فتاوى في حكم دعاء ختم القرآن في الصلاة وغيرها

مجتمع رجيم / فتاوي وأحكام
كتبت : || (أفنان) l|
-
26xp3tdoplt6.gif





نظراً للجدل الذي يحصل كل عام على موضوع الختمة، نرجو الإفادة، ما الصحيح في هذه المسألة؟
ما حكم تخصيص ليلة معينة للختمة كليلة سبع وعشرين، أو تسع وعشرين؟


المفتي : فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين

الدعاء بعد ختم القرآن مشهور عن السّلف، ومعمول به عند أكثر الأئمة.
قال ابن قدامة في المغني، فصل في ختم القرآن
قال الفضل بن زياد: سألت أبا عبدالله يعني الإمام أحمد، فقلت: أختم القرآن أجعله في الوتر أو في التراويح؟
قال: اجعله في التراويح حتى يكون لنا دعاء بين اثنين، قلت: كيف أصنع؟
قال: إذا فرغت من آخر القرآن فارفع يديك قبل أن تركع، وادع بنا ونحن في الصلاة، وأطل القيام، قلت: بما أدعو؟ قال: بما شئت.
قال: ففعلت بما أمرني، وهو خلفي يدعو قائماً، ويرفع يديه.

قال حنبل: سمعت أحمد يقول في ختم القرآن: إذا فرغت من قراءة: { قل أعوذ برب الناس } ، فارفع يديك في الدعاء قبل الركوع،
قلت: إلى أي شيء تذهب في هذا؟ قال: رأيت أهل مكة يفعلونه
وكان سفيان بن عيينة يفعله معهم بمكة؛ قال العبّاس بن عبدالعظيم: وكذلك أدركنا الناس بالبصرة وبمكة
ويروي أهل المدينة في هذا شيئاً
وذكر عن عثمان بن عفّان اهـ.
وقال النووي في (التبيان، في آداب حملة القرآن): "يُستحبُّ حضور مجلس ختم القرآن استحباباً مؤكّداً!
وقد روى الدارمي وابن أبي داود بإسنادهما، عن ابن عباس رضي الله عنهما- أنه كان يجعل رجلاً يراقب رجلاً يقرأ القرآن
فإذا أراد أن يختم أعلم ابن عباس، فيشهد ذلك".

وروى ابن أبي داود -يعني في كتاب المصاحف- بإسنادين صحيحين، عن قتادة قال: كان أنس رضي الله عنه إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا".

وروى بأسانيده الصحيحة عن الحكم بن عتيبة، قال: أرسل إِليَّ مجاهد وعبده بن لبابة فقالا: "إنّا أرسلنا إليك لأنّا أردنا أن نختم القرآن، والدّعاء يُستجاب عند ختم القرآن، وفي بعض الروايات: وإنه كان يقال: إن الرحمة تنزل عند خاتمة القرآن".


وروى بإسناده الصحيح عن مجاهد قال: كانوا يجتمعون عند ختم القرآن، يقولون: تنزل الرحمة.

ثم قال: (المسألة الرابعة) الدعاء مستحبّ عقب الختم استحباباً مؤكَّداً.
وروى الدارمي بإسناده عن حميد الأعرج قال: من قرأ القرآن ثم دعا أمّن على دعائه أربعة آلاف ملك".

وينبغي أن يُلحّ في الدّعاء، وأن يدعو بالأمور المهمة، وأن يُكثر في ذلك في صلاح المسلمين، وصلاح سلطانهم، وسائر ولاة أمورهم
وقد روى الحاكم أن ابن المبارك كان إذا ختم كان أكثر دعائه للمسلمين والمؤمنين والمؤمنات.

وقد قال نحو ذلك غيره، فيختار الداعي الدعوات الجامعة، ثم ذكر -يرحمه الله- أدعيّة كثيرة قد لا تكون كلها مأثورة
ثم قال: ويفتح دعاءه ويختمه بقول: "الحمد لله رب العالمين".

إلى آخره، وذكر نحو ذلك في كتابه الأذكار، وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في المجموع 24/322، عن طائفة من السلف، وله - يرحمه الله- دعاء مطبوع ومحفوظ، ومتداول بين المسلمين.




ما حكم دعاء ختم القرآن؟
المفتي : سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى
لم يزل السلف يختمون القرآن ويقرءون دعاء الختمة في صلاة رمضان ولا نعلم في هذا نزاعاً بينهم
فالأقرب في مثل هذا أنه يقرأ لكن لا يُطوِّل على الناس، ويتحرى الدعوات المفيدة والجامعة
مثل ما قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب جوامع الدعاء ويدع ما سوى ذلك.


فالأفضل للإمام في دعاء ختم القرآن والقنوت تحري الكلمات الجامعة وعدم التطويل على الناس، يقرأ: "اللهم اهدنا فيمن هديت"
الذي ورد في حديث الحسن في القنوت، ويزيد معه ما يتيسر من الدعوات الطيبة كما زاد عمر، ولا يتكلف ولا يطول على الناس ولا يشق عليهم، وهكذا في دعاء ختم القرآن يدعو بما يتيسر من الدعوات الجامعة، يبدأ ذلك بحمد الله والصلاة على نبيه عليه الصلاة والسلام ويختم فيما يتيسر من صلاة الليل أو في الوتر، ولا يُطوِّل على الناس تطويلاً يضرهم ويشق عليهم.


وهذا معروف عن السلف تلقاه الخلف عن السلف، وهكذا كان مشائخنا مع تحريهم للسنة وعنايتهم بها يفعلون ذلك، تلقاه آخرهم عن أولهم ولا يخفى على أئمة الدعوة ممن يتحرى السنة ويحرص عليها.

فالحاصل أن هذا لا بأس به إن شاء الله، ولا حرج فيه بل هو مستحب لما فيه من تحري إجابة الدعاء بعد تلاوة كتاب الله عز وجل
وكان أنس رضي
الله عنه إذا أكمل القرآن جمع أهله ودعا في خارج الصلاة، فهكذا في الصلاة فالباب واحد لأن الدعاء مشروع في الصلاة وخارجها وجنس الدعاء مما يشرع في الصلاة فليس بمستنكر.


ومعلوم أن الدعاء في الصلاة مطلوب عند قراءة آية العذاب وعند آية الرحمة، يدعو الإنسان عندها كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام في صلاة الليل فهذا مثل ذلك مشروع بعد ختم القرآن، وإنما الكلام إذا كان في داخل الصلاة أما في خارج الصلاة فلا أعلم نزاعاً في أنه مستحب الدعاء
بعد ختم القرآن، لكن في الصلاة هو الذي حصل فيه الإثارة الآن والبحث فلا أعلم عن السلف أن أحداً أنكر هذا في داخل الصلاة كما أني لا أعلم أحداً أنكره خارج الصلاة، هذا هو الذي يُعتمد عليه في أنه أمر معلوم عند السلف قد درج عليه أولهم وآخرهم
فمن قال إنه منكر فعليه الدليل، وليس على من فعل ما فعله السلف، وإنما إقامة الدليل على من أنكره
وقال إنه منكر أو إنه بدعة، هذا ما درج عليه سلف الأمة وساروا عليه وتلقاه خلفهم عن سلفهم وفيهم العلماء والأخيار والمحدثون
وجنس الدعاء في الصلاة معروف من النبي عليه الصلاة والسلام في صلاة الليل فينبغي أن يكون هذا من جنس ذاك.





