شروط صحّة الحجّ

مجتمع رجيم / منتدى الحج و العمرة
كتبت : ~ عبير الزهور ~
-
شروط صحّة الحجّ
شروط صحّة الحجّ
شروط صحّة الحجّ


PIC-742-1350064526.g
شروط صحّة الحجّ

PIC-451-1350064526.g


شروط صحّة الحجّ أمور تتوقّف عليها صحّة الحجّ وليست داخلة فيه‏.


‏ فلو اختلّ شيء منها كان الحجّ باطلا، وهي‏:‏



الشّرط الأوّل‏:‏ الإسلام‏:‏



32 - يشترط الإسلام لأنّ الكافر ليس أهلا للعبادة ولا تصحّ منه، فلا يصحّ حجّ الكافر أصالة ولا نيابة، فإن حجّ أو حجّ عنه ثمّ أسلم، وجبت عليه حجّة الإسلام‏.‏






الشّرط الثّاني‏:‏ العقل‏:‏



33 - يشترط العقل لأنّ المجنون ليس أهلا للعبادة أيضا ولا تصحّ منه‏.
‏ فلو حجّ المجنون فحجّه غير صحيح، وإذا أفاق وجبت عليه حجّة الإسلام‏.‏
لكن يصحّ أن يحجّ عن المجنون وليّه ويقع نفلا‏.‏






الشّرط الثّالث‏:‏ الميقات الزّمانيّ‏:‏



34 - ذكر اللّه تعالى للحجّ زمانا لا يؤدّى في غيره، في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏الحجّ أشهر معلومات‏}‏‏.
‏ قال عبد اللّه بن عمر وجماهير الصّحابة والتّابعين ومن بعدهم‏:‏ هي شوّال وذو القعدة وعشر من ذي الحجّة»‏


.‏ ووقع الخلاف في نهار يوم النّحر، فقال الحنفيّة والحنابلة‏:‏ هو من أشهر الحجّ‏.‏


وقال الشّافعيّة‏:‏ آخر أشهر الحجّ ليلة النّحر، وليس نهار يوم النّحر منها‏.‏


ووسّع المالكيّة فقالوا‏:‏ آخر أشهر الحجّ نهاية شهر ذي الحجّة‏
.‏ وامتداد الوقت بعد ليلة النّحر إلى آخر ذي الحجّة عند المالكيّة إنّما هو بالنّظر إلى جواز التّحلّل من الإحرام وكراهة العمرة فقط‏.
‏ فلو فعل شيئا من أعمال الحجّ خارج وقت الحجّ لا يجزيه، فلو صام المتمتّع أو القارن ثلاثة أيّام قبل أشهر الحجّ لا يجوز، وكذا السّعي بين الصّفا والمروة عقب طواف القدوم لا يقع عن سعي الحجّ إلاّ فيها‏.‏

نعم أجاز الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة الإحرام بالحجّ قبلها مع الكراهة عندهم‏.‏
‏(‏انظر مصطلحي إحرام فقرة 34، وأشهر الحجّ‏)‏‏.‏
ولا يصحّ الإحرام بالحجّ قبل وقته عند الشّافعيّة، فلو أحرم به في غير وقته انعقد عمرة على الصّحيح عندهم‏.‏

الشّرط الرّابع‏:‏ الميقات المكانيّ‏:‏





35 - هناك أماكن وقّتها الشّارع أي حدّدها لأداء أركان الحجّ، لا تصحّ في غيرها‏.
‏ فالوقوف بعرفة، مكانه أرض عرفة‏.‏

والطّواف بالكعبة، مكانه حول الكعبة‏.‏
والسّعي، مكانه المسافة بين الصّفا والمروة‏.‏
ونفصّل توقيت المكان لكلّ منسك في موضعه إن شاء اللّه تعالى‏.‏



PIC-451-1350064526.g




شروط إجزاء الحجّ عن الفرض




36 - شروط إجزاء الحجّ عن الفرض ثمانية وهي‏:‏





أ - الإسلام‏:‏ وهو شرط لوقوعه عن الفرض والنّفل، بل لصحّته من أساسه كما هو معلوم‏.‏





ب - بقاؤه على الإسلام إلى الموت من غير ارتداد عياذا باللّه تعالى، فإن ارتدّ عن الإسلام بعد الحجّ ثمّ تاب عن ردّته وأسلم وجب عليه الحجّ من جديد عند الحنفيّة والمالكيّة، ورواية عن أحمد‏.
‏ وقال الشّافعيّة وهو رواية عن أحمد‏:‏ لا تجب عليه حجّة الإسلام مجدّدا بعد التّوبة عن الرّدّة‏
.‏ استدلّ الحنفيّة والمالكيّة ومن معهم بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لئن أشركت ليحبطنّ عملك‏.‏‏.‏‏}‏ فقد جعلت الآية الرّدّة نفسها محبطة للعمل‏
.‏ واستدلّ الشّافعيّ بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدّنيا والآخرة وأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون‏}‏‏.‏
فقد دلّت الآية على أنّ إحباط الرّدّة للعمل مشروط بالموت كافرا‏.‏





د - الحرّيّة‏:‏ فإذا حجّ العبد ثمّ عتق لا تسقط عنه حجّة الإسلام‏.
‏ وقد سبق الكلام فيها‏.‏ ‏(‏فقرة 12‏)‏‏.‏






هـ - البلوغ‏:‏ فإذا حجّ الصّبيّ ثمّ بلغ فعليه حجّة الإسلام‏.‏
وقد سبق الكلام فيه ‏(‏فقرة 11 و 12‏)‏‏.‏






و - الأداء بنفسه إن قدر عليه‏:‏ بأن يكون صحيحا مستكملا شروط وجوب أداء الحجّ بنفسه، فإنّه حينئذ إذا أحجّ عنه غيره صحّ الحجّ ووقع نفلا، وبقي الفرض في ذمّته‏.
‏ أمّا إذا اختلّ شرط من شروط وجوب الأداء بنفسه فأحجّ عنه غيره صحّ وسقط الفرض عنه، بشرط استمرار العذر إلى الموت‏.‏

ز - عدم نيّة النّفل‏:‏ فيقع الحجّ عن الفرض بنيّة الفرض في الإحرام، وبمطلق نيّة الحجّ‏.‏
أمّا إذا نوى الحجّ نفلا وعليه حجّة الفرض أو نذر، فإنّه يقع نفلا عند الحنفيّة والمالكيّة‏.‏

ويقع عن الفرض أو النّذر عند الشّافعيّة، وهو المذهب عند الحنابلة‏.‏
يدلّ للأوّلين حديث ‏{‏وإنّما لكلّ امرئ ما نوى‏}‏‏.

الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]



‏ وهذا نوى النّفل فلا يقع عن الفرض، لأنّه ليس له إلاّ ما نواه‏.‏
واستدلّ للآخرين بأنّه قول ابن عمر وأنس‏.‏
وأنّ المراد بالحديث غير الحجّ‏.‏

ح - عدم النّيّة عن الغير‏:‏ وهذا محلّ اتّفاق إذا كان المحرم بالحجّ قد حجّ عن نفسه قبل ذلك، فإن نوى عن غيره وقع عن غيره اتّفاقا‏.
‏ أمّا إذا لم يكن حجّ عن نفسه حجّة الإسلام ونوى عن غيره فإنّه يقع عن الغير مع الكراهة عند الحنفيّة والمالكيّة، ويقع عن نفسه عند الشّافعيّة والحنابلة‏.‏
ويأتي مزيد تفصيل لذلك في بحث الحجّ عن الغير‏.‏



PIC-451-1350064526.g




كيفيّات الحجّ


37 - يؤدّى الحجّ على ثلاث كيفيّات، وهي‏:‏



أ - الإفراد‏:‏ وهو أن يهلّ الحاجّ أي ينوي الحجّ فقط عند إحرامه ثمّ يأتي بأعمال الحجّ وحده‏.‏





ب - القران‏:‏ وهو أن يهلّ بالعمرة والحجّ جميعا، فيأتي بهما في نسك واحد‏.
‏ وقال الجمهور‏:‏ إنّهما يتداخلان، فيطوف طوافا واحدا ويسعى سعيا واحدا ويجزئه ذلك عن الحجّ والعمرة‏.‏

وقال الحنفيّة‏:‏ يطوف القارن طوافين ويسعى سعيين، طواف وسعي للعمرة، ثمّ طواف الزّيارة والسّعي للحجّ‏.‏

ويجب على القارن أن ينحر هديا بالإجماع‏.
‏ وتفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏قران‏)‏‏.‏





ج - التّمتّع‏:‏ وهو أن يهلّ بالعمرة فقط في أشهر الحجّ، ويأتي مكّة فيؤدّي مناسك العمرة، ويتحلّل‏.‏
ويمكث بمكّة حلالا، ثمّ يحرم بالحجّ ويأتي بأعماله‏.
‏ ويجب عليه أن ينحر هديا بالإجماع‏.‏
وتفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏تمتّع‏)‏‏.‏



PIC-451-1350064526.g




مشروعيّة كيفيّات الحجّ


38 - اتّفق الفقهاء على مشروعيّة كلّ كيفيّات الحجّ الّتي ذكرناها‏.‏
ويستدلّ لذلك بالكتاب والسّنّة والإجماع‏:‏ أمّا الكتاب فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وللّه على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأتمّوا الحجّ والعمرة للّه‏}‏
وقوله‏:‏ ‏{‏فمن تمتّع بالعمرة إلى الحجّ فما استيسر من الهدي‏}‏‏.


