[gdwl]
الشكر بالجوارح
وهي ما سوى القلب واللسان من جوارح، فما من عمل يعمله ابن آدم من الطاعات والعبادات إلا وهو شاكر فيه لنعم ربه سبحانه وتعالى.
والخلاصة في الشكر بالجوارح ؛ العمل الصالح، فعند بلوغ الأربعين
(( حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه))
فسأل الله العمل الصالح عقب سؤاله التوفيق على شكر نعمته يعني أن الشكر باللسان وحده لا يكفي.
ومن وسائل الشكر بالجوارح
حديث
(( كل ابن آدم يصبح وعلى كل سلام ومفصل صدقة))
فكيف يؤدي شكر 360 مفصل؟
كل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، وعدد المفاصل 360 إذا شكرها المرء [أمسى يومه وقد زحزح عن النار].
والصدقات كثيرة جمعها ابن رجب في شرحه الأربعين النووية
[الصدقات البدنية- المالية-الخبرة من تعليم صنعة أو تصنع لأخرق- التفهيم – التعليم – الوقت – الجاه...]
فذو القرنين مثلاً علم شعباً جاهلاً صناعة السدود حتى تقيهم شر أعدائهم.
المقصود أن المسلم عليه أن يشكر ربه بجوارحه بسائر أنواع الصدقات وكل معروف صدقة ولا يغني شكر يوم عن يوم آخر.
وليس هناك تعارض بين شكر الله وشكر الناس
لأن الله أمر بشكر الناس
وهو سبحانه الذي أرشدنا إلى شكر الناس
إذا صنعوا لنا معروفاً أن نكافئهم وأولهم الوالدين (( اشكر لي ولوالديك))
(( لا يشكر الله من لا يشكر الناس))
فليس شكر المخلوق قادحاً في شكر الخالق
بل المشكلة فيمن يشكر المخلوق
ولا يشكر الخالق وهذه هي المصيبة
وهناك فرق بين شكر العبد وشكر الرب
فشكر الرب فيه خضوع وذل وعبودية
ولا يجوز لشكر العبد أن تعبده وإنما تعطيه شيء مقابل شيء، وتدعو له وتثني عليه ..
شكر الله أيضاً يختلف عن شكر الناس من جهة العبودية والدرجة ومافيه من أنواع الطاعات له سبحانه وتعالى..
والإنسان الذي لا يشكر الناس إنسان لئيم وحريٌ به أن لا يشكر الله..
والنعم تزيد بالشكر وتحفظ من الزوال بالشكر((لئن شكرتم لأزيدنكم))
(( ولا تتمنوا مافضل الله بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله)).
من الأشياء التي تؤدي إلى الشكر
1- أنك تنظر إلى من هو دونك
قال
صلى الله عليه وسلم
[انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله ].
فمما يحفظ العبد من ترك الشكر عندما ينظر إلى من هو فوقه أن هذه قسمة الله
(( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما أتاكم)).
2- أن يعلم العبد أنه مسئول عن النعمة
(( ثم لتُسألن يومئذ عن النعيم))
ومحاسب عليها حتى الماء البارد
ومن نوقش الحساب عُذِّب.
ويشتط الناس في فهم شكر ما أسبغ الله عليهم من النعم لدرجة أنهم يحرمون أنفسهم منها، والله رضي لنا أن نستمتع وأن نشكر
(( كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين))
((كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون)).
فلا يمكن أن يكون الشكر بتحريم الحلال وهذا من مباديء الصوفية، فالله رضي لنا أن نستخدم النعم المباحات ونشكره عليها سبحانه وتعالى، ولو كان شرطاً في الانتفاع بالنعمة أداء ثمنها شكراً ؛ ما وفّت كل أعمال العباد ولا على نعمة واحدة
[أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي ]
فتشكر الله وتعترف بالنعم وتستغفر من التقصير بشكر النعمة.
فالحل أن نستخدم النعم فيما يرضي الله ونثني عليه ونشكره ونستغفره من التقصير في الشكر وهو تعالى رضي منا بهذا..
وقد جاء في الصحيحين عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قام حتى تفطرت قدماه وتشققت قيل له أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟
قال
[ أفلا كون عبداً شكوراً!!].
فتشكر الله على المغفرة.
ومن الوسائل أن ندعو الله أن يعيننا على الشكر[ اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك]
قالها لمعاذ، وسئل الرسول صلى الله عليه وسلم : أي المال نتخذ؟ فلفت نظرهم صلى الله عليه وسلم
فقال
[ ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر دينه ودنياه].
قال صلى الله عليه وسلم
(( إن الله ليرضى على العبد أن يأكل الاكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها)).
قال الحسن البصري رحمه الله : إن الله ليمتع بالنعمة ماشاء فإذا لم يشكر عليها قلبها عذاباً ولهذا كانوا يسمون الشكر
(الحافظ)
لأنه يحفظ النعم الموجودة
و ( الجالب)
لأنه يجلب النعم المفقودة.
هكذا يحفظ ويحصّل من علو منزلة الشكر وعظمه عند الله، ولا ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد قيد النعم، فهو يقيد النعمة ألا تنقلب ولا تهرب.
قال عمر بن عبد العزيز:
[قيدوا نعم الله بشكر الله]
والشكر مع المعافاة عند بعض أهل العلم أعظم من الصبر على الابتلاء.
فقال مطرف بن عبد الله:
[لأن أعافي فأشكر أحبُّ إليّ من أن أُبتلى فأصبر].
فإذا رزقت الشكر على النعمة فإن هذا لا يقل عن الصبر على المصيبة.
وقال الحسن
[ أكثروا من ذكر هذه النعم فإن ذكرها شكر وقد أمر الله تعالى نبيه أن يحدث بنعمة ربه (( وأما بنعمة ربك فحدث)) والله يحب من عبده أن يرى عليه أثر نعمته فإن ذلك شكرها بلسان الحال].
وقال أبو رجاء العطاردي
خرج علينا عمران بن حصين وعليه معطف من خزّ لم نره عليه من قبل ولا من بعد فقال: [إن رسول الله قال إذا أنعم الله على عبد نعمة يحب أن يرى أثر نعمته على عبده].
وقال صلى الله عليه وسلم
[كلوا واشربوا وتصدقوا في غير مخيلة ولا سرف فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده]
وهنا الضابط والحد الشرعي
فإذا أردت أن تظهر نعم الله عليك فإن ذلك مقيد في عدم الخيلاء والإسراف .
عن أبي الأحوص عن أبيه قال
أتيت رسول الله وأنا قشف الهيئة
فقال هل لك من مال؟
قلت نعم قال من أي المال؟
قلت من كل المال ، الإبل ، الرقيق، النعم، الخيل.. قال
[ إذا آتاك الله مالاً فليرَ عليك].
وقال الحسن: إذا أنعم الله على قوم سألهم الشكر فإذا شكروه كان قادراً على أن يزيدهم وإذا كفروه كان قادراً على أن يبعث عليهم عذاباً.
وقد ذم الله الكنود وهو الذي لا يشكر نعمه
قال الحسن: (إن الإنسان لربه لكنود)
أي يعد المصائب وينسى النعم.
وفي النساء أظهر، فلو أحسنت إلى إحداهن الدهر وطيلة العمر ثم رأت منك تقصيراً
قالت مارأيت منك خيراً قط!،
وهذا ظلم
والنساء أكثر أهل النار لأنهم يكفرن العشير، وإذا كان ترك شكر نعمة الزوج يؤدي إلى جهنم فما حال من يكفر نعمة الله..؟!!
يا أيها الظالم في فعله