واضح وبديهي ومتّفق عليه... لكنه خطأ

مجتمع رجيم / العلوم المختلفة و الحياه الطبيعية
كتبت : روميساء22
-
واضح وبديهي ومتّفق عليه... لكنه خطأ
واضح وبديهي ومتّفق عليه... لكنه خطأ
واضح وبديهي ومتّفق عليه... لكنه خطأ

عليه... PIC-611-1346415894.g


واضح وبديهي ومتّفق عليه... لكنه خطأ

واضح وبديهي, لا يحتاج إلى إثبات, يتّفق عليه الناس جميعًا (أو معظمهم)، في معظم الأمكنة ومن دون اتّفاق. كيف يمكن النقاش حوله؟ أيعني هذا أنه صحيح؟

لنأخذ شروق الشمس. هذه الفكرة البسيطة. كم هي رائعة. تراها كل الأعين، في الأزمنه كافة، في بقاع الأرض كافة. تُفهم ببداهة ساحرة. هل هي صحيحة؟ لكن الشمس لا تشرق ولا تغيب. خُدِع أرسطو بهذه القوة من الوضوح في حقيقة شروق الشمس وتحركها حول الأرض، وكأنها تدور في كُرة مركزها الأرض. تحدّدت أشياء لا نهاية لها بناء على هذه الحقيقة الواضحة البيّنة. ولأكثر من ألفي عام، لم يجرؤ أحد على تحدي هذه البداهة، خصوصًا أنها لقيت دعمًا من أرسطو، الذي اعتبر مرجعًا مطلقًا للمعرفة لقرابة ألفي سنة.

لكن الشمس لا تشرق، بل الأرض تدور. لا تنتقل الشمس، على عكس ما ترى العيون، من جهة في الأرض إلى جهات أخرى. إنها الأرض الكروية التي تدور، حول نفسها وحول الشمس. بقدر ما تبدو هذه الحقيقة بداهة، بقدر ما تفرض التمعّن في دلالتها. جاء غاليليو وقال: أرسطو مخطئ، الأرض ليست مركزًا في الكون، بل فلك يدور حول الشمس، لأن السلطات الدينية (الكنيسة الكاثوليكية تحديدًا) تبنّت رأي أرسطو، كاد أن ينتهي غاليليو إلى الموت. لكن قصة غاليليو لها بُعد آخر.



عندما سقط من عقله بداهة ظلت مسيطرة على عقول البشر مئات السنوات، تحرّك لديه معها حسّ النقد والتمرّد والدعوة إلى التغيير أيضًا. فوضع كتابًا تحدّث فيه عن «نظامين في العالم»، سخر فيه بشدة من البابا، ومن السلطات التي تحجر على عقول البشر، وتفرض عليهم رؤاها، بل تمنعهم من تحديها. سخط البابا من التهكّم، وسانده بعض العلماء، وهو أمر مهم أيضًا.



وهكذا، تلاقى شطط أيديولوجي مقنّع علميًا مع سخط شخصي من رأس السلطة الدينية، وقلق لدى العامة من انهيار شيء بديهي، أركنت إليهم عقولهم وبداهاتهم، فباتوا يخشون أن تنهار الأشياء إذا تغيّر الأمر. لم يكن أمرًا سهلًا أن تنفي الناس بعقولها، ما تراه يوميًا بأعينها. ليس سهلًا تحدي العقل لنفسه، لكنه من دون هذا التحدي، لا سبيل إلى التقدّم في العلم.



العِلم بوصفه أيديولوجيا مُهلِكَة
لعل النقطة التي يتجّنب كثيرون إثارتها عن استعادة مسألة غاليليو، هي مسألة تأييد العلماء للسلطة في اضطهاد عالِم، لمجرد أنه جاء برأي لا يتّفق مع السائد علميًا. ثمة دروس كثيرة هنا. في الغرب، هناك نقاش نقدي كبير عن «سلطة العِلم»، خصوصًا سعي السلطات الحاكمة إلى الظهور بمظهر من يحوز العِلم، وباعتبار أن الأخير هو ما يجب أن ينحني له الجميع. استطاع الغرب أن يُطوّر مؤسسات علمية وأن يعطي العِلم مكانة هائلة، لكن من دون التسليم له كليًا، بل أبقاه تحت النقد، وعلى محك تفكير العقل والفلسفة والمنطق والنقاش.



بقول آخر، تظهر في تجربة الغرب مع العِلم، منحى وضع الإنسان في أساس الأشياء، وبالتالي حمايته من القوى التي قد تهدد إرادته المستقلة وحقوقه الأساسية وحرياته المبدأية، حتى لو جاءت من العلماء. واستطرادًا، ثمة جهد تراكم تاريخيًا كي لا يتحوّل العِلم إلى «دين» بديل، ولا إلى أيديولوجيا متعالية لا يستطيع أحد تحديها، لأنها قد تدعي أن معرفتها مُطلقة وسلطاتها في المعرفة مطلقة. ثمة خلاصة كثيفة. وربما نحتاجها حاضرًا أكثر من أي وقت آخر. تقول الخلاصة أن احترام العِلم يعني نقده، ويعني بقاءه ضمن أولوية الكائن الإنساني، وألا يتحوّل استكمالًا لهيمنة السلطات على الناس. في حال غاليليو، طار صواب علماء عصره لأنه تحدى أرسطو. رفع التخشّب العلمي، وهو أحيانًا أسوأ من أشدّ الأيديولوجيات تخشّبًا، أرسطو إلى مرتبة المُطلَق. وتاليًا، بات تمسك العلماء بأرسطو هو تمسك بوجودهم أيضًا، بمعنى أن نقده وانهياره يعني أن معارفهم انهار أساسها. ثمة كثير مما كان على المحك، خصوصًا أن هؤلاء العلماء كانوا يعملون مع السلطات وضمن مؤسساتها.


ثار العلماء ضد غاليليو، بل كانوا أسوأ ما واجهه لأنهم هم الذين أرغموه على التراجع (ولو ظاهريًا على الأقل) عما قال به بأن الأرض تدور حول نفسها وحول الشمس. حاضرًا، الشركات العملاقة تسيطر على العلماء، وهي تدأب على تقديم نفسها أنها ممثلة لعِلم لا يمكن نقده. تجاوز الغرب هذه النقطة أيضًا، بفعل أجيال من مفكرين راكموا دراية كبرى في التعامل مع هذا النوع من الادعاء. ماذا عن عالمنا العربي؟ ليس للمقارنة، لكن أول ما يتبادر إلى الذهن هو أن منتقدي العِلم عربيًا، يأتون من مواقع متأخّرة ومتخلّفة عنه، وليس من مشروع ضخم للعقل، يسعى لاستيعاب العِلم ضمن الشرط الإنساني والحضاري. ويحتاج هذا الأمر إلى نقاش مديد.
--------------------

مجلة العربي العلمي
كتبت : اية بودى
-
نقل رائع غاليتى تقبلى تقييمى عليه

بارك الله فيك وفى انتظار المزيد من هذه الابداعات
كتبت : مامي نور
-
رااائع جدا
موضوع مميز جدا
أعجبتني طريقة العرض والطرح
سلمت وسلم لنا نقلك المميز
كتبت : شلال الود
-

التالي

لماذا نسمع صوت البحر في القواقع

السابق

حيوانات غريبة اول مرة اشوفها تعالي شوفي وقولي سبحان الله

كلمات ذات علاقة
لكنه , خطأ , عليه... , ومتّفق , واضح , وبديهي