رحم الله عروة بن الزبير كم هو مثال رائع على الصبر عند البلاء وهذه القصة تجعلنا نقف
امام شخصية مؤمنة صابره
فالصبر على الإبتلاء ... صفة الأنبياء ... ومنارة الأتقياء وعلى المسلم أن يستعين بالصبر
والصلاة فالصبر بالتصبر ولهذا كان الأنبياء يطلبون الصبر من الله.و
الله عز وجل كان يربط على قلب المبتلى ليصبر كما فعل مع أم موسى وأصحاب الكهف
ففي وقت الابتلاء يجب على المسلم أن يستعين بالله ويدعوه
ويسأله أن يربط على قلبه وأن يسارع ويقول:
(إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف على خيرا منها
ولنا في رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم اسوة حسنة فقد رأى جميع أنواع الابتلاء
كالسب والقذف والادعاء عليه بالكذب وابتلاه الله بمكر المنافقين وأذى الكفار وابتلاه الله في عرضه
في أحب زوجاته إليه (حادثة الإفك)
وابتلاه الله بالمرض والحمى وابتلاه الله بفقدان الولد فمات جميع أولاده في حياته
عدا فاطمة الزهراء وابتلاه الله بكيد الزوجات وما كان منه صلى الله عليه وسلم
إلا أن صبر الصبر الجميل الذي لا شكوى فيه.
وكان من أدب الرضا والصبر للأنبياء أنهم لا يطلبون كشف البلاء فها هو ذا النون عليه السلام
وهو في بطن الحوت يدعو لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
وها هو أيوب عليه السلام في مرضه يدعو أني مسني الضر و أنت أرحم الراحمين
فهم يستحيون من الله أن يطلبوا شيئا بعينه فعلمه بحالهم يغنيهم عن سؤاله فهم يفوضون
ربهم أن يختار لهم الخير ولنعلم ان الصبر مع النصر فهما شقيقان و الصابرين في معية الله
تعالى ورب العالمين يخبرنا عن حبه للصابرين قال تعالى (والله يحب الصابرين) واوصى الله
عباده بالاستعانة بالصبر والصلاة على نوائب الدنيا والدين
فقال (واستعينوا بالصبر والصلاة وانها لكبيرة الا على الخاشعين) البقرة اية 45
وأقتضت حكمة الله اختصاص المؤمن غالباً بنزول البلاء تعجيلاً لعقوبته في الدنيا
أو رفعاً لمنزلته أما الكافر والمنافق فيعافى ويصرف عنه البلاء.
وتؤخر عقوبته في الآخرة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء
ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تستحصد" رواه مسلم.
والبلاء له صور كثيرة:
بلاء في الأهل وفى المال وفى الولد, وفى الدين , وأعظمها ما يبتلى به العبد في دينه.
وقد جمع للنبي كثير من أنواع البلاء
فابتلى في أهله, وماله, وولده, ودينه فصبر واحتسب وأحسن الظن بربه ورضي بحكمه وامتثل الشرع
ولم يتجاوز حدوده فصار بحق قدوة يحتذي به لكل مبتلى .
والواجب على العبد حين وقوع البلاء عدة أمور:
(1) أن يتيقن ان هذا من عند الله فيسلم الأمرله.
(2) أن يلتزم الشرع ولا يخالف أمر الله فلا يتسخط ولا يسب الدهر.
(3) أن يتعاطى الأسباب النافعة لد فع البلاء.
(4) أن يستغفر الله ويتوب إليه مما أحدث من الذنوب.
• ومما يؤسف له أن بعض المسلمين ممن ضعف إيمانه إذا نزل به البلاء تسخط
و سب الدهر ولام خالقه في أفعاله وغابت عنه حكمة الله في قدره واغتر بحسن فعله
فوقع في بلاء شر مما نزل به وارتكب جرماً عظيماً.
• وهناك معاني ولطائف اذا تأمل فيها العبد هان عليه البلاء وصبر وآثر العاقبة الحسنة
وانرى الوعد والثواب الجزيل :
أولاً: أن يعلم أن هذا البلاء مكتوب عليه لامحيد عن وقوعه واللائق به ان يتكيف مع هذا الظرف
ويتعامل بما يتناسب معه.