مسألة قنوت رمضان ودعاء ختم القرآن
قال الإمام مالك رحمه الله : ما سمعتُ أنه يدعو عند ختم القرآن ، وما هو من عمل الناس
[ المعيار المعرب ( 11 / 114 ) ، المدخل لابن الحاج ( 2 / 299 )
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى :
تنبيه : إن الدعاء المطبوع في آخر بعض المصاحف المطبوعة في تركيا وغيرها ، تحت عنوان : ( دعاء ختم القرآن )
والذي ينسب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، فهو مما لا نعلم له أصلا عن ابن تيمية أو غيره من علماء الإسلام ، وما كنت أحب أن يلحق بآخر المصحف الذي قام بطبعه المكتب الإسلامي في بيروت سنة ( 1386 ) على نفقة الشيخ أحمد بن علي بن عبد الله آل ثاني رحمه الله
وإن كان قد صدر بعبارة ( المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية )
فإنها لا تعطي أن النسبة إليه لا تصح فيما يفهم عامة الناس ، وقد أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم .
وما لا شك فيه أن التزام دعاء معين بعد ختم القرآن من البدع التي لا تجوز ، لعموم الأدلة
كقوله صلى الله عليه وسلم : ( كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار )
وهو من البدع التي يسميها الإمام الشاطبي بـ ( البدعة الإضافية )
وشيخ الإسلام ابن تيمية من أبعد الناس عن أن يأتي بمثل هذه البدعة ، كيف وهو كان له الفضل الأول
– في زمانه وفيما بعده – بإحياء السنن وإماتة البدع ؟ جزاه الله خيرا .
انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة حديث رقم (6135 )13/315.
وقال الشيخ : محمد عيد عباسي ـ حفظه الله ـ:
شاعت في كثير من المساجد منذ سنوات معدودات في صيام وقيام شهر رمضان بعض الظواهر الجديدة التي لم تكن من قبل (فيما أعلم) وأهمها إطالة دعاء القنوت إطالة مملة، والزيادة في ألفاظه على ما ورد في السنة زيادة مفرطة، وتبلغ هذه الإطالة وتلك الزيادة ذروتها ليلة السابع والعشرين حيث يكون بعض الأئمة النشيطين قد أتموا قراءة القرآن كله في الأيام السابقة وينهون ختمته في هذه الليلة، فيتوجونها بدعاء طويل عريض في صلاة الوتر في هذه الليلة.
حكم الدعاء بهذه الكيفية
إن الباحث المدقق والدارس المحقق إذا نظر في الأمر جلياً وتأمل فيه ملياً فسيجد أن هذا الدعاء
(ولو كان يرافقه ما يرافقه من الأمور التي ظاهرها الصلاح والخير)
إلا أنه يبقى بدعة منكرة ينطبق عليها كل تعاريف البدعة التي وضعها العلماء، وذلك أنه:
أولاً: أمر جديد في الدين.
وثانياً أنه يراد به التقرب إلى الله جل وعلا.
وثالثاً: أن الداعي له والمقتضي- وهو زيادة التقرب إلى الله- كان موجوداً زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرشد إليه.
رابعاً: أنه لم يمنعه من فعله مانع، إذ يمكن أن يكون أمر ما مشروعاً ولكن يمنع منه مانع واقعي أو شرعي كحدوث مفسدة من فعله كما هو الشأن في بناء الكعبة على قواعد إبراهيم عليه السلام.
خامساً: يضاف إلى ذلك أن الصحابة والتابعين وأتباع التابعين وأئمة العلم والدين لم يفعلوه خلال القرون الطويلة كلها، ولم يظهر إلا حديثاً في السنوات الأخيرة.
دين الحق إن الدين الحق هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قرآن وسنة، مفهومين على ضوء فهم السلف رضي الله عنهم، فكل ما لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ديناً فليس هو عند الله بدين، والعبادات كلها توقيفية كما هو مقرر عند العلماء، وهي محصورة في الوحي، وليس لها مصدر آخر، والأصل فيها الاتباع وليس الابتداع، والقاعدة فيها قوله صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" (رواه مسلم) فقد كمل الدين وتمت النعمة:
"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً" (سورة المائدة/3)
أوجه مخالفة دعاء القنوت ودعاء ختم القرآن للشرع
فإذا طبقنا ما سبق فسنجد أن هذا الأمر والمبالغة والزيادة في قنوت وتر رمضان ودعاء ختم القرآن في صلاة القيام في ليلة القدر ليس بدعة فقط،
بل فيه مجموعة من البدع والمخالفات للشرع، ومن هذه الأمور:
1- أنهم يداومون عليه مع أن الوارد في دعاء القنوت ألا يستمر عليه المسلم دائماً وأبداً فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعه أحياناً.
قال أستاذنا الألباني في (صفة الصلاة) ص 179): وإنما قلنا أحياناً لأن الصحابة الذين رووا الوتر لم يذكروا القنوت فيه، فلو كان صلى الله عليه وسلم يفعله دائماً لنقلوه جميعاً عنه، نعم رواه عنه أبي بن كعب وحده، فدل على أنه كان يفعله أحياناً، ففيه دليل على أنه غير واجب، وهو مذهب جمهور العلماء.. " من أوجه المخالفة الزيادة في دعاء القنوت
الأدعية المشروعة في القنوت
2- المشروع في دعاء القنوت التزام الصيغة التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا نقصان، ذلك لأن هذا القنوت عبادة
وهو ذكر شرعي فلا يجوز الخروج عما ورد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولفظ القنوت الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم هو ما ذكره الحسن بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما) قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود:
"اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني واصرف عني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت لا منجى منك إلا إليك".
(رواه ابن مندة في "التوحيد" والحاكم في المستدرك- 2/188، والبيهقي في السنن 2/38-39، وهو حديث صحيح)
ذكر أستاذنا الألباني في رسالة "قيام رمضان ص31" أنه لا بأس من جعل القنوت بعد الركوع ومن الزيادة عليه بلعن الكفرة والصلاة
على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء للمسلمين في النصف الثاني من رمضان لثبوت ذلك عن الأئمة في عهد عمر رضي الله عنه")
فأين هذا من دعاء الأئمة في هذا الزمان، فقد غيروا وبدلوا، وزادوا وأضافوا، وأطالوا وأطنبوا من غير إذن من الله ولا سلطان من الشرع، فكيف سوغوا لأنفسهم ذلك؟
مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على البراء بن عازب (رضي الله عنه) حينما استبدل كلمة (رسولك) بـ (نبيك) في دعاء النوم مع أن كلمة الرسول أوسع وأشمل. من أوجه المخالفة التغني به كالقرآن
التغني بالدعاء كالقرآن
3- إن دعاء القنوت الحالي وخاصة دعاء ختم القرآن يتغنى فيه كالقرآن، ولم ينقل مثل هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من سلف الأمة فيما بلغنا، فالتلاوة والتغني المعهود هو من خصائص القرآن الكريم،
وأما الدعاء فالمشروع فيه والمنقول أن يكون على السجية والبساطة وليس فيها ذلك.
ضعف دليل الدعاء عند ختم القرآن
4 - إن المستند الوحيد لهم على الدعاء عند ختم القرآن، هو ما نقل عن بعض السلف كأنس بن مالك (رضي الله عنه) أنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا لهم. رواه الدارمي "ص 734" وسنده ضعيف فيه صالح بن بشر المري وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات) ولم يرد أنه كان يفعل ذلك في الصلاة بل الظاهر من هذا الأثر أنه كان يفعل ذلك خارج الصلاة، فنقل هذا إلى الصلاة مخالفة أخرى وليس لها مستند البتة.
هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يتقصد ختم القرآن؟
5 - هذا بالإضافة إلى أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أنهم كانوا يتقصدون ختم القرآن كله في صلاة قيام رمضان، ويجزئون القراءة بحيث يكملون الختمة في آخر الصلاة، بل كانوا على سجيتهم يقرؤون ما تيسر من القرآن. من المخالفة جعل الدعاء في الشفع 6- المشروع في دعاء القنوت في رمضان أن يكون الوتر من صلاة الليل- أي من الركعة الأخيرة- بينما أصحاب دعاء ختم القرآن قد جعلوه أيضاً في الشفع من هذه الصلاة، وليس لها أصل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف.
الختم في ليلة السابع والعشرين مما أحدثه المعاصرون
7 - ومما أحدثه المعاصرون أنهم لم يجعلوا الدعاء في صلاة آخر ليلة من رمضان، بل في ليلة السابع والعشرين منه، وهذا من بنات أفكارهم، وليس له مستند إطلاقاً فإن قيل: لأن هذه الليلة ليلة القدر.
نقول لهم: إن كون ليلة القدر في هذه الليلة أمر فيه خلاف بين الصحابة أنفسهم، وبين من بعدهم من العلماء كذلك، وليس هذا محل بسطه، وعلى فرض ترجيح ذلك فإنه لا يسوغ جعل دعاء ختم القرآن في هذه الليلة لعدم وجود ما يخصصه بذلك أو يرجحه على الليالي الأخرى.
من أوجه المخالفة الإطالة الزائدة في الدعاء
التطويل في الدعاء من الاعتداء
8- إن الدعاء الحالي يطيلون فيه إطالة تتعب المصلين وتجهدهم وتدخل الملل إلى نفوسهم، وإنني أجزم بأنه من الاعتداء في الدعاء المنهي عنه والذي هو من الأمور المنكرة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: "بأنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء" إسناده صحيح ومن ناحية أخرى فإطالة دعاء القنوت مما يشق على الناس ويوقعهم في الحرج، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم أشد النهي عن إطالة الصلاة فقد روى البخاري (1/172- 173)
عن أبي مسعود – رضي الله عنه أن رجلاً قال: والله يا رسول الله إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا.
قال: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضباً منه يومئذ،
ثم قال: " يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم صلى بالناس فليتجوز فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة".
ولو نظرت إلى ما ورد من خطبه صلى الله عليه وسلم في الجمعة والعيدين ونحوهما لوجدتها قصيرة لا تكاد تزيد على عشر دقائق أو خمس عشرة دقيقة، وكذلك في دعائه صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء وغيره. فإنك لن تجد أطول دعاء له يبلغ خمس دقائق على أبعد تقدير، ومن شاء فليرجع إلى كتب السنة ليطالع صيغ أدعيته عليه الصلاة والسلام.
هدي النبي صلى الله عليه وسلم تقصير الدعاء
فهذه الإطالة غير معهودة في الشرع ومخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ويكفي لبيان ذلك أن نتذكر حديث عائشة رضي الله عنه فقد روى الإمام الترمذي رحمه الله تعالى عنها أنها قالت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة. ليلة القدر ما أقول فيها؟
قال: قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني"
(سنن الترمذي 5/534 وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، ورواه كذلك ابن ماجة والحاكم عنها بألفاظ متقاربة، وصححه أستاذنا الألباني في (تخريج المشكاة 2091 وصحيح الجامع 4423)
فهذا كل ما علم النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أحب الناس إليه قاطبة إذا علمت يقيناً متى ليلة القدر، كلمات معدودات قليلات لا يتجاوز الدعاء بها لو كررت عشر مرات دقيقة واحدة.
فأين هذا مما اصطنعوه من الدعاء المملوء بالمترادفات التي لها من الصنعة البلاغية والبيانية نصيب كبير؟
الخير كل الخير في الاتباع وعدم الابتداع
وفي الختام أنصح إخواني الخطباء والأئمة والدعاة أن يلتزموا السنة ويدعوا البدعة ولو أعجبتهم، فليس المعول في أمور الدين على الذوق بل على الشرع، ولذكروا قول الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: "كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة".
وما أحسن ما روي عن إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى حيث سأله أحد أصحابه عن المغبِّرة هل يجلس معهم؟ وهم قوم يجلسون مجالس يذكرون الله تعالى وينشدون بعض الأناشيد التي ترقق القلوب وتهيج النفوس وتحدث فيها الخشوع، ويضربون بعصي معهم الأرض إذا انشدوا، فيثيرون الغبار، فسموا بذلك، فأمره أن يدعوهم، ويجلسه وراء ستارة ليطلع على ما يجري في مجلسهم، فلما انتهى المجلس وانصرفوا دخل تلميذ الإمام عليه، فوجده يبكي متأثراً من ذكرهم وأناشيدهم، فسأله عن رأيه، فقال له: يا بني لا تحضر معهم، فإن هذا لم يكن عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان.

