب خلفياتهم العلمية والثقافية والاجتماعية ، ويقولون أن المحكم والمتشابه وتفصيل الكتاب كلٌ من عند ربنا .

القرآن الكريم هو كلام الله الميسّر بلسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الناس كافة ، مؤمنهم وكافرهم , عالمهم وجاهلهم ، غنيّهم وفقيرهم ، المبصر والأعمى , ليقيم الله بهذا " الكتاب " الحجة على كل من بلغه ، ولا تكون حجة ما لم تكن بيّنة معقولة ، حتى يفقهها كل من سمعها ، قال تعالى :
" فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ " . ( الدخان : 58 ) .


" صفة الأمي "


أعظم صفات الرسول النبي محمد التي لا تنبغي لغيره صلى الله عليه وآله وسلم !


إن ما وصل إلينا من " آراء " في هذا الباب ( الأمي ) , لا يطمئن إليها قلب المؤمن السائل المتدبر ، والله أعلم بالحق والمراد أن معنى " الأمي " ليس كما وصلنا .


فهي إجتهادات أولاً وأخيراً ، بقي قائلوها من صالحينا وأكابرنا على عهدنا فيهم من الهدى والسداد ، دون أن يتبوؤا مقاعدهم من النار ، كما يفهم من يطلق الحديث لهواه ! .


وأظهر ما وصلنا : أن يحمل " الأمّي " على الذي لا يقرأ ولا يكتب فهو على حاله التي ولدته فيها " أمه " .
أو أن يحملوها على المبعوث من الأمة " الأمّية " ، على القاعدة " القرآنية " الراسخة في تقسيم الناس الى أمتين ، " أمة " أمّية لم يؤتها الله كتاباً ، ولم يرسل إليها رسولاً ، وأمّة " كتابية " أتاها رسول من الله وجاءها الكتاب ، كاليهود والنصارى ، بدليل قوله تعالى :
( وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم ) .


والناس كانوا " أمّة واحدة " إختلفت فيما بعد ، فأنزل الله إليهم الكتاب ، قال تعالى :
( كان الناس أمّة واحدة ، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ) .
فأصل الناس كما هو ظاهر " أمّيّون " ثم أنزل الله الكتاب .


وقد يكون الإنسان " كتابياً " وهو لا يقرأ ولا يكتب ..
وقد يكون " أمياً " وهو يقرأ ويكتب ! .


فالأمي عند علمائنا ، هو الذي بعث من " الأميين " ، ولكن ظاهر الكتاب للمتدبر على خلاف هذا ، ولا يُلْزم الناس بشيء لم يلزمهم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو صحابته فيما فهموه عنه مجمعين عليه كاتبين له , تقرأه العامة والخاصة .


السؤال الأصل


لم ترد " الأمي " وصفاً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القرآن إلا مرتين ، ولم يوصف بها ( فيما نعلم ) نبياً غير النبي محمد عليه وآله الصلاة والسلام ، فوردت مرة في دعوة اليهود والنصارى لوجوب إتباعه على أنه
" الرسول النبي الأمّي " في الآية 157 ، ثم في الآية التي تليها مباشرة من سورة الأعراف : " قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ " . ( الأعراف : 158 ) .

فبهذه الصفات الثلاث متتالية يوجب الله على الناس جميعاً ( بما فيهم أهل الكتاب )
أن يتبعوا هذا " الرسول ، النبي ، الأمّي " ...


وهنا أصل السؤال !


أن يؤمر الناس جميعاً بإتباعه لأنه رسول من الله ، أمر معقول واجب , وأن يؤمر الناس جميعاً بإتباعه لأنه نبي الله ، أمر واجب أيضاً ، يستسيغه كل مدعو بهذه الآية ، أما أن يؤمر الناس جميعاً بإتباعه ، لأنه " لا يقرأ ولا يكتب " ، فهذا فهمٌ فيه نظر .


