وزارة الخارجية الأمريكية بحاجة إلى إعادة تأهيل

مجتمع رجيم / الموضوعات المميزة فى العلوم الطبيعية
كتبت : بتول الغلا
-
الخارجية الأمريكية -4117كتب ستيفن إم. وولت في مجلة “فورين بوليسي”، أنه إذا كان رئيس الولايات المتحدة يعتقد أن معظم المناصب في وزارة الخارجية “غير ضرورية” ويصر على القول: “أنا الشخص الوحيد الذي يهم”، فهذا رهان آمن على أن الديبلوماسية المحترفة الجدية ستحصل على القليل من الاهتمام.

الديبلوماسية الأمريكية تراجعت لأن الأمريكيين يربطونها (خطأً) بالسرية والخداع والتعامل المزدوج

والواضح أن هذا هو الحال في إدارة الرئيس دونالد ترامب. فقد ألحق ترامب ووزير الخارجية ريكس تيلرسون ضرراً جسيماً بالديبلوماسية الأمريكية. وحان الوقت للنظر في إصلاح هذا الضرر.

نجاحات ديبلوماسية لا بقوة السلاح
ويبرز الكاتب أهمية أن نفهم أن وزارة الخارجية كانت تتعرض للسقوط في أوقات صعبة حتى قبل أن تسرّع إدارة ترامب هذا الاتجاه.

وكان للولايات المتحدة موقف غير رسمي إزاء الديبلوماسية خلال جزء كبير من تاريخها، رغم أن بعض أكبر نجاحاتها في مجال السياسة الخارجية تحققت من خلال الديبلوماسية وليس بقوة السلاح. إلى ذلك، كانت مبادرات مثل شراء لويزيانا، وخطة مارشال، واتفاقات كمب ديفيد، والنهاية المتفاوض عليها للحرب الباردة، إنجازات رائعة في مجال السياسة الخارجية لم تتحقق في ساحة المعركة وإنما من طريق طاولة المفاوضات.

وفي الامكان الإضافة إلى تلك الاتفاقات والترتيبات الأخرى التي لا تعد ولا تحصى والتي أدت إلى تنمية المصالح الأمريكية بكلفة بسيطة جداً، لأن الديبلوماسيين الماهرين كانوا قادرين على تمييز مصالح الأطراف الأخرى، والحلول والحساسيات والاتفاقات التي قبلها نظراؤهم في السياسة الخارجية ونفذوها وحافظوا عليها.

شكوك وازدراء
ورغم ذلك، وحتى مع إظهار فوائد الديبلوماسية الفعالة، ينظر الأمريكيون إليها منذ فترة طويلة بشكوك وإزدارء معينين. فعوض التفكير في السياسة الخارجية في المقام الأول، على أنها فن متابعة ترتيبات المنفعة المتبادلة والتكيف-حيث نحصل على كل ما نريد فيما الآخرون يحصلون أيضاً على ما يريدون على حد سواء- يفضل الأمريكيون الوضوح الأخلاقي للإستسلام غير المشروط.

إن هذا النهج هو عادة قصير النظر، لأنه يشجع الآخرين على القتال بضراوة أكبر وأطول، ولأن الخاسرين الذين لا يتصالحون مع هزيمتهم، مثل حال صدام حسين عقب حرب الخليج الأولى، أو حال الولايات الكونفيديرالية عقب الحرب الأهلية وإعادة الإعمار، سيحاولون التراجع عما أجبرتهم الولايات المتحدة على قبوله.

فن الكذب
وأشار إلى أن الديبلوماسية الأمريكية تراجعت لأن الأمريكيين يربطونها، خطأً، بالسرية والخداع والتعامل المزدوج.

فالأمريكيون يحبون أن ينظروا إلى أنفسهم على أنهم نزيهون، ومتحدثون صريحون ويقولون الحقيقة، بالمقارنة مع أولئك المبعوثين الضعفاء وعديمي الضمير الذين ترسلهم القوى الأجنبية إلى الخارج. لقد وصف الكاتب الأمريكي الساخر أمبروز بيرس الديبلوماسية بأنها “الفن الوطني للكذب من أجل الوطن”.

وكانت الشكوك الفطرية واضحة في الإصرار الساذج للرئيس وودرو ويلسون على أنه ينبغي إدارة الدول من خلال “مواثيق السلام المفتوحة التي يتم التوصل إليها علانية”. ويتجلى اعتقاد مشابه بأن الديبلوماسية لا تحتاج إلى تدريب خاص أو مهارة، من خلال تخصيص الديبلوماسية الأمريكية 30 في المئة من تعيينات السفراء للهواة غير المدربين، وهذا تقليد لم ترَ دولة عظمى أخرى أنه من المناسب تقليده.

فرصة لتحديد اتجاه جديد
وخلص إلى أنه من الصعوبة بمكان أن يتفاءل المرء بوضع السياسة الخارجية الأمريكية الحالية. إن الولايات المتحدة لا تزال تحاول إدارة مروحة واسعة من المشاكل الدولية، ولا تزال منخرطة في حروب مديدة، ومحرومة إلى حد كبير من استراتيجية واضحة ومقنعة، وهي تحت قيادة رئيس هو الأكثر عجزاً في التاريخ الحديث. ومع ذلك فإن الأزمة الحالية هي بمثابة فرصة لصياغة مجموعة من المؤسسات الديبلوماسية، ولبناء توافق حول قيمة الديبلوماسية في حد ذاتها، وأن تحدد في نهاية المطاف اتجاهاً جديداً حيال التعامل مع الدول الأخرى.