قال أستاذنا الألباني حفظه الله معلقاً على ذلك: وهذا غاية الاتباع للسنة وهدي السلف.
وفقنا الله إلى اتباع سنته والاهتداء بهديه، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين
هذا الدعاء الباطل المخترع البدعي ( دعاء ختم القران ) فهو ليس من هدي السلف بل محدثه وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
فقدحكم ببدعية هذا الدعاء الشيخ/ بكر بن عبدالله ابو زيد عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء في كتابه مرويات دعاء ختم القرآن فانظره فانه مفيد جداً ولا تغتر بمن خالفوا السنة وآثروا هذه البدعة الحنبلية المخالفة للكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة .

بخصوص بدعة دعاء ختم القرآن العظيم ومايترتب على هذه البدعه من مخالفات وماتجر إليه من بدع أخرى فلا يحل لأحد أن يعبد الله عز وجل إلا بما شرعه لنا على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا مقتضى كلمة التوحيد
فالعبادات توقيفية لا تجوز الزيادة عليها ولا النقصان منها، وهذا من المسلمات التي لا ينبغي لأحد أن يجادل فيها.
ولا يجوز العمل بالأحاديث الضعيفة لا في فضائل الأعمال ولا في غيرها في أرجح قولي العلماء، لأن في الصحيح غنى وكفاية عما سواه.
وما روي عن الإمام أحمد أنه أجاز العمل بالضعيف في فضائل الأعمال فمراده الحسن، لأن الأحاديث في وقته كانت مقسمة إلى صحيح وضعيف،
وأول من قسم الأحاديث إلى صحيح وحسن وضعيف هو الإمام الترمذي رحمه الله، وهو من تلاميذ تلاميذ الإمام أحمد.
والذين أجازوا العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمـال – وهو قـول مرجوح –
كالنووي وابن الصلاح رحمهما الله اشترطوا لذلك شروطاً واحتاطوا لذلك.