‏ وأمّا السّنّة‏:‏ فمنها حديث عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ ‏{‏خرجنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عام حجّة الوداع، فمنّا من أهلّ بعمرة، ومنّا من أهلّ بحجّة وعمرة، ومنّا من أهلّ بالحجّ‏.‏


وأهلّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالحجّ‏.‏

فأمّا من أهلّ بالحجّ، أو جمع الحجّ والعمرة فلم يحلّوا حتّى كان يوم النّحر‏}‏‏.‏
وأمّا الإجماع‏:‏ فقد تواتر عمل الصّحابة ومن بعدهم على التّخيير بين هذه الأوجه كما نصّ على ذلك الأئمّة، ومن ذلك‏:‏
1 - تصريح الإمام الشّافعيّ الّذي نقلناه سابقا، وقوله ‏"‏ ثمّ ما لا أعلم فيه خلافا ‏"‏
2 - قال القاضي حسين من الشّافعيّة‏:‏ وكلّها جائزة بالإجماع ‏"‏
3 - قال الإمام النّوويّ‏:‏ وقد انعقد الإجماع بعد هذا - أي بعد الخلاف الّذي نقل عن بعض الصّحابة - على جواز الإفراد والتّمتّع والقران من غير كراهة ‏"‏
4 - قال الخطّابيّ‏:‏ لم تختلف الأمّة في أنّ الإفراد والقران، والتّمتّع بالعمرة إلى الحجّ كلّها جائزة»‏.‏



PIC-451-1350064526.g


هدي التّمتّع والقران


38 - يجب بإجماع العلماء على القارن والمتمتّع أن يذبح هديا، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فمن تمتّع بالعمرة إلى الحجّ فما استيسر من الهدي‏}‏‏.‏
وتفصيله في ‏(‏هدي، وتمتّع، وقران‏)‏‏.‏


PIC-451-1350064526.g
المفاضلة بين كيفيّات أداء الحجّ


39 - فضّل كلّ كيفيّة من كيفيّات الحجّ طائفة من العلماء، وذلك بسبب اختلاف الرّوايات في حجّه صلى الله عليه وسلم ولاستنباطات قوّة ذلك التّفضيل عند كلّ جماعة‏:‏



أ - ذهب المالكيّة والشّافعيّة إلى أنّ الإفراد بالحجّ أفضل، وبه قال عمر بن الخطّاب، وعثمان، وعليّ، وابن مسعود، وابن عمر، وجابر، والأوزاعيّ، وأبو ثور‏.‏
ومن أدلّتهم‏:‏
1 - حديث عائشة السّابق، وفيه قولها‏:‏ ‏{‏وأهلّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالحجّ‏}‏‏.


‏ وغيره من أحاديث تفيد أنّه صلى الله عليه وسلم كان مفردا بالحجّ‏.‏



2 - أنّه أشقّ عملا من القران، وليس فيه استباحة محظور كما في التّمتّع، فيكون أكثر ثوابا‏.‏
إلاّ أنّ المالكيّة فضّلوا الإفراد، ثمّ القران، ثمّ التّمتّع، وقدّم الشّافعيّة التّمتّع على القران‏.‏


وشرط تفضيل الإفراد على غيره - على ما صرّح به الشّافعيّة - ‏"‏ أن يحجّ ثمّ يعتمر في سنته، فإن أخّر العمرة عن سنة الحجّ فكلّ واحد من التّمتّع والقران أفضل منه، بلا خلاف، لأنّ تأخير العمرة عن سنة الحجّ مكروه»‏.‏



ب - ذهب الحنفيّة إلى أنّ أفضلها القران، ثمّ التّمتّع، ثمّ الإفراد، وهو قول سفيان الثّوريّ والمزنيّ صاحب الشّافعيّ‏.
وابن المنذر، وأبي إسحاق المروزيّ‏.


‏ ومن أدلّتهم‏:‏
1 - حديث عمر رضي الله عنه ‏{‏سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول‏:‏ أتاني اللّيلة آت من ربّي، فقال‏:‏ صلّ في هذا الوادي المبارك، وقل‏:‏ عمرة في حجّة‏}‏‏.

الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1534
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]



‏ فقد أمر اللّه نبيّه بإدخال العمرة على الحجّ بعد أن كان مفردا، ولا يأمره إلاّ بالأفضل‏.‏


وهذا يجمع بين الرّوايات المختلفة في حجّه صلى الله عليه وسلم فالمصير إليه متعيّن‏.‏


2 - أنّه أشقّ لكونه أدوم إحراما، وأسرع إلى العبادة، ولأنّ فيه جمعا بين العبادتين فيكون أفضل‏.‏



ج - ذهب الحنابلة إلى أنّ التّمتّع أفضل، فالإفراد، فالقران‏.‏ ‏"


‏ وممّن روي عنه اختيار التّمتّع‏:‏ ابن عمر، وابن عبّاس، وابن الزّبير، وعائشة، والحسن، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وجابر بن زيد، والقاسم، وسالم، وعكرمة، وهو أحد قولي الشّافعيّ»‏.‏
ومن أدلّتهم‏:‏
1 - قوله صلى الله عليه وسلم - في حديث جابر -‏:‏ ‏{‏لو أنّي استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحلّ، وليجعلها عمرة‏}‏‏.‏


الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5255
خلاصة حكم المحدث: صحيح



فقد أمر أصحابه بالتّمتّع، وتمنّاه لنفسه، ولا يأمر ولا يتمنّى إلاّ الأفضل‏.‏
2 - أنّ المتمتّع، يجتمع له الحجّ والعمرة في أشهر الحجّ، مع كمالهما، وكمال أفعالهما، على وجه اليسر والسّهولة، مع زيادة نسك، لكان ذلك أولى‏.‏


PIC-451-1350064526.g


صفة أداء الحجّ بكيفيّاته كلّها


ونقسم أعمال الحجّ لتسهيل فهم أدائها إلى قسمين‏:‏
أ - أعمال الحجّ حتّى قدوم مكّة‏.‏
ب - أعمال الحجّ بعد قدوم مكّة‏.‏


أعمال الحجّ حتّى قدوم مكّة‏:‏



40 - من أراد الحجّ فإنّه يشرع بالاستعداد للإحرام ‏(‏انظر مصطلح إحرام، وخصوصا ف 117‏)‏، وينوي في إحرامه الكيفيّة الّتي يريد أداء الحجّ عليها، فإن أراد الإفراد نوى الحجّ، وإن أراد القران نوى الحجّ والعمرة، وإن أراد التّمتّع نوى العمرة فقط‏.‏
فإذا دخل مكّة بادر إلى المسجد الحرام، وتوجّه إلى الكعبة المعظّمة بغاية الخشوع والإجلال، ويبدأ بالطّواف من الحجر الأسود، فيطوف سبعة أشواط، وهذا الطّواف هو طواف القدوم للمفرد بالحجّ، وهو طواف العمرة لمن أحرم متمتّعا ‏(‏انظر تمتّع‏)‏‏.
‏ أمّا إن كان قارنا فيقع عن القدوم عند الجمهور، وعن العمرة عند الحنفيّة، وعليه أن يطوف طوافا آخر للقدوم عندهم ‏(‏انظر مصطلح قران‏)‏‏.
‏ ويقطع المتمتّع التّلبية بشروعه بالطّواف، ولا يقطعها المفرد والقارن حتّى يشرع في الرّمي يوم النّحر ‏(‏انظر تلبية‏)‏‏.‏
ويستلم الحجر في ابتداء الطّواف ويقبّله، وكلّما مرّ به، إن تيسّر ذلك من غير إيذاء لأحد، وإلاّ لمسه بيده أو بشيء يمسكه بها وقبّله، وإلاّ أشار بيديه، وإن كان يريد السّعي بعده فيسنّ له أن يضطبع في أشواط طوافه هذا كلّها، ويرمل في الثّلاثة الأولى‏.
‏ وليكثر من الدّعاء والذّكر في طوافه كلّه، ولا سيّما المأثور ‏(‏انظر مصطلح‏:‏ طواف‏)‏‏.‏
وإذا فرغ من طوافه يصلّي ركعتي الطّواف عند مقام إبراهيم إن أمكن، ثمّ إن أراد السّعي يذهب إلى الصّفا ويسعى بين الصّفا والمروة سبعة أشواط، مراعيا أحكام السّعي وآدابه‏.‏
‏(‏انظر‏:‏ سعي‏)‏‏.‏

وهذا السّعي يقع عن الحجّ للمفرد، وعن العمرة للمتمتّع، وعن الحجّ والعمرة للقارن، على ما هو مذهب الجمهور في القران، أمّا عند الحنفيّة فعن العمرة فقط للقارن، وعليه سعي آخر للحجّ عندهم ‏(‏انظر مصطلح‏:‏ قران‏)‏‏.
‏ وهنا يحلق المتمتّع رأسه بعد السّعي أو يقصّره ‏(‏انظر حلق‏)‏، وقد حلّ من إحرامه‏.‏
‏(‏انظر‏:‏ إحرام‏:‏ ف 126‏)‏‏.‏
أمّا المفرد والقارن فهما على إحرامهما إلى أن يتحلّلا بأعمال يوم النّحر‏.‏



PIC-451-1350064526.g




أعمال الحجّ بعد قدوم مكّة
41 - يمكث الحاجّ في مكّة بعد القدوم وما ذكرنا فيه - إلى يوم التّروية ليؤدّي سائر المناسك ويؤدّي أعمال الحجّ هذه في ستّة أيّام كما يلي‏:‏ يوم التّروية‏:‏



42 - وهو يوم الثّامن من ذي الحجّة، وينطلق فيه الحجّاج إلى منى، ويحرم المتمتّع بالحجّ، أمّا المفرد والقارن فهما على إحرامهما، ويبيتون بمنى اتّباعا للسّنّة، ويصلّون فيها خمس صلوات‏:‏ الظّهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر‏.‏

وهذا فجر يوم عرفة‏.‏



PIC-451-1350064526.g




يوم عرفة


43 - وهو يوم عظيم يؤدّي فيه الحجّاج الوقوف بعرفة ركن الحجّ الّذي يتوقّف على فواته بطلان الحجّ، ثمّ المبيت بالمزدلفة‏.‏




أ - الوقوف بعرفة‏:‏ وفيه يسنّ أن يخرج الحاجّ من منى إلى عرفة بعد طلوع الفجر، وعرفة كلّها موقف إلاّ بطن عرنة، ويسنّ ألا يدخل عرفة إلاّ بعد الزّوال، وبعد أن يجمع الظّهر والعصر تقديما، فيقف بعرفة مراعيا أحكامه وسننه وآدابه، ويستمرّ إلى غروب الشّمس، ولا يجاوز عرفة قبله، ويتوجّه إلى اللّه في وقوفه خاشعا ضارعا بالدّعاء والذّكر والقرآن والتّلبية‏.‏‏.‏‏.‏ حتّى يدفع من عرفة‏.‏





ب - المبيت بالمزدلفة‏:‏ إذا غربت شمس يوم عرفة يسير الحاجّ من عرفة إلى المزدلفة، ويجمع بها المغرب والعشاء تأخيرا، ويبيت فيها، وهو واجب عند الجمهور سنّة عند الحنفيّة، ثمّ يصلّي الفجر ويقف للدّعاء، والوقوف بعد الفجر واجب عند الحنفيّة سنّة عند الجمهور إلاّ أنّ الحنفيّة يرون أنّه إذا نفر لعذر كزحمة قبل الفجر فلا شيء عليه‏.‏

ويستمرّ واقفا يدعو ويهلّل ويلبّي حتّى يسفر جدّا، لينطلق إلى منى‏.
‏ ويستحبّ له أن يلقط الجمار ‏(‏الحصيات الصّغار‏)‏ من المزدلفة، ليرمي بها، وعددها سبعون، للرّمي كلّه، وإلاّ فسبعة يرمي بها يوم النّحر‏.‏



PIC-451-1350064526.g


يوم النّحر


44 - يسنّ أن يدفع الحاجّ من مزدلفة إلى منى يوم النّحر قبل طلوع الشّمس، ليؤدّي أعمال النّحر، وهو أكثر أيّام الحجّ عملا، ويكثر في تحرّكه من الذّكر والتّلبية والتّكبير‏.‏
وأعمال هذا اليوم هي‏:‏





أ - رمي جمرة العقبة‏:‏ فيجب على الحاجّ في هذا اليوم رمي جمرة العقبة وحدها، وتسمّى الجمرة الكبرى‏.‏



يرميها بسبع حصيات، ويكبّر مع كلّ حصاة، ويقطع التّلبية مع ابتداء الرّمي‏.‏



ب - نحر الهدي، وهو واجب على المتمتّع والقارن، سنّة لغيرهما‏.‏



ج - الحلق أو التّقصير‏:‏ والحلق أفضل للرّجال، مكروه كراهة شديدة للنّساء‏.‏



د - طواف الزّيارة‏:‏ ويأتي ترتيبه بعد الأعمال السّابقة، فيفيض الحاجّ أي يرحل إلى مكّة ليطوف الزّيارة، وهو طواف الرّكن في الحجّ‏.


‏ وإن كان قدّم السّعي فلا يضطبع ولا يرمل في هذا الطّواف، لأنّه لم يبق سعي بعده، وإن لم يقدّم السّعي فليسع بعد الطّواف، ويضطبع ويرمل في طوافه، كما هي السّنّة في كلّ طواف بعده سعي‏.‏
هـ - السّعي بين الصّفا والمروة‏:‏ لمن لم يقدّم السّعي من قبل‏.‏


و - التّحلّل‏:‏ ويحصل بأداء الأعمال الّتي ذكرناها، وهو قسمان‏:‏ التّحلّل الأوّل‏:‏ أو الأصغر‏:‏ تحلّ به محظورات الإحرام عدا النّساء‏.‏


ويحصل بالحلق عند الحنفيّة، وبالرّمي عند المالكيّة والحنابلة، وبفعل ثلاثة من أعمال يوم النّحر ‏(‏استثني منها الذّبح حيث لا دخل له في التّحلّل‏)‏ عند الشّافعيّة‏.‏

التّحلّل الثّاني‏:‏ أو الأكبر‏:‏ تحلّ به كلّ محظورات الإحرام حتّى النّساء‏.‏


ويحصل بطواف الإفاضة فقط بشرط الحلق عند الحنفيّة، وبالإفاضة مع السّعي عند المالكيّة والحنابلة، وباستكمال الأعمال الأربعة عند الشّافعيّة‏.‏



PIC-451-1350064526.g




أوّل وثاني أيّام التّشريق


45 - هما ثاني وثالث أيّام النّحر، وفيهما ما يلي‏:‏
أ - المبيت بمنى ليلتي هذين اليومين‏:‏ وهو واجب عند الجمهور سنّة عند الحنفيّة‏.‏
ب - رمي الجمار الثّلاث‏:‏ يرميها على التّرتيب‏:‏ الجمرة الأولى أو الصّغرى وهي أقرب الجمرات إلى مسجد الخيف بمنى، ثمّ الجمرة الثّانية أو الوسطى، ثمّ الثّالثة الكبرى جمرة العقبة‏.‏
يرمي كلّ واحدة بسبع حصيات، ويدعو بين كلّ جمرتين‏.‏
ج - النّفر الأوّل‏:‏ يحلّ للحاجّ إذا رمى جمار اليوم الثّاني من أيّام التّشريق أن يرحل إلى مكّة، ويسقط عنه رمي اليوم الثّالث، إذا جاوز حدود منى قبل غروب الشّمس عند الجمهور، وقبل فجر ثالث أيّام التّشريق عند الحنفيّة‏.‏
د - التّحصيب‏:‏ وهو مستحبّ عند الجمهور، فينزل الحاجّ بالمحصّب عند وصوله مكّة إن تيسّر له ليذكر اللّه تعالى فيه ويصلّي‏.‏



PIC-451-1350064526.g




ثالث أيّام التّشريق




46 - هو رابع أيّام النّحر، وفيه‏:‏
أ - الرّمي‏:‏ يجب رمي الجمار الثّلاث في هذا اليوم على من تأخّر، فلم ينفر النّفر الأوّل، وينتهي وقته ووقت الرّمي كلّه أيضا قضاء وأداء بغروب شمس هذا اليوم اتّفاقا‏.‏
وتنتهي بغروبه مناسك منى‏.‏
ب - النّفر الثّاني‏:‏ ينفر أي يرحل سائر الحجّاج في هذا اليوم إلى مكّة بعد رمي الجمار، ولا يشرع المكث بمنى بعد ذلك‏.‏
ج - التّحصيب‏:‏ عند وصول مكّة، كما مرّ ذكره، في النّفر الأوّل‏.‏
د - المكث بمكّة‏:‏ تنتهي المناسك بنهاية أعمال منى - عدا طواف الوداع - ويمكث الحاجّ بمكّة إلى وقت سفره في عبادة، وذكر، وطواف، وعمل خير‏.‏
ويأتي المفرد بالعمرة، فإنّ وقتها كلّ أيّام السّنة عدا يوم عرفة وأربعة أيّام بعده فتكره فيها كراهة تحريم عند الحنفيّة‏.‏ ‏(‏انظر مصطلح‏:‏ إحرام‏:‏ ف 38‏)‏ ‏(‏وعمرة‏)‏‏.‏