ثانياً: أن يعلم أن كثيراً من الخلق مبتلى بنوع من البلاء كل بحسبه
و لايكاد يسلم أحد فالمصيبة عامة ,
ومن نظر في مصيبة غيره هانت عليه مصيبته.
ثالثاً: أن يذكر مصاب الأمة الإسلامية العظيم بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم
الذى انقطع به الوحي وعمت به الفتنه وتفرق بها الأصحاب
" كل مصيبة بعدك جلل يا رسول الله "
رابعاً: ان يعلم ما أعد الله لمن صبر في البلاء أول وهلة من الثواب العظيم
قال رسول الله " إنما الصبر عند المصيبة الأولى "
خامساً: أنه ربما ابتلاه الله بهذه المصيبة دفعاً لشر وبلاء أعظم مما ابتلاه به ,
فاختار الله له المصيبة الصغرى وهذا معنى لطيف.
سادساً: أنه فتح له باب عظيم من أبواب العبادة من الصبر والرجاء ,
وانتظار الفرج فكل ذلك عبادة .
سابعاً:أنه ربما يكون مقصر وليس له كبير عمل فأراد الله أن يرفع منزلته
ويكون هذا العمل من أرجى أعماله في دخول الجنة.
ثامناً: قد يكون غافلا معرضاً عن ذكر الله مفرطاً في جنب الله مغتراً بزخرف الدنيا ,
فأراد الله قصره عن ذلك وإيقاظه من غفلته ورجوعه الى الرشد.
فاذا استشعر العبد هذه المعاني واللطائف انقلب البلاء في حقه الى نعمة
وفتح له باب المناجاة ولذة العبادة وقوة الاتصال بربه والرجاء وحسن الظن بالله
وغير ذلك من أعمال القلوب ومقامات العبادة ما تعجز العبارة عن وصفة .
قال وهب بن منبه: لا يكون الرجل فقيها كامل الفقه حتى يعد البلاء نعمة ويعد الرخاء
مصيبة، وذلك أن صاحب البلاء ينتظرالرخاء وصاحب الرخاء ينتظر البلاء
و قال رسول الله (: يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب
لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقارض ) رواه الترمذي
ومن الأمور التي تخفف البلاء على المبتلى وتسكن الحزن وترفع الهم وتربط على القلب :
(1)الدعاء:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الدعاء سبب يدفع البلاء، فإذا كان أقوى منه دفعه،
وإذا كان سبب البلاء أقوى لم يدفعه، لكن يخففه ويضعفه، ولهذا أمر عند الكسوف
والآيات بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة.
(2) الصلاة: فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا حزبه أمر فزع الى الصلاة رواه أحمد.
(3) الصدقة:عن ابي امامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "داوو مرضاكم بالصدقة" صحيح الجامع/ 2358
(4) تلاوة القرآن:" قال تعالى "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين" الإسراء /82
(5) الدعاء المأثور:"انا لله وانا اليه راجعون قال الله تعالى "وبشر الصابرين ، الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون" البقرة /155/156
وما استرجع أحد في مصيبة إلا أخلفه الله خيرا منها.
جعل الله جزاء الصبر دخول الجنة بغير حساب:
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول عندما تصيبه مصيبة: (احمد الله على ثلاثة:
1.أنها جاءت في دنياي ولم تأت في ديني.
2.أنها جاءت على قدر ما جاءت ولم تزد.
3.أن الله ادخر لي عليها أجرا)
ولا يكون العبد في معية الله إلا في وقت الصبر
فالابتلاء يأتي ليرقي العبد في طريقه إلى الله فهي كالبوابات على الصراط المستقيم كلما
أراد العبد أن يعبر بوابة ليزداد قربا من الله امتحنه الله وابتلاه فان صبر عبر الباب
ونال القرب ولذلك كان أشد الناس ابتلاءا الأمثل فالأمثل.
ليت كل منا يتعود على الصبر ويكفي ان يعلم المؤمن ان الصابرين عند الله
لهم الثواب العظيم انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب
وكل مبتلى سيعطيه الله الجزاء على قدر صبره وتحمله وتجلده
فندعوا الله تبارك وتعالى ان يرزقنا الصبر على البلاء والرضا بمر القضاء اللهم امين.
سلمتى اختي الغالية وسلم لنا اختيارك الموفق للموضوع جزاك الله خير الجزاء