قال الإمام النووي في الأذكار: (يجوز ويستحب العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث والضعيف ما لم يكن موضوعاً).
قال ابن علان في شرحه لكتاب الأذكار للنووي "ما لم يكن ضعيفاً":
(وفي معناه شديد الضعف، فلا يجوز العمل بخبر من انفرد عن كذاب ومتهم، وبقي للعمل بالضعيف شرطان، أن يكون له أصل شاهد لذلك كاندراجه تحت عموم أوقاعدة كلية، ولا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد الاحتياط).

وأفضل الذكر على الإطلاق قراءة القرآن داخل الصلاة، ثم قراءته خارج الصلاة، ثم الدعاء والاستغفار والصدقة ونحوها.

فأقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، ولا يحتج بها على الأدلة الشرعية، كما بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
(وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية، لا بأقوال بعض العلماء، فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية، ومن تربى على مذهب قد تعوده واعتقد ما فيه وهو لا يحسن الأدلة الشرعية وتنازع العلماء، لا يفرق بين ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم وتلقته الأمة بالقبول بحيث يجب الإيمان به، وبين ما قاله بعض العلماء ويتعسر أويتعذر إقامة الحجة عليه، ومن كان لا يفرق بين هذا وهذا لم يحسن أن يتكلم في العلم بكلام العلماء، وإنما هو من المقلدة الناقلين لكلام غيرهم، مثل المحدث عن غيره، والشاهد على غيره لا يكون حاكماً، والناقل المجرد يكون حاكياً لا مفتياً).

ولا يصح شيء مرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في فضل ختم القرآن، وكل ما ورد في ذلك إما أن يكون موضوعاً أوضعيفاً ضعفاً شديداً، نحو:
1. ما روي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: "إن لصاحب القرآن عند كل ختمة دعوة مستجابة،
وشجرة في الجنة لو أن غراباً طار من أصلها لم ينته إلى فرعها حتى يدركه الهرم"
قال عنه الألباني في ضعيف الجامع الصغير وزياداته برقم [1916]:
موضوع؛ كما أورده ابن الجوزي في الموضوعات في "العلل المتناهية في الأحاديث الواهية" ج1/ 108.
2. وفي رواية عن أنس يرفعه: "عند كل ختمة دعوة مستجابة"، قال عنه الألباني في ضعيف الجامع الصغير رقم [3823]: موضوع.
3. وعن ابن عباس يرفعه: "من قرأ القرآن حتى ختمه كانت له دعوة مستجابة، معجلة أومؤخرة"، وهو حديث واهٍ وعلته حفص بن عمر بن حكيم الملقب بالكفر كما جاء في "الميزان" ج1/563، و"لسان الميزان" ج2/325-326.
4. وعن جابر يرفعه: "إن لقارئ القرآن دعوة مستجابة، فإن شاء صاحبها تعجلها في الدنيا، وإن شاء أخرها إلى الآخرة"، وفيه مقاتل بن سليمان، كذبوه وهجروه.
5. وعن العرباض بن سارية يرفعه: "من ختم القرآن فله دعوة مستجابة"، رواه الطبراني في الكبير وهو ضعيف جداً.
ثامناً: وأخيراً اعلم أخي الكريم أن من وافق الدليل لم يخالفك
كما قال أحد السلف: "ما خالفني من وافق الدليل"، ولله در الإمام الشافعي عندما قال: "إذا وجدتم الحديث في قارعة الطريق فهو مذهبي".

ومن المخالفات في دعاء ختم القرآن :

الأولى: الدعاء عند ختم القرآن داخل الصلاة سواء كانت الصلاة مكتوبة أونافلة، وسواء كان ذلك في القنوت قبل أوبعد الركوع أوفي السجود
لإمام أو منفرد، إذ ليس لذلك مستند في الشرع لا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته الكرام، ولا عن أحد من الأئمة الأعلام
إلا ما روي عن أحمد أنه سهل فيه في دعاء الوتر خاصة قبل الركوع، وعلل أحمد ذلك بعمل مِصْرَين في عهده: مكة والبصرة.
قال الإمام ابن قدامة رمه الله في كتابه المغني3/396 :
فَصْلٌ : فِي خَتْمِ الْقُرْآنِ : قَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ : سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْت : أَخْتِمُ الْقُرْآنَ ، أَجْعَلُهُ فِي الْوِتْرِ أَوْ فِي التَّرَاوِيحِ ؟ قَالَ : اجْعَلْهُ فِي التَّرَاوِيحِ ، حَتَّى يَكُونَ لَنَا دُعَاءً بَيْنَ اثْنَيْنِ .
قُلْت كَيْفَ أَصْنَعُ .؟
قَالَ إذَا فَرَغْتَ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ فَارْفَعْ يَدَيْكَ قَبْلَ أَنْ تَرْكَعَ ، وَادْعُ بِنَا وَنَحْنُ فِي الصَّلَاةِ ، وَأَطِلْ الْقِيَامَ .
قُلْت : بِمَ أَدْعُو ؟ قَالَ : بِمَا شِئْت .
قَالَ : فَفَعَلْت بِمَا أَمَرَنِي ، وَهُوَ خَلْفِي يَدْعُو قَائِمًا ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ، وَقَالَ حَنْبَلٌ : سَمِعْت أَحْمَدَ يَقُولُ فِي خَتْمِ الْقُرْآنِ : إذَا فَرَغْت مِنْ قِرَاءَةِ { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } فَارْفَعْ يَدَيْكَ فِي الدُّعَاءِ قَبْلَ الرُّكُوعِ .
قُلْت : إلَى أَيِّ شَيْءٍ تَذْهَبُ فِي هَذَا ؟ قَالَ : رَأَيْت أَهْلَ مَكَّةَ يَفْعَلُونَهُ ، وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَفْعَلُهُ مَعَهُمْ بِمَكَّةَ .
قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ : وَكَذَلِكَ أَدْرَكْنَا النَّاسَ بِالْبَصْرَةِ وَبِمَكَّةَ .
وَيَرْوِي أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي هَذَا شَيْئًا ، وَذُكِرَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ .
هذه حجة من يرى دعاء ختم القرآن في الصلاة في رمضان الإعتماد على هذا النقل عن الإمام أحمد رحمه الله
قال الشيخ بكر أبوزيد في كتابه مرويات دعاء ختم القرآن: (ليس هناك حرف واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أوعن أحد من صحابته رضي الله عنهم يفيد مشروعية الدعاء في الصلاة بعد الختم قبل الركوع أوبعده لإمام أومنفرد.
نهاية ما في الباب ما يذكره علماء المذهب - الحنبلي – من الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية حنبل، والفضل، والحربي عنه – والتي لم نقف على أسانيدها- من جعل دعاء الختم في صلاة التراويح قبل الركوع.
وفي رواية عنه لا يعرف مخرجها: أنه سهل فيه في دعاء الوتر.
وما جاء عن بعض أهل العلم من استحباب جعل القارئ ختمه في صلاة نفل أول الليل أوآخره، أي: في سُنة المغرب أوسُنة الفجر؛ وهذه مع جلالة القائلين بها لم يذكروا رحمهم الله تعالى ما يسند المشروعية من نص ثابت في سنده ودلالته عن النبي صلى الله عليه وسلم، أوصحابته رضي الله عنهم.............................................. .........................وهذا من العبادات الجهرية التي لو وقعت لنقل إلينا وقوعها واشتهر أمرها في كتب الرواية والأثر، بل في رواية حنبل لما قال لأحمد رحمه الله تعالى: إلى أي شيء تذهب في هذا؟
قال: رأيت أهل مكة يفعلونه، دليل على أنه لو كان عند الإمام أحمد رحمه الله تعالى سنة ماضية مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أومتصلة العمل بعصر الصحابة رضي الله عنهم لاعتمدها في الدلالة، وهو رحمه الله تعالى من أرباب الإحاطة في الرواية، فلم يبق عنده إلا عمل المِصْرَين: مكة والبصرة، وكم لأهل كل مصر من عمل لم يتابعهم عليه أحد، مثل أهل مكة في عدة مسائل كما في أخبار مكة للفاكهي.
وعليه فلتعلم أن توارث العمل يكون في موطن الحجة حيث يتصل بعصر التشريع، كتوارث مقدار الصاع والمد النبوي وأعيان المشاعر ونحو ذلك ، ويكون في موطن الحجة أيضاً عند جماعة من الفقهاء والأصوليين والمحدثين حيث تكون عَضَادته لحديث ضعيف تلقته الأمة بالقبول، لكن هنا لم يكن نقل لعمل متصل بعصر النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم، ولا عاضد لحديث في الباب تلقته الأمة بالقبول – ففات إذاً شرطه عند من قال به.
لهذا فإن مالكاً رحمه الله تعالى وهو عالم المدينة في زمانه كره الدعاء بعد الختم مطلقاً، وقال: ما هو من عمل الناس.
وظاهر من هذا أنه من العمل المتأخر عن عصر الصحابة رضي الله عنهم، والمتحرر عند علماء الأصول: أن جريان العمل فيما لا يتصل بعصر الصحابة رضي الله تعالى عنهم لا يعتبر حجة في "التعبد" ولا يلتفت إليه لقاعدة "وقف العبادات على النص ومورده"، وظاهر كلمة الإمام مالك رحمه الله تعالى أنه لم يكن محل اتفاق بعدهم رضي الله عنهم.
...........................والخلاصة أنه ليس من دليل لهذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى سوى عمل التابعين في مكة والبصرة، وأنه منقطع الاتصال بعصر الصحابة رضي الله عنهم، وأن التابعين اختلفوا، فقال مالك رحمه الله تعالى: ليس عليه عمل الناس؛ فآل الأمر إلى قاعدة العبادات من وقفها على النص ومورده، ولا نص هنا، فبقي الأمر على البراءة وعدم المشروعية والله أعلم).
لم يؤثر شيء عن أبي حنيفة والشافعي في دعاء ختم القرآن لا داخل الصلاة ولا خارجها.
وإذا كان عمل أهل مكة في عهد الإمام أحمد رحمه الله لم يكن حجة لعدم اتصاله بعمل الصحابة، فمن باب أولى وبالأحرى دعاء أهل الحرمين بعد ختم القرآن في صلاة القيام في هذا العصر، والله أعلم.

الثانية:
تطويل دعاء ختم القرآن والسجع فيه
لا شك أن الدعاء عقب ختم كتاب الله عز وجل مرغوب فيه للفرد والجماعة، وهو من المواطن التي يستحب فيها الدعاء.
قال الإمام النووي رحمه الله: (ويستحب الدعاء عند الختم استحباباً متأكداً شديداً).

وجاء كذلك في "فتاوى قاضيخان" للأحناف: استحسان الدعاء عقب الختم، واستحب متأخرو المالكية كذلك استحباب الدعاء عند الختم كما في "التذكار" للقرطبي، وروي عن ابن القيم ما يدل على أن الدعاء عقب الختم من آكد مواطن الدعاء والإجابة.

هذا كله في مطلق الدعاء عقب الختم خارج الصلاة، مع العلم أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحبه الكرام صيغ معينة للدعاء، وإنما يدعو الفرد والجماعة لأنفسهم ولإخوانهم المسلمين بخيري الدنيا والآخرة بالأدعية المأثورة الجامعة وحسب ما يقتضيه حالهم ونوازلهم، متجنبين التطويل الممل، والسجع المتكلف، والخشوع المصطنع، وعدم التقيد بدعاء معين والتزامه في كل ختمة وإلزام المجتمعين به.
من أقوى الأدلة على مشروعية الدعاء عند ختم القرآن ما صح عن أنس رضي الله عنه أنه كان عند الختم يجمع أهله وولده لذلك في بيته.
أما مالك فقد كره ذلك.
قال ابن الحاج المالكي رحمه الله:
(ومن المستخرجة عن ابن القاسم قال: سئل مالك عن الذي يقرأ القرآن فيختمه ثم يدعو
قال: ما سمعت أنه يدعو عند ختم القرآن، وما هو من عمل الناس.
ومن مختصر ما ليس في المختصر، قال مالك: لا بأس أن يجتمع القوم في القراءة عند من يقرئهم أويفتح على كل واحد منهم فيما يقرأ؛
وقال: ويكره الدعاء بعد فراغهم).

قال ابن الحاج معللاً لكراهة مالك للدعاء عقب الختم:
(فإذا تقرر هذا من مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى فاعلم أن الكراهة المذكورة محمولة على الجهر ورفع الصوت في جماعة، وأما الدعاء في السر فهو جائز أومندوب بحسب الحال، وعلى هذا درج السلف والخلف.
وقال: وكان أبومحمد – ابن أبي جمرة – رحمه الله إذا ختم عنده في شهر رمضان في المسجد في جماعة لم يزد على ما يعهد منه خلف المكتوبة شيئاً، وكنا لا نعرف دعاءه بعد الصلاة إلا حين يرمق السماء بعينيه، وهذا ضد ما يفعلونه في هذا الزمان عقب الختم من قراءة القصائد، والكلام المسجع كأنه يشبه الغناء، لما فيه من التطريب والهنوك، وخلوه من الخشوع والتضرع والابتهال للمولى الكريم سبحانه وتعالى).
ما ألف في صيغ دعاء ختم القرآن
هنالك العديد من صيغ دعاء ختم القرآن منها ما أفرد بمؤلف خاص، ومنها ما ورد ضمن مؤلف عام، وقد بالغ البعض في ذلك حيث يوجد دعاء ختم مكوناً من ثمانين صفحة، أي ما يعادل قراءة خمسة أجزاء من القرآن الكريم؛
من تلك المؤلفات ما يأتي:

1. كتاب الخطب في ديوان ختم القرآن لإبراهيم بن محمد بن حيدر المولود 559ﻫ - انظر معجم الأدباء لياقوت الحموي 2/ 15-16.
2. مُؤَلف يحوي أربعاً وعشرين ختمة، كما جاء في فهرس الآثار الخطية في المكتبة القادرية بقلم عماد عبد السلام طبع 1394ﻫ.
3. دعاء ختم القرآن للشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله، وهو متضمن في كتابه "القنية لطالبي طريق الحق"، ويشغل ثماني صفحات مليء بالسجع منه: "وقلت يا أعز من قائل سبحانك فإذا قرأناه فاتبع قرآنه، هو أحسن كتبك".
4. ما ذكره النووي رحمه الله في كتاب "التبيان في آداب حملة القرآن".
5. الدعاء المنسوب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية ولم تثبت نسبته إليه، قال الشيخ بكر أبوزيد: (ومن المؤلفات في صيغ دعاء القرآن الدعاء المنسوب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – والذي استمر زماناً يطبع في أخريات المصاحف الشريفة، وهذا لم تثبت نسبته إليه ولا يعرف من نسبه إليه، ولعل حذفه من الطبعات الأخيرة للمصحف الشريف لذلك، أولهذا، ولعدم ترتيب دعاء عن النبي صلى الله عليه وسلم لختم القرآن، وتجريد لكتاب الله تعالى وكلامه مما ليس منه، هذا مع ما فيه من بعض الألفاظ هي محل نظر).
لا ينبغي أن يطبع مع المصحف شيء آخر مهما كان لا في الغلاف ولا قبله ولا بعده، نحو بعض أحكام التجويد، أوالقاعدة البغدادية، أودعاء ختم القرآن، ومن باب أولى وبالأحرى جدول الضرب، سواء كان المصحف كاملاً أم مجزءاً.
السنة أن يدعو كل إنسان لنفسه بحاجته سراً ولا يجهر بذلك وإن كانوا جماعة، وإن دعا شخص وأمن الحاضرون بغير دعاء راتب معين ولم يطل في الدعاء مرةً بعد مرة فلا بأس بذلك، والله أعلم.
قال ابن الحاج المالكي: (وينبغي أن يتجنب ما أحدثوه بعد الختم من الدعاء برفع الأصوات والزعقات، قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: "ادعوا ربَّكم تضرعاً وخُفية"، وبعض هؤلاء يعرضون عن التضرع والخفية بالعياط والزعقات، وذلك مخالف للسنة المطهرة.
وقد سئل بعض السلف رضي الله عنهم عن الدعاء الذي يدعو به عند ختم القرآن، فقال: أستغفر الله من تلاوتي إياه سبعين مرة؛ وسئل غيره عن ذلك فقال: أسأل الله أن لا يمقتني على تلاوتي.
وقد قالت عائشة رضي الله عنها: كم من قارئ للقرآن والقرآن يلعنه، يقول: ألا لعنة الله على الظالمين، وهو ظالم.
ولا يظن ظان أن الظلم إنما هو في الدماء، أوالأعراض، أوالأموال، بل هو عام، إذ قد يكون ظالماً لنفسه فيدخل في ذاك تحت الوعيد.
وبالجملة فالموضع موضع خشوع، وتضرع، وابتهال، ورجوع إلى المولى سبحانه وتعالى بالتوبة مما قارفه من الذنوب، والسهو، والغفلات.
إلى أن قال: وقال بعضهم: ادع الله بلسان الذل والافتقار، لا بلسان الفصاحة والانطلاق.. ويجوز بالمسجد – أي الدعاء عند الختم – بشرط أن لا يكون الجهر والتطويل بالدعاء عادة).
الثالثة: التكبير من آخر سورة الضحى إلى آخر الناس، بل منهم من يزيد التسبيح، والتحميد، والتهليل، والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم
من المخالفات التي تصاحب ختم القرآن التكبير للفرد والجماعة من آخر سورة الضحى إلى آخر سورة الناس، حيث لم يصح فيه إلا حديث ضعيف، وفي رواية واحدة وهي رواية البزي عن ابن كثير المكي، هذا على الرغم من استحباب بعض أهل العلم له.
قال ابن مفلح: (واستحب أحمد التكبير من أول سورة الضحى إلى أن يختم، ذكره ابن ثميم وغيره، وهو قراءة أهل مكة أخذها البزي عن ابن كثير، وأخذها ابن كثير عن مجـاهد، وأخذها مجـاهد عن ابن عباس، وأخذها ابن عباس عن أبَيّ بن كعب، وأخذها أبَيّ عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى ذلك جماعة منهم البغوي في "تفسيره"، والسبب في ذلك انقطاع الوحي، وهذا حديث غريب – أي ضعيف – من رواية أحمد بن محمد بن عبد الله البزي، وهو ثبت في القراءة، ضعيف في الحديث، وقال أبوحاتم الرازي: هذا حديث منكر.
إلى أن قال: وعنه أيضاً – أي عن أحمد -: لا تكبير، كما هو قول سائر القراء).
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن جماعة قرأوا بغير تهليل ولا تكبير؟
قال: (إذا قرأوا بغير حرف – أي رواية – ابن كثير كان تركهم لذلك هو الأفضل، بل المشروع المسنون).
لم يكتف البعض بالتكبير على الرغم من عدم وروده في سائر الروايـات سوى رواية البزي عن ابن كثير بطريق واهٍ – لا بطريق صحيح ولا ضعيف، بل زادوا عليه التهليل، والتسبيح، والتحميد، والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا كله يدل على أن البدعة لا حد لها تنتهي إليه، وإنما ينادي بعضها على بعض، ولهذا رحم الله امرءاً اتبع فسلم، ولم يبتدع فيندم.

الرابعة:
قراءة الإخلاص والمعوذتين جماعياً وتكرارها ثلاثاً
أيضاً من المخالفات التي صحبت ختم القرآن للجماعات والأفراد في المساجد وغيرها قراءة الجميع لسور الإخلاص والمعوذتين وتكرير ذلك في بعض المساجد ثلاثاً، وهذا التخصيص ليس له أصل ولا يسنده دليل إلا التقليد.
قال ابن مفلح رحمه الله:
(وإذا قرأ سورة الإخلاص مع غيرها قرأها مرة واحدة ولا يكرر ثلاثاً، نص عليه – أي أحمد – قال ابن تميم: منع أحمد القارئ من تكرار سورة الإخلاص ثلاثاً إذا وصل إليها).
الخامسة: وصل الختمة بأخرى بقراءة الفاتحة وخمس آيات من أول البقرة
من المخالفات التي درج عليها كثير من الناس أفراداً وجماعات وصل الختمة بالشروع في ختمة جديدة بقراءة سورة الفاتحة وخمس آيات من أول البقرة، وليس لهذا العمل مستند في الشرع، معتمدين في ذلك على حديث ضعيف وهو حديث "الحال المرتحل"، وعلى افتراض صحته فقد أول بتأويلات أخرى قال بها بعض أهل العلم المعتبرين.
والحديث رواه الترمذي بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رجل: يا رسول الله، أي العمل أحب إلى الله عز وجل؟ قال: "الحال المرتحل".

قال ابن رجب:
(إذا فرغ عن قراءة الناس لم يزد الفاتحة وخمساً من البقرة، نص عليه – أحمد – وذلك إلى قوله "وأولئك هم المفلحون"، لأن "ألم" آية عند الكوفيين وهي عند غيرهم غير آية، قال في "الشرح": ولعله لم يثبت فيه عنده أثر صحيح، وقيل: يجوز بعد الدعاء، وقيل: يستحب، وقد روى الترمذي من حديث صالح المزي – وهو ضعيف – عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن ابن عباس قال: قال رجل: يا رسول الله، أي العمل أحب إلى الله عز وجل؟ قال: "الحال المرتحل"، قال: وما الحال المرتحل؟ قال: "الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره، كلما حل ارتحل"، قال الترمذي: حديث غريب، ثم رواه عن زرارة مرسلاً، ثم قال: هذا عندي صحيح).

وقال ابن القيم رحمه الله:
(وفي الترمذي عنه أنه سئل صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: "الحال والمرتحل"، وفهم بعضهم من هذا أنه إذا فرغ من ختم القرآن قرأ فاتحة الكتاب، وثلاث آيات من سورة البقرة، لأنه حل بالفراغ وارتحل بالشروع، وهذا لم يفعله أحد من الصحابة ولا التابعين، ولا استحبه أحد من الأئمة، والمراد بالحديث الذي كلما حل من غزاة ارتحل في أخرى، أوكلما حل من عمل ارتحل إلى غيره تكميلاً له كما كمل الأول، وأما هذا الذي يفعله بعض القراء فليس مراد الحديث قطعاً، وبالله التوفيق).

قال الشيخ بكر أبوزيد:
(نازع – ابن القيم – المباركفوري في تحفة الأحوذي 4/ 64ط الهندية بأن الحـديث جـاء في آخـره ذكر الختمـة... وفي سند هذا الحديث الهيثم بن الربيـع، وصالح بن بشير المري، وهما ضعيفان، بل قيل إن صالحاً متروك الحديث، قاله النسائي والذهبي في تلخيص المستدرك ج1/ 591).
لم يستحب الإمام أحمد وصل ختمة بأخرى، قال ابن قدامة: (لعله لم يثبت فيه عنده أثر صحيح).

ومن المخالفات التوسع في الدعوة لشهود ختم القرآن ودعائه و لم يدرج السلف على التوسع في الدعوة واستدعاء الناس والإعلان لشهود ختم القرآن والدعاء بعده.
فقد صح عن أنس رضي الله عنه أنه كان يدعو أهله لشهود ختم القرآن خارج الصلاة وليس داخل الصلاة ، وهذا إجتهاده رضي الله عنه وقد تبعه على ذلك بعض السلف، لكن الأمر لم يكن بالصورة التي نراها اليوم.
قال ابن الحاج المالكي رحمه الله وهو يعدد البدع التي أحدثها البعض في ختم القرآن في رمضان وغيره ويحذر منها:
(وينبغي له أن يتجنب ما أحدثوه من البدع في تواعدهم للختم، فيقولون: فلان يختم في ليلة كذا، وفلان يختم في ليلة كذا
ويعرض ذلك بعضهم على بعض، ويكون ذلك بينهم بالنوبة، حتى صار ذلك كأنه ولائم تعمل وشعائر تظهر.
إلى أن قال: وأما إن كان إنسان يريد أن يختم لنفسه في أي وقت كان من السنة فيجمع أهله لتعمهم الرحمة، لأن الرحمة تنزل عند ختم القرآن
فذلك جائز لفعل أنس رضي الله عنه).
ومن المخالفات الاحتفاء بختم القرآن، وإحضار الحلوى، والشاي، والذبح، وإقامة الولائم لذلك والإجتماع له والسفر للحرمين الشريفين لحضور الختمه والدعاء وإقامة النوادي والمنادي بعدها0
وتدخل في باب "طعام المتبارين"، أي المتنافسين، لما يصحب ذلك من الفخر والرياء والسمعة ولهذا حذر من ذلك السلف، وذلك أن الأصل في العبادات أن تخفى بقدر المستطاع، ولا تعلن ويجاهر بها.
قال ابن الحاج معدداً بدع ختم القرآن عند أهل زمانه: (ثم إنهم يعملون أنواعاً من الأطعمة والحلاوات، فسبحان الله ما أضر البدع، وما أكثر شؤمها، حتى لقد رأيت بعض المشايخ عمل لولده ختماً ببعض ما ذكر، فلما جاءت السنة الثانية سألته عن ولده في أي موضع صلى القيام، فقال لي: أنا منعته من القيام؛ فقلت له: ولِمَ؟ قال: لأن الأصحاب والإخوان والمعارف يطالبونني بالختم فأحتاج إلى كلفة كثيرة.
فانظر إلى شؤم البدع كيف جَرَّت إلى ترك الطاعات، وترك المحافظة على حفظ الختمة).

قال الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله :

ليس في السنة النبوية دعاء خاص بعد ختم القرآن الكريم ، ولا حتى عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو الأئمة المشهورين
ومن أشهر ما ينسب في هذا الباب الدعاء المكتوب في آخر كثير من المصاحف منسوباً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، ولا أصل له عنه .
انظر : "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (14/226) .
والدعاء بعد ختم القرآن إما أن يكون بعد ختمه في الصلاة ، أو خارجها ، ولا أصل للدعاء بعد الختمة في الصلاة
وأما خارجها فقد ورد فعله عن أنس رضي الله عنه .

align="right">
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم دعاء ختم القرآن في قيام الليل في شهر رمضان ؟

فأجاب :

" لا أعلم في ختمة القرآن في قيام الليل في شهر رمضان سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن الصحابة أيضا ، وغاية ما ورد في ذلك أن أنس بن مالك رضي الله عنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا . وهذا في غير الصلاة " انتهى . "فتاوى أركان الإسلام" (ص 354) .
خاتمة كتاب مرويات دعاء ختم القرآن للشيخ بكر أبو زيد :

من مجموع السياقات في الفصلين السالفين نأتي إلى الخاتمة في مقامين :
المقام الأول : في مطلق الدعاء لختم القرآن :
والمتحصل في هذا ما يلي :
أولاً : أن ما تقدم مرفوعا وهو في مطلق الدعاء لختم القرآن :
لا يثبت منه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم , بل هو إما موضوع أو ضعيف لا ينجبر ،
ويكاد يحصل القطع بعدم وجود ما هو معتمد في الباب مرفوعاً ؛ لأن العلماء الجامعين الذين كتبوا في علوم القرآن وأذكاره أمثال : النووي , وابن كثير , والقرطبي , والسيوطي , لم تخرج سياقاتهم عن بعض ما ذكر ، فلو كان لديهم في ذلك ما هو أعلى إسناداً لذكروه .
ثانياً : أنه قد صح من فعل أنس بن مالك رضي الله عنه الدعاء عند ختم القرآن ، وجمع أهله وولده لذلك , وأنه قد قفاه (أي : تابعه) على ذلك جماعة من التابعين , كما في أثر مجاهد بن جبر رحمهم الله تعالى أجمعين .
ثالثاً : أنه لم يتحصل الوقوف على شيء في مشروعية ذلك في منصوص الإمامين : أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله تعالى .
وأن المروي عن الإمام مالك رحمه الله : أنه ليس من عمل الناس ، وأن الختم ليس سنة للقيام في رمضان .
رابعاً : أن استحباب الدعاء عقب الختم , هو في المروي عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى , كما ينقله علماؤنا الحنابلة ,
وقرره بعض متأخري المذاهب الثلاثة .

المقام الثاني : في دعاء الختم في الصلاة :
وخلاصته فيما يلي :
أولاً : أنه ليس فيما تقدم من المروي حرف واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من صحابته رضي الله عنهم يفيد مشروعية الدعاء في الصلاة بعد الختم قبل الركوع أو بعده لإمام أو منفرد .
ثانياً : أن نهاية ما في الباب هو ما يذكره علماء المذهب من الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية حنبل والفضل والحربي عنه -
والتي لم نقف على أسانيدها - : من جعل دعاء الختم في صلاة التراويح قبل الركوع .
وفي رواية عنه - لا يعرف مخرجها - : أنه سهل فيه في دعاء الوتر ...
انظر : " مرويات دعاء ختم القرآن " .
قال الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله:
(وما ذكره (الشيخ بكر أبو زيد في كتابه مرويات دعاء ختم القرآن )
من أنه لا دليل على الدعاء عند ختم القرآن الكريم في الصلاة، فإن الأمر عندي كما قال).

هل في السنة دعاء بعد ختم القرآن ؟
أرجو منكم إرسال دعاء ختم القرآن الكريم كما ورد في السنة النبوية .

الحمد لله
ليس في السنة النبوية دعاء خاص بعد ختم القرآن الكريم ، ولا حتى عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو الأئمة المشهورين ، ومن أشهر ما ينسب في هذا الباب الدعاء المكتوب في آخر كثير من المصاحف منسوباً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، ولا أصل له عنه .
انظر : "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (14/226) .
والدعاء بعد ختم القرآن إما أن يكون بعد ختمه في الصلاة ، أو خارجها ، ولا أصل للدعاء بعد الختمة في الصلاة ، وأما خارجها فقد ورد فعله عن أنس رضي الله عنه .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم دعاء ختم القرآن في قيام الليل في شهر رمضان ؟
فأجاب :

" لا أعلم في ختمة القرآن في قيام الليل في شهر رمضان سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن الصحابة أيضا ، وغاية ما ورد في ذلك أن أنس بن مالك رضي الله عنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا . وهذا في غير الصلاة " انتهى .

"فتاوى أركان الإسلام" (ص 354) .

وللشيخ بكر أبو زيد رسالة نافعة في هذه المسألة ، ومما جاء في خاتمتها :
من مجموع السياقات في الفصلين السالفين نأتي إلى الخاتمة في مقامين :
المقام الأول : في مطلق الدعاء لختم القرآن :
والمتحصل في هذا ما يلي :
أولاً :
أن ما تقدم مرفوعا وهو في مطلق الدعاء لختم القرآن :
لا يثبت منه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم , بل هو إما موضوع أو ضعيف لا ينجبر ،
ويكاد يحصل القطع بعدم وجود ما هو معتمد في الباب مرفوعاً ؛ لأن العلماء الجامعين الذين كتبوا في علوم القرآن وأذكاره أمثال :
النووي , وابن كثير , والقرطبي , والسيوطي , لم تخرج سياقاتهم عن بعض ما ذكر ، فلو كان لديهم في ذلك ما هو أعلى إسناداً لذكروه .
ثانياً :
أنه قد صح من فعل أنس بن مالك رضي الله عنه الدعاء عند ختم القرآن ، وجمع أهله وولده لذلك , وأنه قد قفاه (أي : تابعه) على ذلك جماعة من التابعين , كما في أثر مجاهد بن جبر رحمهم الله تعالى أجمعين .
ثالثاً :
أنه لم يتحصل الوقوف على شيء في مشروعية ذلك في منصوص الإمامين : أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله تعالى .
وأن المروي عن الإمام مالك رحمه الله : أنه ليس من عمل الناس ، وأن الختم ليس سنة للقيام في رمضان .
رابعاً :
أن استحباب الدعاء عقب الختم , هو في المروي عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى , كما ينقله علماؤنا الحنابلة , وقرره بعض متأخري المذاهب الثلاثة

المقام الثاني : في دعاء الختم في الصلاة :

وخلاصته فيما يلي :

أولاً :
أنه ليس فيما تقدم من المروي حرف واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من صحابته رضي الله عنهم يفيد مشروعية الدعاء في الصلاة بعد الختم قبل الركوع أو بعده لإمام أو منفرد .
ثانياً :
أن نهاية ما في الباب هو ما يذكره علماء المذهب من الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية حنبل والفضل والحربي عنه - والتي لم نقف على أسانيدها - : من جعل دعاء الختم في صلاة التراويح قبل الركوع .
وفي رواية عنه - لا يعرف مخرجها - : أنه سهل فيه في دعاء الوتر ...

ما صحة حديث عند كل ختمة دعوة مستجابة
ما صحة حديث ( عند كل ختمة دعوة مستجابة ... ).
الحمد لله
هذا الحديث موضوع رواه أبو نعيم في الحلية وغيره وفي إسناده يحي بن هاشم السمسار .
قال عنه الإمام النسائي : متروك الحديث .
وقال يحيى بن معين : كذاب .
وقال ابن عدي : كان يضع الحديث ويسرقه .

والدعاء عند ختم القرآن له حالتان :
الأولى : في الصلاة فهذا بدعة فإن العبادات مبناها على الشرع والاتباع وليس لأحد أن يعبد الله إلا بما شرعه الله أو سنه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

ودون ذلك ابتداع في الدين قال صلى الله عليه وسلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) .
متفق عليه من حديث عائشة .

وقد ذكر الشاطبي في الاعتصام وشيخ الإسلام في الاقتضاء قاعدة عظيمة المنفعة في التفريق بين البدعة وغيرها ، وهي أن ما وجد سببه وقام مقتضاه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعصر الصحابة ولم يقع منهم فعل لذلك مع عدم المانع من الفعل فإنه بدعة كالأذان للعيدين والاستسقاء ونحو ذلك .

ودعاء الختمة في الصلاة من ذلك
فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يقومون في رمضان ليلاً طويلاً ويتكئون على العصي من طول القيام فهم في هذه الحالة
يختمون القرآن أكثر من مرة ولم ينقل عن أحد منهم دعاء بعد الختمة .


وقد قال الإمام مالك رحمه الله : ما سمعت أنه يدعو عند ختم القرآن وما هو من عمل الناس .
ذكر ذلك عنه ابن الحاج في المدخل .

الحالة الثانية : الدعاء عقيب الختمة في غير الصلاة وهذا منقول عن أنس بن مالك بسند صحيح .
ومأثور عن جماعة من أهل العلم ولا أعلم في المرفوع شيئاً ثابتاً
والله أعلم .


2rsvrgnedcsjv6wm40h.
كتبت : انتظـــــار
-
جعله الله في ميزان حسناتك طمووحي
والله يتقبل منا كل دعاء يارب





-
كتبت : ام البنات المؤدبات
-
موضوع استفدت منه كثيرا
وفتاوى مهمة
لا حرمت الاجر ام عمر
وجزاك الله خيرا
وبارك فيك
وتقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
كتبت : مامت توتا
-
[type=664883] اسئل الله عز وجل ان يجعله فى ميزان
حسناتك واثابك الله الجنه ولا حرمنا من
مواضيعك القيمه
[/type]
كتبت : سنبلة الخير .
-
جزاك الله خير الجزاء
فتاوى مهمة
سلمت يمنياك على طرحك الهادف
لاحرمت الاجر والثواب
كتبت : ღ♥ بسمة الحياة ღ♥
-
جعله الله في ميزان حسناتك ام عمر
فتوى هامة
الصفحات 1 2 

التالي

فتاوى رمضانية

السابق

هل تجوز الصلاة في مسجِد بعيد لأجل صوت القارئ ؟

كلمات ذات علاقة
الصلاة , القرآن , جبل , دعاء , حكم , فتاوى , في , وغيرها