PIC-451-1350064526.g


طواف الوداع


46 م - إذا أراد الحاجّ السّفر من مكّة يجب عليه عند الجمهور أن يطوف بالبيت طواف الوداع، والمعنى الملاحظ في هذا الطّواف أن يكون آخر العهد بالبيت، ولا رمل في هذا الطّواف ولا اضطباع، وبعد أن يصلّي ركعتي الطّواف، يأتي زمزم ويشرب من مائها مستقبل البيت، ويتشبّث بأستار الكعبة، ويستلم الحجر الأسود إن تيسّر له من غير إيذاء أحد، ثمّ يسير إلى باب الحرم ووجهه تلقاء الباب، داعيا بالقبول، والغفران، وبالعود مرّة بعد مرّة، وألاّ يكون ذلك آخر العهد من هذا البيت العتيق‏.‏



PIC-451-1350064526.g




أركان الحجّ


47 - أركان الحجّ فيما اتّجه إليه جمهور الفقهاء أربعة‏:‏ الإحرام‏.‏

والوقوف بعرفة‏.‏
والطّواف وهو طواف الزّيارة‏.‏
والسّعي‏.
‏ وأركان الحجّ عند الحنفيّة ركنان‏:‏ الوقوف بعرفة، وطواف الزّيارة‏.‏


وعند الشّافعيّة ستّ‏:‏ الأربع المذكورة عند الجمهور والحلق أو التّقصير، والتّرتيب بين معظم الأركان‏.‏




الرّكن الأوّل‏:‏ الإحرام‏:‏



48 - الإحرام في اللّغة‏:‏ الدّخول في الحرمة‏.‏
وفي الاصطلاح‏:‏ الإحرام بالحجّ‏:‏ نيّة الحجّ عند الجمهور‏.‏ والنّيّة مع التّلبية وهي قول‏:‏ لبّيك اللّهمّ - عند الحنفيّة‏.‏
والإحرام ركن من أركان الحجّ عند الجمهور، وشرط من شروط صحّته عند الحنفيّة‏.‏

وهو عندهم شرط من وجه ركن من وجه‏.‏
وتفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏إحرام‏)‏‏.‏



الرّكن الثّاني‏:‏ الوقوف بعرفة‏:‏



49 - المراد من الوقوف بعرفة‏:‏ وجود الحاجّ في أرض ‏(‏عرفة‏)‏، بالشّروط والأحكام المقرّرة‏.‏
والوقوف بعرفة ركن أساسيّ من أركان الحجّ، يختصّ بأنّه من فاته فقد فاته الحجّ‏.‏
وقد ثبتت ركنيّة الوقوف بعرفة بالأدلّة القاطعة من الكتاب والسّنّة والإجماع‏:‏ أمّا القرآن فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ثمّ أفيضوا من حيث أفاض النّاس‏}‏‏.‏


فقد ثبت أنّها نزلت تأمر بالوقوف بعرفة‏.‏
وأمّا السّنّة‏:‏ فعدّة أحاديث، أشهرها حديث‏:‏ ‏{‏الحجّ عرفة‏}‏‏.‏

الراوي: عبدالرحمن بن يعمر الديلي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 3016
خلاصة حكم المحدث: صحيح



وأمّا الإجماع‏:‏ فقد صرّح به عدد من العلماء، وقال ابن رشد‏:‏ أجمعوا على أنّه ركن من أركان الحجّ، وأنّه من فاته فعليه حجّ قابل»‏.‏

كتبت : ~ عبير الزهور ~
-

وقت الوقوف بعرفة

50 - يبدأ وقت الوقوف بعرفة من زوال الشّمس يوم عرفة - وهو تاسع ذي الحجّة - ويمتدّ إلى طلوع الفجر الصّادق يوم عيد النّحر حتّى لو وقف بعرفة في غير هذا الوقت كان وقوفه باطلا اتّفاقا في الجملة‏.‏
وقد أجمعوا على أنّ آخر وقت وقوف عرفة هو طلوع الفجر يوم النّحر‏.

‏ أمّا ابتداء وقت الوقوف بعرفة فقد وقع فيه اختلاف‏:‏ ذهب الجمهور ‏(‏الحنفيّة والشّافعيّة‏)‏ على أنّ أوّله زوال شمس يوم عرفة‏.‏ وذهب مالك‏:‏ إلى أنّ وقت الوقوف هو اللّيل، فمن لم يقف جزءا من اللّيل لم يجزئ وقوفه وعليه الحجّ من قابل، وأمّا الوقوف نهارا فواجب ينجبر بالدّم بتركه عمدا بغير عذر‏.‏
وعند الحنابلة‏:‏ وقت الوقوف من طلوع الفجر يوم عرفة إلى طلوع الفجر من يوم النّحر ‏"‏



الزّمن الّذي يستغرقه الوقوف


أمّا الزّمن الّذي يستغرقه الوقوف ففيه تفصيل‏:‏
51 - قسم الحنفيّة والحنابلة زمان الوقوف إلى قسمين‏:‏

أ - زمان الرّكن‏:‏ الّذي تتأدّى به فريضة الوقوف بعرفة‏:‏ وهو أن يوجد في عرفة خلال المدّة الّتي عرّفناها عند كلّ، ولو زمانا قليلا جدّا‏.‏

ب - زمان الواجب‏:‏ وهو أن يستمرّ من وقف بعد الزّوال إلى أن تغرب الشّمس، فلا يجاوز حدّ عرفة إلاّ بعد الغروب، ولو بلحظة‏.
‏ وهو المقصود بقولهم‏:‏ أن يجمع بين اللّيل والنّهار بعرفة‏.‏

فلو فارق عرفة قبل الغروب وجب عليه دم عند الجمهور، أمّا إذا لم يقف بعرفة إلاّ بعد المغرب فلا شيء عليه‏.
وأمّا المالكيّة فزمان الرّكن عندهم هو الوقوف ليلا، أمّا نهارا فواجب‏.‏
وأمّا الشّافعيّة‏:‏ فالمعتمد عندهم أنّ الجمع بين اللّيل والنّهار بعرفة سنّة ليس واجبا، لكن يستحبّ له بتركه الفداء استحبابا، وفي أيّ وقت وقف بعرفة من بعد الزّوال إلى فجر يوم النّحر أجزأه‏.‏

الثّالث‏:‏ طواف الزّيارة‏:‏

52 - طواف الزّيارة يؤدّيه الحاجّ بعد أن يفيض من عرفة ويبيت بالمزدلفة، ويأتي منى يوم العيد فيرمي وينحر ويحلق ثمّ بعد ذلك يفيض إلى مكّة فيطوف بالبيت سمّي طواف الزّيارة لأنّ الحاجّ يأتي من منى فيزور البيت ولا يقيم بمكّة، بل يرجع ليبيت بمنى‏.‏

ويسمّى أيضا طواف الإفاضة، لأنّ الحاجّ يفعله عند إفاضته من منى إلى مكّة‏.
‏ وعدد أشواط الطّواف سبعة، وكلّها ركن عند الجمهور‏.
‏ وقال الحنفيّة‏:‏ الرّكن هو أكثر السّبعة، والباقي واجب ينجبر بالدّم‏.‏ ويجب المشي في الطّواف على القادر عليه عند الجمهور، وهو سنّة عند الشّافعيّة‏.
‏ ويسنّ الرّمل والاضطباع في الطّواف إذا كان سيسعى بعده وإلاّ فلا يسنّ‏.‏
ويصلّي بعد الطّواف ركعتين وجوبا عند الجمهور وسنّة عند الشّافعيّة‏.
‏ وتفصيله في مصطلح‏:‏ ‏(‏طواف‏)‏‏.‏



كنيّة طواف الزّيارة

53 - ثبت فرضيّة طواف الزّيارة بالكتاب والسّنّة والإجماع‏:‏ أمّا الكتاب‏:‏ فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وليطّوّفوا بالبيت العتيق‏}‏ فقد أجمع العلماء على أنّ الآية في طواف الإفاضة، فيكون فرضا بنصّ القرآن‏.‏

وأمّا السّنّة‏:‏ فقد ‏{‏حجّت أمّ المؤمنين صفيّة بنت حييّ رضي الله عنها مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فحاضت، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ أحابستنا هي ‏؟‏ قالوا‏:‏ إنّها قد أفاضت‏.‏ قال‏:‏ فلا إذن‏}‏‏.


الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4401
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


‏ فدلّ الحديث على أنّ طواف الإفاضة فرض لا بدّ منه، ولولا فرضيّته لم يمنع من لم يأت به عن السّفر‏.
‏ وعليه الإجماع‏.‏



شروط طواف الزّيارة

54 - يشترط في طواف الزّيارة شروط خاصّة به سوى الشّروط العامّة للطّواف وهذه الشّروط الخاصّة هي‏:‏

أ - أن يكون مسبوقا بالإحرام، لتوقّف احتساب أيّ عمل من أعمال الحجّ على الإحرام‏.‏

ب - أن يكون مسبوقا بوقوف عرفة، فلو طاف للإفاضة قبل الوقوف بعرفة لا يسقط به فرض الطّواف، إجماعا‏.‏

ج - النّيّة‏:‏ بأن يقصد أصل الطّواف‏.‏
أمّا نيّة التّعيين فليست شرطا في طواف الإفاضة عند الجمهور ‏(‏الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة‏)‏ لدخوله في نيّة الحجّ‏.‏ لذلك صرّحوا بشرطيّة عدم صرفه لغيره، كطلب غريم، أو هرب من ظالم‏.
‏ أمّا الحنابلة‏:‏ فقد اشترطوا تعيين الطّواف في النّيّة‏.‏

د - الوقت‏:‏ فلا يصحّ طواف الإفاضة قبل الوقت المحدّد له شرعا‏.
‏ وهو وقت موسّع يبتدئ من طلوع الفجر الثّاني يوم النّحر عند الحنفيّة والمالكيّة‏.
‏ وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ أوّل وقت طواف الإفاضة بعد منتصف ليلة النّحر لمن وقف بعرفة قبله‏.‏
استدلّ الحنفيّة والمالكيّة بأنّ‏:‏ ما قبل الفجر من اللّيل وقت الوقوف بعرفة، والطّواف مرتّب عليه ‏"‏، فلا يصحّ أن يتقدّم ويشغل شيئا من وقت الوقوف‏.
‏ واستدلّ الشّافعيّة بقياس الطّواف على الرّمي، لأنّهما من أسباب التّحلّل، فإنّه بالرّمي للجمار والذّبح والحلق يحصل التّحلّل الأوّل، وبالطّواف يحصل التّحلّل الأكبر ‏(‏بشرط السّعي‏)‏، فكما أنّ وقت الرّمي يبدأ عندهم بعد نصف اللّيل فكذا وقت طواف الإفاضة‏.‏
والأفضل عند العلماء أداؤه يوم النّحر بعد الرّمي والحلق‏.‏

55 - وأمّا آخر وقت طواف الفرض فليس لآخره حدّ معيّن لأدائه فرضا، بل جميع الأيّام واللّيالي وقته إجماعا‏.‏
لكنّ الإمام أبا حنيفة أوجب أداءه في أيّام النّحر، فلو أخّره حتّى أدّاه بعدها صحّ، ووجب عليه دم جزاء تأخيره عنها‏.‏ وهو المفتى به في المذهب‏.‏
والمشهور عند المالكيّة أنّه لا يلزمه بالتّأخير شيء إلاّ بخروج ذي الحجّة، فإذا خرج لزمه دم‏.‏

وذهب الصّاحبان، والشّافعيّة، والحنابلة، إلى أنّه لا يلزمه شيء بالتّأخير أبدا‏.‏

استدلّ أبو حنيفة بأنّ اللّه تعالى عطف الطّواف على الذّبح في الحجّ، فقال‏:‏ ‏{‏فكلوا منها‏}‏، ثمّ قال‏:‏ ‏{‏وليطّوّفوا بالبيت العتيق‏}‏، فكان وقتهما واحدا، فيكره تأخير الطّواف عن أيّام النّحر، وينجبر بالدّم‏.‏
إلاّ أنّ المالكيّة نظروا إلى شهر ذي الحجّة أنّه تقام فيه أعمال الحجّ، فسوّوا بين كلّ أيّامه، وجعلوا التّأخير عنه موجبا للفداء‏.
‏ واستدلّ الشّافعيّة والحنابلة، بأنّ الأصل عدم التّأقيت، وليس هناك ما يوجب فعله في أيّام النّحر، فلا يلزم الحاجّ فدية إذا أخّر طواف الإفاضة إلى ما بعد أيّام النّحر‏.‏
فإذا تأخّر طواف الإفاضة عن أيّام النّحر أو شهر ذي الحجّة، فإنّه لا يسقط أبدا، وهو محرم عن النّساء أبدا إلى أن يعود فيطوف‏.
ولا يكفي الفداء عن أداء طواف الإفاضة إجماعا، لأنّه ركن، وأركان الحجّ لا يجزئ عنها البدل، ولا يقوم غيرها مقامها، بل يجب الإتيان بها بعينها‏.‏

الرّابع‏:‏ السّعي بين الصّفا والمروة‏:‏ المراد بالسّعي بين الصّفا والمروة قطع المسافة بينهما سبع مرّات، بعد أن يكون طاف بالبيت‏.

حكم السّعي‏:‏

56 - ذهب الأئمّة الثّلاثة إلى أنّ السّعي ركن من أركان الحجّ لا يصحّ بدونه، حتّى لو ترك الحاجّ خطوة منه يؤمر بأن يعود إلى ذلك الموضع فيضع قدمه عليه، ويخطو تلك الخطوة‏.
‏ وهو قول عائشة وعروة بن الزّبير‏.
‏ وذهب الحنفيّة إلى أنّ السّعي واجب في الحجّ وليس بركن، وهو مذهب الحسن البصريّ وسفيان الثّوريّ‏.‏ وركن السّعي عند الجمهور سبعة أشواط، حتّى لو ترك شيئا منها لم يتحلّل من إحرامه، أمّا الحنفيّة فإنّ ركن السّعي أكثر أشواط السّعي، والثّلاثة الباقية ليست ركنا، وتنجبر بالفداء‏.
‏ والمشي للقادر واجب في السّعي عند الحنفيّة والمالكيّة، سنّة عند الشّافعيّة والحنابلة‏.‏



واجبات الحجّ

57 - الواجب في الحجّ‏:‏ هو ما يطلب فعله ويحرم تركه، لكن لا تتوقّف صحّة الحجّ عليه، ويأثم تاركه، إلاّ إذا تركه بعذر معتبر شرعا، ويجب عليه الفداء بجبر النّقص‏.‏

وواجبات الحجّ قسمان‏:‏ القسم الأوّل‏:‏ الواجبات الأصليّة، الّتي ليست تابعة لغيرها‏.

‏ القسم الثّاني‏:‏ الواجبات التّابعة لغيرها‏.‏ وهي أمور يجب مراعاتها في أداء ركن أو واجب من أعمال الحجّ‏.‏

أوّلا‏:‏ واجبات الحجّ الأصليّة‏:‏ المبيت بمزدلفة‏:‏

58 - المزدلفة تسمّى ‏"‏ جمعا ‏"‏ أيضا، لاجتماع النّاس بها ليلة النّحر‏.‏

واتّفق الفقهاء على أنّ المبيت بالمزدلفة واجب ليس بركن‏.‏
ثمّ اختلفوا في مقداره ووقته‏.
‏ فذهب الأئمّة الثّلاثة إلى أنّ زمن الوقوف الواجب هو المكث بالمزدلفة من اللّيل، ثمّ اختلف أصحاب هذا الرّأي‏.‏
فذهب المالكيّة إلى أنّ النّزول بالمزدلفة قدر حطّ الرّحال في ليلة النّحر واجب، والمبيت بها سنّة‏.‏
وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يجب الوجود بمزدلفة بعد نصف اللّيل، ولو ساعة لطيفة‏:‏ أي فترة ما من الزّمن ولو قصيرة‏.‏
وذهب الحنفيّة إلى أنّه ما بين طلوع الفجر يوم النّحر وطلوع الشّمس، فمن حصّل بمزدلفة في هذا الوقت فترة من الزّمن فقد أدرك الوقوف، سواء بات بها أو لا، ومن لم يحصّل بها فيه فقد فاته الوقوف الواجب بالمزدلفة‏.‏
وعليه دم إلاّ إن تركه لعذر كزحمة فلا شيء عليه‏.‏
واتّفقوا على أنّ الحاجّ يجمع في المزدلفة بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير، وهذا الجمع سنّة عند الجمهور، واجب عند الحنفيّة‏.‏


ثانيا‏:‏ رمي الجمار‏:‏

59 - الرّمي لغة‏:‏ القذف‏.
‏ والجمار‏:‏ الأحجار الصّغيرة، جمع جمرة، وهي الحصاة‏
.‏ ورمي الجمار واجب في الحجّ، أجمعت الأمّة على وجوبه‏.‏ والرّمي الواجب لكلّ جمرة ‏(‏أي موضع الرّمي‏)‏ هو سبع حصيات بالإجماع أيضا‏.

توقيت الرّمي وعدده‏:‏

60 - أيّام الرّمي أربعة‏:‏ يوم النّحر العاشر من ذي الحجّة، وثلاثة أيّام بعده وتسمّى ‏"‏ أيّام التّشريق ‏"‏ الرّمي يوم النّحر‏:‏

61 - واجب الرّمي في هذا اليوم هو رمي جمرة العقبة وحدها فقط، يرميها بسبع حصيات‏.‏ ووقت الرّمي هذا يبدأ من طلوع فجر يوم النّحر عند الحنفيّة والمالكيّة‏.‏
ومن منتصف ليلة يوم النّحر لمن وقف بعرفة قبله عند الشّافعيّة والحنابلة‏.‏ وآخر وقت الرّمي عند الحنفيّة إلى فجر اليوم التّالي، وعند المالكيّة إلى المغرب‏.
‏ حتّى يجب الدّم في المذهبين بتأخير رمي يوم عن الوقت المذكور‏.‏
وآخر وقت الرّمي عند الشّافعيّة والحنابلة‏.‏
يمتدّ إلى آخر أيّام التّشريق‏.