فلا خلاف أن إتباع " الكتاب " ومن يحمل الكتاب أولى من إتباع ما سواه . ثم من يضمن لنا ببينة ، أنه لم يكن نبي لا يقرأ ولا يكتب غير رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم أن أكثر النبيين " أمّيين " على المعنى الثاني في التفسير ، حتى الساعة التي يؤتوا فيها صحيفة ، أو يؤمروا بإتباع كتاب . فلم يعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهذا " أمّيا " بالمعنى الثاني للتفسير ، عند أول أية تلقاها .


فوجب أن تكون " الأمّي " كصفة حصريَّة متفردة لهذا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وجب أن تكون ركناً وشرطاً أساساً في وجوب إتباعه من الناس كافة , كرُكني الرسالة والنبوة ، فيجد المدعو بهذه الآية نفسه طائعاً مقتنعاً بوجوب إتباعه لأنه " الأمّي " والرسول والنبي ! .


فماذا إذاً ؟


القرآن أَولى بالتصديق ، وظاهرُه أولى بالإتباع ، فهو من أوَّلِه كتابٌ عربيٌ مفصَّل مبيَّن .
فـ " الأمّي " أصلها " أُم ْ" أضيفت إليها ياءُ النسبة ، كـ " مكِّي " نسبة لمكة ، و " مدني " نسبة للمدينة ، والأم بلسان القرآن العربي تعني : الأصل و الأول ، فـ " أم " الإنسان أصله وأوله ومنشأه ، كما في سورة القَصَصْ : " وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ القُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا " . ( القصص : 59 ) .
أي في أصولها وجمعها , وليس هناك مسلم لا يعرف " أم الكتاب " التي في أول القرآن وأصله , وهي السبع المثاني والقرآن العظيم بوصف النبي المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم لها ، بكونها " أم الكتاب " .
وآية ( آل عمران : 7 ) دليل آخر : " هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ " ، بما تحمله الآية من معاني الأصول والجوهر .


فهو بذلك الرسول النبي " الأصل " و " الأول " بكل ما تعنيه الكلمة من معاني" الأصل " في الرسالة والمنشأ , و " أصل " اللغة واللسان ! .


فهو كما في صحيح الحديث : " إني عند الله مكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمجندل في طينته " ،


فلم يُبعث نبي ولم يرسل رسول إلا على " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ، كما تقرره آية آل عمران :
" وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ " . ( آل عمران : 81 – 82 ) .
وفي الحديث : " لو كان موسى حياً ما حل له إلا أن يتبعني " .


إنها تبدو واضحة


فهو بهذا " أم " الرسالة والنبوة ، ولم يرسل رسول ولا نبي ، إلا وأُمر بإتباع " الرسول النبيالأمّي " ، وأن يأمر قومه بإتباعه ! .
ويشهد له " إمامته " صلى الله عليه وآله للنبيين في المسجد الأقصى ! .
فكان كل نبي ورسول يرسل إلى قومه خاصة وهو يعلم أن محمداً رسول الله ، ويأمر بها قومه ، حتى إذا أدى كل نبي ما عليه في كل الأمم ، بُعث الرسول النبي " الأمّي " عامة لكل الأمم ، فكل الرسل والنبيين مقدِّمون " خاصون " للرسالة العامة " الأم " بالرسول النبي " الأمّي " .


ثم هي في القراءات القرآنية من غير المتواتر , ولكن لها سند يرفعها , فقد قُرأت " الأََمّي " ، بالألف المفتوحة ، كما أوردها إبن جنّي , وعلق عليها بقوله : هو الذي يأتم به من كان قبله ! ، فيما الأصل أن يأتم به من يأتي بعده ، وتؤكد هذه القراءة ما ذهبنا إليه ، فهو النبي " الإمام " للنبيين الأولين وللناس كافة .


فهو هكذا بعث وهكذا قُبض ، و " القرآن " يذْكر " الأمية " على أنها حالة من حالات نبوته كيُتْمِه وفقره صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم تكن بحال شرطاً للنبوة ، إنما هي حالة تُعين على التبليغ : " وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ المُبْطِلُونَ " . ( العنكبوت : 48 ) .


أميّة أخرى عظيمة


فهو رسول الله إلى الناس جميعاً كونه " الأمّي " ، نسبة إلى منشأ الناس الأول مكة المكرمة " أم القرى " ، وكما في الأثر : " كانت الكعبة خشعة على الماء ثم دحى الله الأرض من حولها " ، فكانت مكة أول ما تشكل على ظهر البحر ، ثم انبسطت الأرض من حولها " ،


" وَلِتُنْذِرَ أُمَّ القُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا " . ( الأنعام : 92 ) .


" إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ " . ( آل عمران : 96 ) .


فمكة المكرمة " أم القرى " أصل نشأة الناس وإنتشارهم ، ليكون بذلك النبي " الأمّي " للناس جميعاً ، كونه من " أم قراهم " ، ومن " بيت " أبيهم الأول ، وإن تباعدت بهم السبل وتفرقت بهم الأرضون ، فهذه أرضهم و " بيت " أبيهم آدم من قبل ، فهو أرسل لهم كافة .


أمية ثالثة كبيرة


ثم هو النبي " الأمّي " الوحيد الذي تكلم بلغة الناس " الأم " ، ولعل هذا الفهم قد يحل سؤالاً عظيماً ، ألا وهو ... ما ورد في سورة إبراهيم : " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم " . ( آية : 4 ) .
فأرسل نوح بلسان قومه ليبين لهم ، وكذا موسى وعيسى ، وسائر النبيين بلسان قومهم ، فإذا كان رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو رسول الله إلى الناس جميعاً ، وكتابه الوحي رسالة إلى الناس جميعاً ، وجب أن يكون لسانه لسان الناس جميعاً ، وهذا ما لم يكن فيما يظهر لنا ونراه .


فكيف يستقيم هذا ؟!


كالتالي : إذا كان موسى النبي الخاص لبني إسرائيل يبعث بآية يعقلها كل أهل الأرض ، ومثله عيسى إبن مريم , ويرسل النبي محمد رسول الله إلى الناس جميعاً ، فهل يرسل بآية لا يعقلها إلا خاصته وقومه ؟! ،
إلا أن يكون أمراً آخر وأعظم مما كان يبدو لنا ...
فإن كان كل رسول يرسل بلسان قومه ، فيكون لسان القوم لسان نبيهم , وأرسل النبي محمد عليه وآله الصلاة والسلام بلسانه العربي " الاُم" , الذي أرسل به وأنزل به كلام الرب الذي خلق الناس جميعاً ! .فهو بهذا أرسل بلسانهم " الأم " الذي كان عليه الناس أول ما كانوا ، ثم تبدلت ألسنتهم واختلفت ، فعليهم أن يرجعوا إلى لسانهم " الأم " ، لسان نبيهم " الأم" محمد صلى الله عليه وآله وسلم .


وفي القرآن شاهد على ما نقول ، فالقرآن لا يُقر إلا " لسانين " إما عربي أو أعجمي ، فكل الألسن على إختلافها ما لم تكن عربية فهي أعجمية، والأعجمي هو الذي لا يُبين ولا يُفصّل . وتعريف " العربي " لغة : ما أبان وفصّل ، وهذا ظاهر نصوص القرآن .


وآية سورة ( فصلت : 44 ) تفصل هذا بوضوح :
" ولو جعلناه قرآناً أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته ، أأعجمي وعربي " .
فالأعجمي بنص الآية غير مفصَّل ولا مفصِّل ، إنما هاتان الصفتان للسان " العربي " :
" ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر ، لسان الذي يلحدون إليه أعجمي ، وهذا لسان عربي مبين " . ( النحل : 103 ) .
فالأعجمي لا يبين ، إنما العربي هو المفصل المبين :
" حم ، تنزيل من الرحمن الرحيم ، كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون " . ( فصلت : 1 ) .


