كثرة الشكوى
مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
قال أبو الفوارس جنيد بن أحمد الطبري:العبد ذو ضجر والرب ذو قدر والدهر ذو دول والرزق مقسوم
والخير أجمع فيما اختار خالقنا وفي اختيار سواه اللوم والشوم (3)
"فالعبد ذو ضجر والرب ذو قدر": العبد قليل الرضى،
يتضجر من الأمور ويمل كثيراً، وخلق من عجل، ويريد أن يحقق الأمر كما يريد بهواه هو، ولا يعلم أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يختار له ما يعود عليه بالخير.
الإنسان الكثير الشكوى،
هو إنسان يتعب نفسه، ويتعب من حوله، يعني: أنت جلست تشكو من زوجتك مثلاً،
أو من أبنائك لصديق أو لأخ لك،
بعد أن انتهت المسألة ما الذي كسبته؟! ما الذي عاد عليك؟! فلن يستطع أخوك أن يغير لك سوء خلق زوجتك مثلاً. أنت أخت الإسلام جلست في كل صغيرة وكبير ة مع صديقاتك، أو مع أمك، أو مع أختك،
أو جارة لك، فجلست تشكو لها من صنع أهل زوجك معك مثلاً،
هل حلت المشكلة؟! أبداً لم تحل المشكلة، بل على العكس هتكت الأستار،
الأسرار أصبحت خارج البيوت، أصبحت هناك تحت عنوان الخيانة؛ كما قال رب العباد سبحانه وتعالى:
(وامْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) (التحريم: من الآية10).
هذا الأمر لم يعد عليك ولا على بيتك بالخير، بالعكس أدخلت نفسك في غيبة، وفي نميمة، وفي تصغير أهل الزوج أمام الآخرين، أو العكس.
نقول هذا الكلام للأزواج كليهما، سواء الزوج أو الزوجة، سواء الرجل أو المرأة، الصغير أو الكبير، عندما تشكو للإنسان فأنت تشكو الذي يرحم للذي لا يرحم، تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك؛ لأن من الذي يعطيني؟! الإنسان إذا ألزم نفسه الرضا تبتعد الشكوى عن لسانه.
ولذلك العلماء قسموا الرضا إلى رضا العوام ، ورضى الخواص، ورضى خواص الخواص.
- فالعوام رضاهم أن يرضى بما قسمه وأعطاه ربه.
- أما الخواص فيرضون بما قدره الله سبحانه وتعالى وقضا.
- أما رضا خواص الخواص فهو رضاهم بالله سبحانه وتعالى بدلاً من كل ما سواه، فلا يرضى بغير الله رباً ولا يرضى بغير دين الله ديناً.
عسانا نصنع هذا ونستعين بالله رب العالمين.
1 )- انظر :"مدارج السالكين" ( 2/130 ).
2 )- صحيح أخرجه النسائي في "السنن" (3/54) ، وأحمد في"المسند" (4/246)، وابن حبان كما في " الإحسان"
(5/305) رقم (1971)، والحاكم في"المستدرك" (1/705)، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
3 )- "شعب الإيمان" (1/233).