‏ الرّمي في اليوم الأوّل والثّاني من أيّام التّشريق‏:‏

62 - يجب في هذين اليومين رمي الجمار الثّلاث على التّرتيب‏:
‏ أوّلا الجمرة الصّغرى، الّتي تلي مسجد الخيف بمنى، ثمّ الوسطى، بعدها، ثمّ جمرة العقبة، يرمي كلّ جمرة منها بسبع حصيات‏.‏
ويبدأ وقت الرّمي في هذين اليومين بعد الزّوال، ولا يجوز قبله عند جمهور العلماء، وهي الرّواية الظّاهرة عن أبي حنيفة‏.‏
وروى الحسن عن أبي حنيفة‏:‏ «إن كان من قصده أن يتعجّل في النّفر الأوّل فلا بأس أن يرمي في اليوم الثّالث قبل الزّوال، وإن رمى بعده فهو أفضل، وإن لم يكن ذلك من قصده لا يجوز أن يرمي إلاّ بعد الزّوال، وذلك لدفع الحرج، لأنّه إذا نفر بعد الزّوال لا يصل إلى مكّة إلاّ باللّيل، فيحرج في تحصيل موضع النّزول‏.‏
أمّا الوقت المسنون فيمتدّ من زوال الشّمس إلى غروبها‏.‏
وأمّا نهاية وقت الرّمي‏:‏ فقيّده الحنفيّة والمالكيّة في كلّ يوم بيومه، كما في يوم النّحر‏.‏ وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ آخر الوقت بغروب شمس اليوم الرّابع من أيّام النّحر، وهو آخر أيّام التّشريق‏.‏

النّفر الأوّل‏:‏

63 - إذا رمى الحاجّ الجمار ثاني أيّام التّشريق يجوز له أن ينفر - أي يرحل - إلى مكّة، إن أحبّ التّعجّل في الانصراف من منى، ويسمّى هذا اليوم يوم النّفر الأوّل، وبه يسقط رمي اليوم الثّالث من أيّام التّشريق اتّفاقا‏.‏
ومذهب الأئمّة الثّلاثة‏:‏ له أن ينفر قبل غروب الشّمس، ومذهب الحنفيّة‏:‏ له أن ينفر ما لم يطلع الفجر من اليوم الرّابع من أيّام النّحر‏.
‏ الرّمي ثالث أيّام التّشريق‏:‏

64 - يجب رمي الجمار الثّلاث في هذا اليوم على من تأخّر ولم ينفر من منى ‏"‏ النّفر الأوّل ‏"‏ ووقته عند الجمهور بعد الزّوال، وقال أبو حنيفة‏:‏ يجوز أن يقدّم الرّمي في هذا اليوم قبل الزّوال بعد طلوع الفجر‏.‏
واتّفقوا على أنّ آخر وقت الرّمي في هذا اليوم غروب الشّمس، وأنّ وقت الرّمي لهذا اليوم ولقضاء ما قبله ينتهي أيضا بغروب شمس اليوم الرّابع، لخروج وقت المناسك بغروب شمسه‏.‏

النّفر الثّاني‏:‏
65 - إذا رمى الحاجّ الجمار الثّلاث في اليوم الثّالث من أيّام التّشريق وهو رابع أيّام النّحر انصرف من منى إلى مكّة، ولا يسنّ له أن يقيم بمنى، بعد الرّمي، ويسمّى يوم النّفر الثّاني، وبه تنتهي مناسك منى‏.‏



النّيابة في الرّمي‏:‏ الرّمي عن الغير

66 - المعذور الّذي لا يستطيع الرّمي بنفسه كالمريض يجب أن يستنيب من يرمي عنه، وينبغي أن يكون النّائب قد رمى عن نفسه، فإن لم يكن رمى عن نفسه فليرم عن نفسه الرّمي كلّه ليومه أوّلا، ثمّ ليرم عمّن استنابه، ويجزئ هذا الرّمي عن الأصيل عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة‏.
‏ إلاّ أنّ الحنفيّة قالوا‏:‏ لو رمى حصاة لنفسه وأخرى للآخر جاز ولكره‏.‏ وقال الشّافعيّة‏:‏ إنّ الإنابة خاصّة بمريض لا يرجى شفاؤه قبل انتهاء أيّام التّشريق، وعند الشّافعيّة قول‏:‏ إنّه يرمي حصيات الجمرة عن نفسه أوّلا، ثمّ يرميها عن نائبه إلى أن ينتهي من الرّمي‏.
‏ وهو مخلص حسن لمن خشي خطر الزّحام‏.‏ ومن عجز عن الاستنابة كالصّبيّ، والمغمى عليه، فيرمي عن الصّبيّ وليّه، وعن المغمى عليه رفاقه، ولا فدية عليه، وإن لم يرم عند الحنفيّة‏.
‏ وقال المالكيّة‏:‏ فائدة الاستنابة أن يسقط الإثم عنه إن استناب وقت الأداء‏.‏ ‏"‏ وإلاّ فالدّم عليه استناب أم لا، وإنّما وجب عليه الدّم دون الصّغير ومن ألحق به لأنّه المخاطب بسائر الأركان ‏"‏

كتبت : ~ عبير الزهور ~
-
الحلق والتّقصير

67 - اتّفق جمهور العلماء على أنّ حلق شعر الرّأس أو تقصيره واجب من واجبات الحجّ، وهو مذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة‏.
‏ وذهب الشّافعيّ في المشهور عنه وهو الرّاجح في المذهب إلى أنّه ركن في الحجّ‏.‏
واختلفوا في القدر الواجب حلقه أو تقصيره‏.‏
فعند المالكيّة والحنابلة الواجب حلق جميع الرّأس أو تقصيره، وقال الحنفيّة‏:‏ يكفي مقدار ربع الرّأس، وعند الشّافعيّة‏:‏ يكفي إزالة ثلاث شعرات أو تقصيرها‏.‏


68 - والجمهور على أنّ الحلق أو التّقصير لا يختصّ بزمان ولا مكان، لكنّ السّنّة فعله في الحرم أيّام النّحر‏.‏ وذهب أبو حنيفة إلى أنّ الحلق يختصّ بأيّام النّحر، وبمنطقة الحرم، فلو أخلّ بأيّ من هذين لزمه الدّم، ويحصل له التّحلّل بهذا الحلق‏.‏


رابعا‏:‏ المبيت بمنى ليالي أيّام التّشريق‏:‏


69 - منى‏:‏ بالكسر والتّنوين شعيب بين جبال، طوله ميلان وعرضه يسير‏.‏
والمبيت بها ليالي أيّام التّشريق واجب عند جمهور الفقهاء، يلزم الدّم لمن تركه بغير عذر‏.‏
وذهب الحنفيّة إلى أنّ المبيت بها سنّة، والقدر الواجب للمبيت عند الجمهور هو مكث أكثر اللّيل‏.‏


خامسا‏:‏ طواف الوداع‏:‏

70 - طواف الوداع يسمّى طواف الصّدر، وطواف آخر العهد‏:‏ وذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والحنابلة وهو الأظهر عند الشّافعيّة إلى أنّ طواف الوداع واجب، وذهب المالكيّة إلى أنّه سنّة‏.
‏ استدلّ الجمهور على وجوبه بأمره صلى الله عليه وسلم كما روى ابن عبّاس رضي الله عنه قال‏:‏ ‏{‏أمر النّاس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلاّ أنّه خفّف عن المرأة الحائض‏}‏‏.

الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1755
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


‏ واستدلّ المالكيّة على أنّه سنّة، بأنّه جاز للحائض تركه دون فداء، ولو وجب لم يجز للحائض تركه‏.‏



شروط وجوبه

71 - أن يكون الحاجّ من أهل الآفاق، عند الحنفيّة والحنابلة، فلا يجب على المكّيّ، لأنّ الطّواف وجب توديعا للبيت، وهذا المعنى لا يوجد في أهل مكّة لأنّهم في وطنهم وألحق الحنفيّة من كان من منطقة المواقيت، لأنّ حكمهم حكم أهل مكّة‏.