ولعل هذا الفهم أيضاً بخصوص الفرق بين العربي والأعجمي , قد يحل مشكل آية فصلت :
" ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته ، أأعجمي وعربي " .
فكل من ينظر في تفسير هذه الآية يجد خلافاً في التأويل لا يكاد يشفي سائلاً ولا مستفسراً ، أما بهذا الفهم والشرح الذي بيناه فيمكن حل مشكِلها ، فالعربي هو المفصل فقط ، فلا يكون أعجمياً ومفصلاً ، لتفهم الآية بعدها هكذا :
" ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته ، أأعجمي ومفصل " ؟! .
فلا يطلب التفصيل في ما أعجم ، إنما العربي هو المفصل ! .


وكتاب لسان العرب حجة لما نقول ، فيقال : رجل مُعرِب إذا كان فصيحاً مبيناً , وإن كان أعجمي النسب ، والإعراب هو الإبانة ، ولمن أراد الاستزادة فليرجع للأصول ! .


وبهذا يصبح " الرسول النبي الأمّي "


واجب الأتباع بهذه الأركان الثلاثة : " أمّية " الرسالة والنبيين وإمامتهم ، و " أمّية" الأرض والمنشأ في أم القرى ، و " أمّية " اللسان واللغة ، فهو الرسول للناس جميعاً صلى الله عليه وآله وسلم .


ولنا اليوم ( بهذا الفهم ) أن ندعو أهل الكتاب والناس جميعاً لإتباعه صلى الله عليه وآله وسلم , فهو نبيهم " الأم " بكل ما في الكلمة من معاني .


وقد يسأل سائل ، إذا كانت من " أمّية " النبي محمد عليه وآله الصلاة والسلام إمامته للناس وللنبيين ، فكيف نفهم الآيات :
" إن إبراهيم كان أمّة قانتاً لله حنيفاً ولم يكن من المشركين ... ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم " . ( النحل : 120 - 123 ) .


وأحسن قول المفسرين ، أن إبراهيم عليه السلام كان إماماً ، بدليل ما ينبني عليها من بعد ، بالأمر بالإتباع ، فإن كان كذلك ، فكيف يكون رسول الله هو الإمام " الأم " ، ثم يؤمر بإتباع إبراهيم الإمام ؟

الجواب : أنه يستقيم أن يكون رسول الله مُتّبعاً في حال مخصوص في وقت مخصوص ، متبوعاً إماماً في عامة الأحوال على أنه خاتم النبيين ، مثله في هذا كمن يتبع إماماً ما ، في باب ما ، ثم يغدوا بعدها إماماً لإمامه وسائر أقرانه .
كما فعل الإمام الشافعي عندما صلى خلف الإمام أحمد فأتّبع مذهب الأمام أحمد في ذلك الموقف ، وهذا ما جرى فعلاً ، وأكد ما ذهبنا إليه , يوم أم النبي محمد عليه وآله الصلاة والسلام النبيين جميعاً وفيهم النبي إبراهيم ، فهو بهذا إمام النبيين , وهو بهذا النبي " الأمي " ! .


سؤال في محله


وهنا نطرح سؤالاً على من أحب أن يشاركنا فهمنا ، إذا كنا نقرأ : " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين " . ( الأحزاب : 40 ) .


فهل من الممكن أن تكون " خاتم النبيين " بمعنييّها الضد ، أي آخر النبيين وأول النبيين ، إذ المختوم هو المغلق من أوله وآخره ؟ .


ولمن نظر في لسان العرب وجد العرب تقول : " ختم الزرع " إذا سقاه أول سقيه ، والنبي محمد عليه وآله الصلاة والسلام صاحب مثل الزرع في القرآن :
" ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه " . ( الفتح : 29 ) .

