تربوية القرآن
مجتمع رجيم / القرآن الكريم وعلومه
رغم الطابع الروحي للدين عامة الا أن القران الكريم ينفي أن الله يريد للمؤمنين
أن يقهروا بشريتهم المادية ويروضهم علي التجرد الروحي والزهد فيما تتعلق به
فطرة الناس من متع الحياة الدنيا والطيبات من الرزق.
وأول مايتقرر من ذلك أبطال الإسلام للرهابنية التي عزلت الدين عن الحياة
كما جاء في قول الله تعالي : ( ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى
ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً
وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ)
[الحديد:27]
وتوضيحا لذلك يقول الدكتور سعيد إسماعيل علي أستاذ أصول التربية بجامعة عين شمس
في موسوعته التطور الحضاري للتربية الاسلامية : أن عقيدة المسلم شيء لا يتوقف علي
غيره ولا تبقي منه بقية وراء سره وجهره ولا ينقسم بين الدنيا والآخرة أو بين الجسد والروح
ولأن هذه العقيدة توحد الإنسان وتجعله مستقلا فقد اهتم الإسلام بالعمل ورتب علي الأعمال الصالحة,
وفي نيفٍ وخمسين آية من القران الكريم جعل الله الأجر العظيم ثواب الذين آمنوا وعملوا الصالحات
تطبيقًا لقول الله سبحانه ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا )
[فصلت:33]
ولذلك فان عقيدة القرآن لا ترضي لنفسها أن تظل حبيسة الوجدان منفصلة عن الحياة معتزلة واقع المجتمع
وقد تجلت في آيات القرآن قاعدة تربوية أساسية وهي أنه كلما كان موضوع التفكير قائما علي الفهم والاقناع
كان أيسر في تعلمه وهذا ماتبين من الآيات التي تخاطب الناس كما جاء في قوله عز وجل
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ,
فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ )
[النور:27, 28]
وقد بين الله سبحانه أنه اتخذ كل وسائل التربية ذات الأثر الحسن فقال تعالي :
( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا )
[الكهف:54]
وقد أهاب الله بالمسلمين أن يدرسوا ما يسمعون ويتبعون مايرونه هدي ويجتنبون مايرونه باطلا
فقال سبحانه : ( الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ )
[الزمر:18]
ومن المعالم والقواعد التي أرساها القرآن للتربية الخلقية الصدق وذلك في قوله تعالي:
( وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا )
[الأحزاب:70]
والامانة كما قال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ )
[الأنفال:27]
والوفاء بالعهود والعقود فقال عز وجل : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً )