بارك الله فيك اختي الكريمة
وجزاك الله كل الخير
واللعن كبيرة من الكبائر وموبقة من الموبقات ومعصية من المعاصي وسيئة من السيئات نهى الله عنه رسوله في قوله: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) آل عمران: من [الآية128]، إذ كان يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام في صلاة الفجر بعد الركوع من الركعة الثانية، ونهى عنه الرسول إذ قال لمن لعن من شرب الخمر فقال: "لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم" وجعله الله عقوبة من العقوبات لأعدائه وحفظ منه أولياءه وعاقب به الكفار فقال: (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً) [الأحزاب:64]، وقال: (فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ) [البقرة: من الآية89].
وقد استحقوا بهذه اللعنة عذاب الله الدائم الذي لا ينقطع، وعاقب به الظالمين الذين وضعوا الشيء في غير موضعه قال تعالى: (أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [هود: 18]وجعله عقوبة لأهل الكذب الذين يأتون بخلاف الواقع يقول تعالى: (ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) [آل عمران: 16]، وعاقب الله به اليهود وجعلهم قردة وخنازير قال تعالى: (أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ ) [النساء:47]، وأهل السبت قوم من بني إسرائيل منعوا من الصيد يوم السبت فاحتالوا بحيل محرمة فعاقبهم الله على حيلهم باللعنة الدائمة وجعلهم قردة وماتوا وهم قردة قال تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا) [المائدة: 64]، وعاقب الله به الذين يكتمون العلم ولا يعلمونه الناس ولا ينفقونه بل يقبرونه في صد الحق يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة:160]، وجعله عقوبة للشيطان الذي أمره أن يسجد لآدم تحية فأبى، وقال: (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) [الأعراف: 12]، فقال الله له: (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ) [صّ:77-78].
فاستحق بهذه اللعنة الطرد من السماء العالية إلى الأرض السافلة ومن الجنة والنعيم إلى النار والجحيم وحرم من جوار ربه ومن صحبة الملائكة وسلطت عليه المخلوقات: السماء لا تقبله والنجوم تحرقه والأرض تتزلزل به والمخلوقات تتعوذ بالله منه وتلعنه وحرم الله عليه التوبة وجعله خالدا مخلدا في النار.
وجعله الله عقوبة لقاطع الرحم الذي قطع القرابة والمودة والمحبة وفرق بين الأسر وزرع البغضاء والشحناء قال تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) [محمد:22-23].
وجعله عقوبة للذين يؤذون الله ورسوله قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً) [الأحزاب:57]، وجعله عقوبة لأهل النفاق الذين يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يعتقدون ويحاربون المخلصين ويسخرون من المؤمنين قال تعالى: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) [الأحزاب:60-61]، واللعن عقوبة لأهل معاصٍ كثيرة لعنهم الرسول صلى الله عليه وسلم منهم: آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ومنهم الراشي والمرتشي ومنهم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ومنهم المحلل له ومنهم المصورون ومنهم من ذبح لغير الله ومن غير منار الأرض ومنهم من سب الصحابة وغيرهم كثير.
واعلموا عباد الله أن اللعن صفة من صفات أهل النار الذين تباغضت قلوبهم وساءت أعمالهم وفسدت ألسنتهم وزاد شرهم وانعدم خيرهم واتبعوا الشيطان من الغاوين يقول الله تعالى: (كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ) [الأعراف: 38]، أي في النار إذ كل منهم يعاتب الآخر ويقول: أنت السبب في عذابي فشتان بينهم وبين أهل الجنة الذين نزع الله الغل من صدورهم فهم إخوان على سرر متقابلين وبين أن سبب كثرة النساء في النار لكثرة اللعن ففي حديث أبي سعيد: "يا معشر النساء تصدقن وأكثرن من الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار فقالت امرأة منهن: وما لنا أكثر أهل النار؟ فقال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير...".
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم.