إقبال شهر رمضان

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : ஜروح الـمـلاكஜ
-


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته -:
(( إقبال شهر رمضان ))
يقبل رمضان من كل عام فينساب في قلوب المؤمنين نور وتتجدد في نفوسهم مشاعر، وتحيا أمال، إنه يذكرهم برسالتهم الخالد، ويبين لهم حاجة البشرية إليها، وهي أهم وأولى من حاجتهم إلى الهواء والغذاء والكساء والدواء ولن تتقدم البشرية أو يروي ظمأها اكتشاف المناجم أو أبار البترول أو قوى الذرة ووسائل الحضارة، لأن غذاء الروح روح، وغذاء الطين طين.

وهذه خواطر حول جماعة الصيام الكبرى، حول الحرية الحقة للإنسان في شهر الخير، المطهر كما سماه الرسول صلوات الله وسلامه عليه.

روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) قال: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين"(رواه البخاري ومسلم).
***

وفي رواية "غلقت أبواب الجحيم فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة"، يشير هذا الحديث إلى عدة حقائق تحدث في هذا الكون حين يقبل رمضان قال العلماء "الفتح" كناية عن تنزيل الرحمة وإزالة العوائق عن مصاعد أعمال العباد تارة يبذل التوفيق وأخرى يحسن القبول، وفي معنى الغلق قالوا إنه كناية عن ارتفاع الصائم فوق المعاصي والذنوب والتخلص من بواعث الشر بقمع الشهوات، وتصفيد الشياطين أي يشدون بالسلاسل، ويمنعون من إفساد المسلمين، وهنا تمهد الطريق لطالب الخير والثواب، ولا يجد أهل الشر طريقاً يسلكونه للغواية والإضلال.

حين يتطلع المسلم إلى مسيرة التاريخ الإسلامي يجد شهر رمضان اقترن بألوان من البطولات والمفاخر، ويجد أن الحق -سبحانه- لحكمة يعلمها ربط بين هذا الشهر ووحيه إلى أنبيائه ورسله، وكأن هذه الحكمة أن يكون شهر رمضان موسماً لتجيد الصلة بالله.

روى أحمد "أنزلت الصحف على إبراهيم في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان" وصدق الله العظيم إذ يقول: {شَهرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ, مِّنَ الهُدَى وَالفُرقَانِ}(البقرة: من الآية185) ومن أمجاد رمضان أن غزوة بدر أولى الغزوات المشهودة في تاريخ الإسلام كانت في السابع عشر منه، ويوم الفتح الأعظم فتح مكة الذي أعز الله به الإسلام كان في رمضان وفتح الأندلس الفردوس الإسلامي المفقود بدأ في شهر رمضان ومعركة عين جالوت التي انتصر فيها المسلمون على التتار كانت في رمضان، وسيضاف إلى هذه الأمجاد قريباً بإذن الله تحرير فلسطين وعودة بيت المقدس من أيدي المخربين أعداء البشرية من اليهود الذين دمروا وخربوا وعاشوا في الأرض فسادا {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرصَادِ}(الفجر: 14) {إِنَّهُم يَكِيدُونَ كَيدًا* وَأَكِيدُ كَيدًا*فَمَهِّلِ الكَافِرِينَ أَمهِلهُم رُوَيدًا}(الطارق: 15).

كان المصطفى (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) إذا أقبل رمضان يقول: "أتاكم رمضان شهر بركة، يغشاكم الله فيه، فينزل الرحمة، ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء، فأروا الله من أنفسكم خيرا، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله - عز وجل-".

***
وإذا كان شأن الأمم العظيمة الاهتمام بمواريثها وتخليد ذكرياتها فلا عجب أبدا أن يجعل الإسلام شعار رمضان الاحتفال بمولد الدستور الخالد القرآن الذي أتم الله به النعمة وختم به الرسالات، وإن أعظم أسلوب عرفه الناس في ميدان التكريم هو تجديد الولاء وتأكيد العهد والعزم على الاستمساك، فليكن احتفالنا بشهر رمضان قرآني الذي أنزله في رمضان بالنزول على أحكامه فذلك مقتضى الإيمان، وهذا الأمر ضروري اليوم لإنقاذ البشرية التي تقف على حافة الهاوية بسبب إفلاسها في عالم القيم وصدق الله العظيم: {اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيكُم مِّن رَّبِّكُم وَلاَ تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَولِيَاءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ}(الأعراف: 3).

*************

التالي
السابق