فأول سقي الزرع هو الختم ، ولم نعلم أن أحداً من النبيين من أولهم الى آخرهم كان خاتماً مختوماً بالنبوة إلا رسول الله محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام . وبهذا يمكن لنا أن نفهم ما معنى " محمد " :
فالإسم وإن كان من ظاهر الحمد ، إلا انه وجب علينا أن نقرأ الإسم مصاحباً للصفات الثلاث :
" الرسولالنبي - الأمّي " .

فهو محمد الرسول النبي الأمّي ، أول الرسالة وآخرها وخاتمها ، فكان في كتاب الأولين " أحمد " الممتلئ حمداً ، فلما بعث صار " أحمد " حقيقة في الآخرين ، فجمع له حمد الأولين والآخرين فصار محمداً ! .


ألا ترون أن الله يبدأ الأولى بالحمد ويختم الآخرة بالحمد :
" وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين " . ( الزمر : 75 ) .


فالله يجمع بين الأولى والآخرة بالحمد : " وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة ، وله الحكم وإليه ترجعون " . ( القصص : 70 ) .
كأن الحمد عند الله هي تعرفة التمام والإكتمال .


فالحمد في التمام ، والتمام في الحمد ، فهو محمد الذي أتم الله به الدين وأكمله ، ثم بعثه الله ليتمم به محاسن الأخلاق ، وآتاه جوامع الكل ، فهذا هو الذي يجمع الله له الرسالة في الأولى وفي الأخرة ويؤتيه الجوامع فيتم له ويتم به ، إنما هو " محمد " صلى الله عليه وآله وسلم .


ولا عجب أن يفتتح الله خمس سور بالحمد ، ويذكر محمداً وأحمد في القرآن خمس مرات مثلها ، ويتم الإسلام ويكمله بخمس أركان ، ثم يعقد له لواء الحمد يوم القيامة .


فهو محمد : المتمِّم المتمَّم ، المكمِّل المكمَّل ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .


" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً " . ( المائدة : 3 ) .


اللهم إن أصبنا فبرحمتك , وإن أخطأنا فبجهلنا ونقصنا وضعفنا ، وصلى الله على النبي محمد وعلى آله وأصحابه ، والحمد لله رب العالمين .

من كتاب ( اللوحة المتكاملة ) .

للدكتور ابو منصور المخزومي القرشي .
كتبت : بسمة بريئة
-


جزاكِ الله خيرا وبارك فيكِ





تحياتي يا اختي الله يسعدك يارب
كتبت : * أم أحمد *
-


فداكِ نفسي وأمي ولأبي وكل من أحب
صلى الله عليك يا رسول الله
يا نبيينا وحبيبنا
وقرة أعييننا
أختي الغاليه بارك الله فيكِ
وحشركِ مع الحبيب المصطفى
صلى الله عليه وسلم
كتبت : رجائي الجنه
-
ليس لشئ أحببت هذه الحياة .. إلا لأنني وجدت فيها قلوبا أحبتني مثلما أحببتها


.. أسأل الله لكم عيشه هنيه وموته سويه ومردا غير مخزي ولا فاضح وأن يجمعني بكم ف جنات النعيم

اامين يارب العالمين
كتبت : رسولي قدوتي
-







جزاكِ الله خيرا غـــــاليتي رجائي

موضوع رائع ,,,,,,, كيف لا وحديثه العذب

عن سيد الأبرار

صـــلى الله عليه وســـلم


لا عدمنا إطلالتكِ المتميزة
كتبت : رجائي الجنه
-
اللهم أنك تعلم أنهم أحباب القلب واصحاب الدرب لإاجمعني بهم فيما تحب
ثلاث لا حرمك الله منها : خشوع ف الصلاة وحب الرحمن وحفظ القران
الصفحات 1 2 

التالي

معانى، اسماء ،رسولنا، الكريم (صلى الله علية وسلم )

السابق

سنة واعجاز -لاتشرب الماء وانت واقف ...

كلمات ذات علاقة
للا , النبي , يالامي , صلى