المسجـــــــــد الصغير .....
رائحة البخور تعطِّر ذلك المسجد الصغير ..
المتنفِّلون بين قانتٍ وراكعٍ وساجدٍ .. حلقةٌ صغيرةٌ في زاوية المسجد يجلس فيها شيخٌ حوله عدد من الأطفال .. تسمع أصواتهم العذبة وهم يرددون وراءه : ( اهدنا الصراط المستقيم ) بلغتهم العربية المتكسرة .. ثم وهم يختمون سورة الفاتحة ( ولا الضالين ) ترى البسمة على وجوههم البيضاء المشربة بحمرة ..
ترى السعادة البريئة من أولاد يرتدي كل منهم قميصًا عربيًّا ، وتزين رأسه قلنسوة بيضاء ، قد تبدو غريبة هناك .. في تركيا !
والبنات يرتدين حجابًا صغيرًا .. قد يبدو لأول وهلة متناقضًا مع ملابسهن القصيرة نوعًا ما .. ولكنك سرعان ما ترتسم البسمة على شفتيك متى تذكرت أنهن بين الرابعة والخامسة من العمر ..
تستنشق الهواء .. ما أجمله من جو .. وما أروعها من روحانيات ..
تُلقي بسمعك لهذه الزهور بعد أن أتم معهم شيخهم سورة الفاتحة .. يقول أحدهم بلهفة :
- من سيأخذ القرش اليوم يا شيخ ؟
تبسم الشيخ وقال :
- أفضل من حفظ اليوم هو ....
أرهف الأطفال أسماعهم مشتاقين لمعرفة الفائز بقرش اليوم .. اتسعت ابتسامة الشيخ ثم سألهم :
- لو أخذ كل واحد منكم القرش ، ماذا سيفعل به ؟
- سأشتري لعبة ..
- وأنا سأشتري بالونة ..
- أما أنا فسأدخره للعيد ..
- وأنتِ يا أمل ؟
وجه سؤاله لأمل التي لم تشارك في الجواب .. فابتسمت في استحياء طفولي وقالت :
- سأشتري به حلوى يا شيخ !
نظر إليهم الشيخ ثم قال لهم :
- قبل أن تعلموا من الفائز بالقرش اليوم سأقص عليكم قصة .. أتدرون يا أحبابي ثواب بناء المساجد ؟
سكت هنيهة ، ثم استطرد قائلاً :
- من بنى مسجدًا بنى الله له بيتًا في الجنة ، وكذلك من بنى مسجدًا فله ثواب كل من عبد الله فيه .. انظروا هذا الذي يصلي هناك .. من بنى هذا المسجد ينال مثل ثواب ذلك المصلي الآن .. أرأيتم هذا الشيخ الكبير الذي يقرأ في المصحف عند السارية هناك .. من بنى هذا المسجد فله مثل ثوابه ..