‏ وقال الحنابلة‏:‏ لا يسقط إلاّ عمّن كان منزله في الحرم فقط‏.‏
وعند المالكيّة والشّافعيّة يطلب طواف الوداع في حقّ كلّ من قصد السّفر من مكّة، ولو كان مكّيّا إذا قصد سفرا تقصر فيه الصّلاة‏.‏
ووصفه المالكيّة بأنّه سفر بعيد كالجحفة لا قريبا كالتّنعيم إذا خرج للسّفر لا ليقيم بموضع آخر أو بمسكنه، فإن خرج ليقيم بموضع آخر أو بمسكنه طلب منه، ولو كان الموضع الّذي خرج إليه قريبا‏.‏ 72
- الطّهارة من الحيض والنّفاس‏:‏ فلا يجب على الحائض والنّفساء، ولا يسنّ أيضا حتّى إنّهما لا يجب عليهما دم بتركه، لما سبق من حديث ابن عبّاس‏:‏ ‏{‏إلاّ أنّه خفّف عن الحائض‏}‏
وكذا حديث عائشة في قصّة صفيّة لمّا حاضت فقد سافر بها النّبيّ صلى الله عليه وسلم دون أن تطوف للوداع‏.‏

فأمّا الطّهارة من الجنابة فليست بشرط لوجوب طواف الوداع، فيكون واجبا على المحدث والجنب، لأنّه يمكنهما إزالة الحدث والجنابة في الحال بالغسل أو التّيمّم‏.‏
وإذا طهرت الحائض قبل أن تفارق بنيان مكّة يلزمها طواف الصّدر، وإن جاوزت جدران مكّة ثمّ طهرت لم يلزمها طواف الصّدر، اتّفاقا بين الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة‏.‏
لأنّها حين خرجت من العمران صارت مسافرة، بدليل جواز القصر، فلا يلزمها العود ولا الدّم‏.‏


73 - أن يكون قد أدّى مناسك الحجّ مفردا أو متمتّعا أو قارنا‏.
‏ فلا يجب على المعتمر عند الحنفيّة وحدهم، ولو كان آفاقيّا، وكأنّهم نظروا إلى المقصود، وهو ختم أعمال الحجّ، فلا يطلب من المعتمر‏.‏



شروط صحّته

74 - يشترط لصحّة طواف الوداع ما يأتي‏:‏
أ - أصل نيّة الطّواف لا التّعيين‏.‏
ب - أن يكون مسبوقا بطواف الزّيارة‏.‏
ج - الوقت‏:‏ ووقت طواف الوداع عند الحنفيّة يمتدّ عقب طواف الزّيارة لو تأخّر سفره، وكلّ طواف يفعله الحاجّ بعد طواف الزّيارة يقع عن طواف الصّدر‏.
‏ أمّا السّفر فور الطّواف فليس من شرائط جوازه عند الحنفيّة، حتّى لو كان للصّدر، ثمّ تشاغل بمكّة بعده حتّى ولو أقام أيّاما كثيرة، لا يجب عليه طواف آخر، لأنّ المراد أن يكون آخر عهده بالبيت نسكا، لا إقامة، والطّواف آخر مناسكه بالبيت، إلاّ أنّ المستحبّ أن يؤخّر طواف الصّدر إلى الوقت الّذي يريد أن يسافر‏.
‏ فيه‏.‏ وعند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وقته بعد فراغه من جميع أموره، وعزمه على السّفر، ويغتفر له أن يشتغل بعده بأسباب السّفر، كشراء الزّاد، وحمل الأمتعة ونحو ذلك ولا يعيده، لكن إن مكث بعده مشتغلا بأمر آخر غير أسباب السّفر كشراء متاع، أو زيارة صدّيق، أو عيادة مريض احتاج إلى إعادة الطّواف‏.‏



واجبات الحجّ التّابعة لغيرها

75 - واجبات الحجّ التّابعة لغيرها هي أمور يجب أداؤها في ضمن ركن من أركان الحجّ، أو ضمن واجب أصليّ من واجباته‏.‏
وتجد دراستها في المصطلحات الّتي تخصّ أركان الحجّ أو واجباته، سوى ترتيب أعمال يوم النّحر، فندرسه هنا، ونشير إلى ما سواه إشارة سريعة‏.‏





وّلا‏:‏ واجبات الإحرام


76 - أ - كون الإحرام من الميقات المكانيّ، لا بعده ‏(‏انظر إحرام ف 31 - 32‏)‏
ب - التّلبية وهي واجبة عند المالكيّة ويسنّ قرنها بالإحرام، وشرط في الإحرام عند الحنفيّة، وسنّة عند الجمهور ‏(‏انظر إحرام‏:‏ ف 29‏)‏‏.‏

ج - اجتناب محظورات الإحرام ‏(‏انظر إحرام‏:‏ ف 31 و 55 - 94‏)‏‏.‏



ثانياً واجبات الوقوف بعرفة


77 - هي امتداد الوقوف إلى ما بعد المغرب على تفصيل المذاهب، سوى الشّافعيّة فإنّه سنّة عندهم‏.‏
وقال المالكيّة‏:‏ الوقوف بعد المغرب هو الرّكن، وقبله واجب‏.‏





ثالثا‏:‏ واجبات الطّواف
78 - أ - ذهب الحنفيّة إلى أنّ الأشواط الثّلاث الأخيرة من الطّواف واجبة‏.‏
وهي عند الجمهور ركن في الطّواف ‏(‏ف 128‏)‏ ‏(‏وانظر مصطلح طواف‏)‏‏.‏
ب - أوجب الحنفيّة الأمور التّالية في الطّواف، وقال الجمهور هي من شروط صحّته‏.‏
وهذه الأمور هي‏:‏
1 - الطّهارة من الأحداث والأنجاس‏.‏
2 - ستر العورة‏.‏
3 - ابتداء الطّواف من الحجر‏.‏
4 - التّيامن، أي كون الطّائف عن يمين البيت‏.‏
5- دخول الحجر ‏(‏أي الحطيم‏)‏ في ضمن الطّواف‏.‏
ج - أوجب الحنفيّة الأمور التّالية في الطّواف وهي سنّة عند غيرهم‏:‏
1 - المشي للقادر عليه‏.‏
2 - ركعتا الطّواف‏.‏
3 - إيقاع طواف الرّكن في أيّام النّحر‏.‏



رابعا‏:‏ واجبات السّعي

79 - أ - المشي للقادر عليه عند الحنفيّة‏.
‏ وذهب الجمهور إلى أنّه سنّة‏.‏
ب - إكمال أشواط السّعي إلى سبعة بعد الأربعة الأولى عند الحنفيّة، وكلّها ركن عند الجمهور‏.‏



خامسا‏:‏ واجب الوقوف بالمزدلفة


80 - أوجب الحنفيّة جمع صلاتي المغرب والعشاء تأخيرا في المزدلفة، وهو سنّة عند الجمهور‏.‏



سادسا‏:‏ واجبات الرّمي

81 - يجب عدم تأخير رمي يوم لتاليه عند الحنفيّة، وإلى المغرب عند المالكيّة‏.‏
سابعا‏:‏ واجبات ذبح الهدي‏:‏

82 - أ - أن يكون الذّبح في أيّام النّحر‏.‏
ب - أن يكون في الحرم‏.‏



ثامنا‏:‏ واجبات الحلق والتّقصير

83 - أ - كون الحلق في أيّام النّحر عند الحنفيّة والمالكيّة‏.‏
ب - كون الحلق في الحرم عند الحنفيّة فقط‏.‏



تاسعا‏:‏ ترتيب أعمال يوم النّحر

84 - يفعل الحاجّ بمنى يوم النّحر ثلاثة أعمال على هذا التّرتيب‏:‏ رمي جمرة العقبة، ثمّ ذبح الهدي إن كان قارنا أو متمتّعا ‏(‏ر‏:‏ ف 5 - 7‏)‏ ثمّ الحلق أو التّقصير‏.‏
ثمّ يذهب إلى مكّة فيطوف طواف الزّيارة‏.‏
والأصل في هذا التّرتيب هو فعله صلى الله عليه وسلم‏:‏ عن أنس بن مالك رضي الله عنه‏:‏ ‏{‏أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة يوم النّحر، ثمّ رجع إلى منزله بمنى، فدعا بذبح فذبح، ثمّ دعا بالحلّاق فأخذ بشقّ رأسه الأيمن، فجعل يقسم بين من يليه الشّعرة والشّعرتين، ثمّ أخذ بشقّ رأسه الأيسر فحلقه‏}‏ وفي حديث جابر‏:‏ ‏{‏ثمّ ركب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت‏}‏‏.‏


الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1981
خلاصة حكم المحدث: صحيح



حكم هذا التّرتيب‏:‏

85 - مع اتّفاقهم على مشروعيّة هذا التّرتيب فقد اختلفوا فيه‏:
‏ والسّبب في هذا الاختلاف هو ورود حديث آخر يدلّ على أنّ التّرتيب سنّة، لا فداء على من تركه‏.‏ ذلك هو حديث عبد اللّه بن عمرو ‏{‏أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقف في حجّة الوداع فجعلوا يسألونه، فقال رجل‏:‏ لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح ‏؟‏ قال‏:‏ اذبح ولا حرج فجاء آخر فقال‏:‏ لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ‏؟‏ قال‏:‏ ارم ولا حرج فما سئل يومئذ عن شيء قدّم ولا أخّر إلاّ قال‏:‏ افعل ولا حرج‏}‏‏.‏


الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1736
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


فذهب الحنفيّة والمالكيّة ورواية عن أحمد إلى وجوب ترتيب أعمال يوم النّحر على تفصيل فيه، أخذ كلّ منهم به للتّوفيق بين الأدلّة‏.‏
وذهب الشّافعيّ والصّاحبان ورواية عن أحمد إلى أنّ التّرتيب سنّة، واستدلّوا بحديث عبد اللّه بن عمرو الأخير، فإنّ قوله‏:‏ فما سئل يومئذ‏.‏‏.‏ يدلّ بعمومه على سنّيّة التّرتيب‏.‏
أمّا الأوّلون فاستدلّوا بفعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم فإنّه يدلّ على الوجوب، ثمّ ذهبوا مذاهب في كيفيّة التّرتيب‏:‏ فذهب الحنفيّة إلى وجوب التّرتيب بين أعمال منى حسب الوارد، أمّا التّرتيب بينها وبين طواف الإفاضة فسنّة‏.
‏ واستدلّوا بأدلّة منها‏:‏ مراعاة اتّباع فعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم كما نصّ عليه حديث أنس، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ليذكروا اسم اللّه على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير، ثمّ ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطّوّفوا بالبيت العتيق‏}‏‏.‏

وجه الاستدلال أنّه أمر بقضاء التّفث وهو الحلق مرتّبا على الذّبح، فدلّ على وجوب التّرتيب‏.

