هل يأثم من نسي ما حفظه من القرآن بسبب ضعف ذاكرته ؟

مجتمع رجيم / فتاوي وأحكام
كتبت : || (أفنان) l|
-
[frame="3 10"]
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


السؤال :
ما حكم من حفِظ شيئاً من القرآن الكريم ،
أو الأسماء الحسنى ، ثم نسيها ،
أو نسي بعضاً منها بسبب ذاكرته الضعيفة ،
هل سيعذبه الله على ذلك ؟ .


الجواب:
الحمد لله
أولاً:
لا ينبغي للمسلم أن يقول " نسيتُ " فيما ضاع من ذاكرته في حفظه للقرآن ،

بل " أُنسيتُ " أو " نُسِّيت " .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعود قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم :
( بِئْسَمَا لأَحَدِهِمْ يَقُولُ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ هُوَ نُسِّيَ ، اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ ، فَلَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ بِعُقُلِهَا ) .
رواه البخاري ( 4744) ومسلم ( 790 ) .
وفي لفظ لمسلم :
( لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ هُوَ نُسِّيَ ) .
وهو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم .
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
يَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ
( رَحِمَهُ اللَّهُ ، لَقَدْ أَذْكَرَنِي آيَةً كُنْتُ أُنْسِيتُهَا ) .
رواه البخاري ( 4751) ومسلم ( 788 ) .

قال أبو العباس القرطبي – رحمه الله - :
قوله في آخر الحديث : ( بل هو نُسِّي )
وهذا اللفظ رويناه مشدَّدًا مبنيًّا لما لم يسم فاعله
وقد سمعناه من بعض من لقيناه بالتخفيف ، وبه ضُبِط عن أبي بحر ، والتشديد لغيره ، ولكل منهما وجهٌ صحيح ،
فعلى التشديد يكون معناه : أنه عوقب بتكثير النسيان عليه ؛ لما تمادى في التفريط ، وعلى التخفيف يكون معناه : تُرِك غير مُلْتَفَتٍ إليه ، ولا مُعْتَنىً به ، ولا مرحوم ، كما قال الله تعالى : ( نسوا الله فنسيهم ) ؛
أي : تركهم في العذاب ، أو تركهم من الرحمة .
" المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم "
( 2 / 419 ) .


ثانياً:
وقد اختلف العلماء في حكم نسيان القرآن ممن كان حفظه ، وقد ذهب طائفة من الشافعية إلى أنه من الكبائر ! وقال بعضهم إنه من الذنوب .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
فإن نسيان القرآن من الذنوب .
" مجموع الفتاوى " ( 13 / 423 ) .
وقال الشيخ زكريا الأنصاري – رحمه الله - :
( ونسيانه كبيرة ) , وكذا نسيان شيء منه ؛ لخبر ( عُرضت عليَّ ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها ) ،
وخبر
(من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله عز وجل يوم القيامة أجذم) رواهما أبو داود ا.هـ .
وفي حاشية " الرملي " عليه :
قوله : ( ونسيانه كبيرة )
موضعه إذا كان نسيانه تهاوناً وتكاسلاً .
" أسنى المطالب " ( 1 / 64 ) .
والأظهر أن نسيان القرآن : ليس كبيرة ، بل ولا ذنبا، ولكنه مصيبة ، أو عقوبة ، والغالب أن يكون هذا بسبب إعراضه عن العمل به ، وعدم تعاهده ، وقد أمِر بكلا الأمرين ، فلما لم يستجب للأمر عوقب بما فيه سلب لخيرٍ عظيم ، وقد يكون نسيانه له بسبب معاصٍ وذنوب ،
فيأثم عليها ، ويعاقب بسلب القرآن منه ،
وأما إن كان نسيانه لما حفِظَ بسبب ضعفٍ في ذاكرته : فلا شيء عليه ، لكن عليه المداومة على تنشيطها بكثرة القراءة ، وبالقيام بما يحفظ ؛ فإنه من أعظم السبل للبقاء على ما يحفظ .
1. من قال إن نسيان القرآن مصيبة :
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
وأخرج أبو عبيد من طريق الضحاك بن مزاحم موقوفاً قال : " ما مِن أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب أحدثه لأن الله يقول :
( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) ، ونسيان القرآن من أعظم المصائب .
" فتح الباري " ( 9 / 86 ) .
2. من قال إنه عقوبة :
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
قال أبو العباس القرطبي – رحمه الله - :
مَن جمع القرآن : فقد علت رتبته ، ومرتبته ، وشرف في نفسه ، وقومه شرفاً عظيماً ، وكيف لا يكون ذلك و " من حفظ القرآن فكأنما أدرجت النبوة بين كتفيه "
[ قاله عبد الله بن عمرو بن العاص
وانظر " السلسلة الضعيفة " ( 5118 ) ]
وقد صار ممن يقال فيه :
" هو مِن أهلِ الله تعالى وخاصته "
[ رواه ابن ماجه ( 215) وهو صحيح ]
وإذا كان كذلك : فمِن المناسب تغليظ العقوبة على من أخلَّ بمزيته الدينية ، ومؤاخذته بما لا يؤاخذ به غيره ، كما قال تعالى :
(يا نساء النبي من يأتِ منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين )
لاسيما إذا كان ذلك الذنب مما يحط تلك المزية ويسقطها ؛ لترك معاهدة القرآن المؤدي به إلى الرجوع إلى الجهالة .
" المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم "
( 2 / 419 ) .
وبكل حال : فهي مصيبة أو عقوبة ، لكن لا نجزم بالإثم لمجرد النسيان .
قال علماء اللجنة الدائمة :
فلا يليق بالحافظ له أن يغفل عن تلاوته ، ولا أن يفرط في تعاهده ، بل ينبغي أن يتخذ لنفسه منه ورداً يوميّاً يساعده على ضبطه ، ويحول دون نسيانه ؛ رجاء الأجر ، والاستفادة من أحكامه ، عقيدة ، وعملاً ، ولكن مَن حفظ شيئاً مِن القرآن ثم نسيه عن شغل

أو غفلة : ليس بآثم ، وما ورد من الوعيد في نسيان ما قد حفظ : لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 4 / 99 ) .



والظاهر أن من قال إن نسيان القرآن من الذنوب ،
أو الكبائر : قد استدل بحديثين وردا في ذلك
– كما نقلناه عن زكريا الأنصاري -
لكن كلا الحديثين لا يصحان ، فلا يصلح الاستدلال بهما .
1. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا ) .
رواه الترمذي ( 2916 ) وضعفه
ونقل عن البخاري استغرابه ، وأبو داود ( 461 ) ، وضعفه الألباني في " ضعيف الترمذي " .
2. عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( مَا مِنْ امْرِئٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ثُمَّ يَنْسَاهُ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَجْذَمَ ) .
رواه أبو داود ( 1474 ) وضعفه الألباني في

" ضعيف أبي داود " .
والظاهر أن من قال إن النسيان كبيرة
أو أنه ذنب : لم يرِد ما يكون بسبب ضعف الذاكرة
بل ما كان النسيان بسبب التهاون ، والكسل
كما صرَّح به الرملي الشافعي .
سئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - :

نحن طلاب العلم نحفظ الكثير من الآيات على سبيل الاستشهاد ،وفي نهاية العام نكون قد نسينا الكثير منها ، فهل ندخل في حكم من يعذبون بسبب نسيان ما حفظوه ؟ .

فأجاب :

  1. نسيان القرآن له سببان :
    الأول : ما تقتضيه الطبيعة .
    والثاني : الإعراض عن القرآن ، وعدم المبالاة به .


    فالأول : لا يأثم به الإنسان ، ولا يعاقب عليه ، فقد وقع من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى بالناس ، ونسي آية ، فلما انصرف ذكَّره بها أبيّ بن كعب ،
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
( هلا كنت ذكرتنيها )
وسمع رسول الله قارئاً يقرأ ، فقال :
( يرحم الله فلاناً فقد ذكرني آية كنت أنسيتها ) .
وهذا يدل على أن النسيان الذي يكون بمقتضى الطبيعة : ليس فيه لوم على الإنسان .
أما ما سببه الإعراض ، وعدم المبالاة : فهذا قد يأثم به ، وبعض الناس يكيد له الشيطان ، ويوسوس له أن لا يحفظ القرآن لئلا ينساه ويقع في الإثم !
والله سبحانه وتعالى يقول :
( فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً )
النساء/ 76

فليحفظ الإنسان القرآن ؛ لأنه خير ، وليؤمل عدم النسيان ، والله سبحانه عند ظن عبده به .
" كتاب العلم " ( 96 ، 97 ) .

وما سبق من الجواب هو في " نسيان القرآن "
ولم نجد شيئاً من كلام العلماء في
" نسيان أسماء الله الحسنى " وليسا سواءً .
والله أعلم
مصدر الإسلام سؤال وجواب
ظ…ظˆظ‚ط¹ ط§ظ„ط¥ط³ظ„ط§ظ… ط³ط¤ط§ظ„ ظˆط¬ظˆط§ط¨ - ظ‡ظ„ ظٹط£ط«ظ… ظ…ظ† ظ†ط³ظٹ ظ…ط§ ط*ظپط¸ظ‡ ظ…ظ† ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† ط¨ط³ط¨ط¨ ط¶ط¹ظپ ط°ط§ظƒط±طھظ‡ طں



[/frame]
كتبت : طالبة الفردوس
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير اختي طموحي
نسأل الله ان يثبت القرآن في قلوبنا وعقولنا
بارك الله فيك حبيبتي

كتبت : ناثرة المسك
-
بارك الله فيك اختي "طموحي داعية ط" وجزاك الله خيرا عن كل حرف حسنة
كتبت : || (أفنان) l|
-
كتبت : ✿ موكآ فرآولة ✿
-
[align=center]



جزآآآك الله كل الخير .. ووفقك الى الخير ..


ويسر أموورك .. وفتح لك أبوآب رزقه ورحمته

:)
[/align]
كتبت : || (أفنان) l|
-
بارك الله فيك أختي الغالية..أحبّك الرّحمن..وجعلكِ من عباده
المحبّين لذكره..والمحبّين لعباده الصّالحين..وجعلكِ ممّن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه..ورزقكِ العلم النّافع..والعمل الصّالح...
وجزاك الله خيرًا على مرورك الطّيّب..
الصفحات 1 2  3 

التالي

ما صحة هذه الواقعة لا إله إلا الله عدد ما كان ، وعدد ما يكون ، وعدد الحركات والسكون.

السابق

حكم نشرة ( بنآدول الذنوب ) ومآيشآبههآ ـ ـ مهم جداً ـ ..

كلمات ذات علاقة
ما , القرآن , ذاكرته , بسبب , يأثم , حفظه , هل , نسي , ضعف