‏ وقال المالكيّة‏:‏ الواجب في التّرتيب‏:‏ تقديم الرّمي على الحلق وعلى طواف الإفاضة، وغير ذلك من التّرتيب لا يجب، بل هو سنّة‏.‏
استدلّوا على وجوب تقديم الرّمي على الحلق بأنّه بالإجماع ممنوع من حلق شعره قبل التّحلّل الأوّل، ولا يحصل التّحلّل الأوّل إلاّ برمي جمرة العقبة‏.
‏ واستدلّوا على عدم وجوب تقديم الذّبح على الحلق بحديث عبد اللّه بن عمرو السّابق، أخذا بالتّقديم والتّأخير المنصوص عليه في الحديث، وفسّروا فما سئل عن شيء قدّم ولا أخّر‏.‏‏.‏‏.‏ بأنّ المراد ممّا ذكر في صدر الحديث لتقديمه وتأخيره‏.‏
وأخذ الإمام أحمد في رواية الوجوب عنه بلفظ ‏"‏ لم أشعر ‏"‏ فقال‏:‏ يجب التّرتيب على العالم به الذّاكر له، أمّا الجاهل والنّاسي فلا شيء عليه، وقيّدوا شطر الحديث الأخير ‏"‏ فما سئل‏.‏‏.‏‏.‏ ‏"‏ لهذا المعنى، أي قال‏:‏ ‏{‏لا حرج‏}‏ فيما قدّم وأخّر، من غير شعور‏.‏
والحاصل كما قال ابن قدامة‏:‏ لا نعلم خلافا بينهم في أنّ مخالفة التّرتيب لا تخرج هذه الأفعال عن الإجزاء، ولا يمنع وقوعها ها، وإنّما اختلفوا في وجوب الدّم على ما ذكرنا»‏.‏



التّحلّل من إحرام الحجّ
86 - يحصل التّحلّل بأداء أركان الحجّ وواجباته رمي جمرة العقبة، والحلق، والتّحلّل من إحرام الحجّ‏.‏
وهذا التّحلّل قسمان‏:‏ التّحلّل الأوّل أو الأصغر، والتّحلّل الثّاني أو الأكبر، وقد سبق التّحلّل في مصطلح‏:‏ ‏(‏إحرام‏)‏ ‏(‏ف 122 - 125‏)‏‏.‏
كتبت : ~ عبير الزهور ~
-
سنن الحجّ ومستحبّاته وممنوعاته ومباحاته

الأوّل‏:‏ سنن الحجّ

87 - السّنن في الحجّ يطلب فعلها، ويثاب عليها، لكن لا يلزم بتركها الفداء من دم أو صدقة‏.‏



أوّلا‏:‏ طواف القدوم

88 - ويسمّى طواف القادم، طواف الورود، وطواف الوارد، وطواف التّحيّة لأنّه شرع للقادم والوارد من غير مكّة لتحيّة البيت‏.‏
ويسمّى أيضا طواف اللّقاء، وأوّل عهده بالبيت، وطواف القدوم سنّة للآفاقيّ القادم من خارج مكّة عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة، تحيّة للبيت العتيق، لذلك يستحبّ البدء به دون تأخير، وسوّى الشّافعيّة بين داخلي مكّة المحرم منهم وغير المحرم في سنّيّة طواف القدوم‏.

‏ وذهب المالكيّة إلى أنّه واجب، من تركه لزمه الدّم‏.‏ ووجوب طواف القدوم عند المالكيّة على كلّ من أحرم من الحلّ، سواء كان من أهل مكّة أو غيرها، وسواء كان إحرامه من الحلّ واجبا كالآفاقيّ القادم محرما بالحجّ، أم ندبا كالمقيم بمكّة الّذي معه نفس ‏(‏متّسع من الوقت‏)‏ وخرج من الحرم فأحرم من الحلّ، وسواء كان أحرم بالحجّ مفردا أم قارنا، وكذا المحرم من الحرم إن كان يجب عليه الإحرام من الحلّ، بأن جاوز الميقات حلالا مخالفا للنّهي‏.‏

وهو واجب على هؤلاء ما لم يكن أحدهم مراهقا، وهو من ضاق وقته حتّى خشي فوات الوقوف بعرفات‏.‏

والأصل فيه فعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم كما ثبت في أوّل حديث جابر قوله‏:‏ ‏{‏حتّى إذا أتينا البيت معه استلم الرّكن فرمل ثلاثا ومشى أربعا‏}‏‏.


الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 2939
خلاصة حكم المحدث: صحيح


‏ وعن عائشة رضي الله عنها‏:‏ ‏{‏إنّ أوّل شيء بدأ به حين قدم النّبيّ صلى الله عليه وسلم مكّة أنّه توضّأ ثمّ طاف‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏


الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1641
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


الحديث‏.‏

فاستدلّ المالكيّة بذلك على الوجوب بقوله‏:‏ ‏{‏خذوا عنّي مناسككم‏}‏‏.‏
وقال الجمهور‏:‏ إنّ القرينة قامت على أنّه غير واجب لأنّ المقصود به التّحيّة، فأشبه تحيّة المسجد، فيكون سنّة‏.‏





متى يسقط طواف القدوم

89 - يسقط طواف القدوم عمّن يلي‏:‏

أ - المكّيّ‏.‏
ومن في حكمه، وهو الآفاقيّ إذا أحرم من مكّة، وشرط فيه المالكيّة أن لا يكون وجب عليه الإحرام من الحلّ، كما سبق، ووسّع الحنفيّة فقالوا‏:‏ يسقط عمّن كان منزله في منطقة المواقيت لأنّ لها حكم مكّة‏.
‏ وعلّة سقوط طواف القدوم عن هؤلاء أنّه شرع للقدوم، والقدوم في حقّهم غير موجود‏.‏



ب - المعتمر والمتمتّع ولو آفاقيّا عند الجمهور، لدخول طواف الفرض عليه، وهو طواف العمرة، فطواف القدوم عندهم خاصّ بمن أحرم بالحجّ مفردا، أو قارنا بين الحجّ والعمرة، وتفرّد الحنابلة فقالوا‏:‏ يطوف المتمتّع للقدوم قبل طواف الإفاضة، ثمّ يطوف طواف الإفاضة‏.‏


ج - من قصد عرفة رأسا للوقوف يسقط عنه طواف القدوم، ‏"‏ لأنّ محلّه المسنون قبل وقوفه ‏"‏، وقرّر المالكيّة أنّه إذا أحرم بالحجّ من الحرم أو أحرم به من الحلّ ولكنّه مراهق أو أحرم بالعمرة من الحلّ ثمّ أردف بالحجّ عليها في الحرم فإنّه لا يطالب بطواف القدوم وإذا لم يطالب بطواف القدوم فإنّه يؤخّر السّعي إلى طواف الإفاضة، لأنّه سيأتي أنّه يجب أن يكون السّعي عقب أحد طوافي الحجّ فلمّا سقط طواف القدوم تعيّن أن يكون عقب طواف الإفاضة‏.‏





فروع

89 م - الأوّل‏:‏ قال في التّوضيح‏:‏ ومتى يكون الحاجّ مراهقا إن قدم يوم عرفة أحببت تأخير طوافه، وإن قدم يوم التّروية أحببت تعجيله وله في التّأخير سعة وفي المختصر عن مالك، إن قدم يوم عرفة فليؤخّره إن شاء وإن شاء طاف وسعى، وإن قدم يوم التّروية ومعه أهل فليؤخّر إن شاء، وإن لم يكن معه أهل فليطف وليسع‏.‏
ومعنى ذلك أنّ الاشتغال يوم عرفة بالتّوجّه إلى عرفة أولى، وأمّا يوم التّروية فمن كان معه أهل كان في شغل ممّا لا بدّ للمسافر بالأهل منه‏.‏
انتهى‏.
‏ وقال ابن فرحون‏:‏ لأنّه بأهله في شغل، وحال المنفرد أخفّ، وقال قبله‏:‏ والمراهق هو الّذي يضيق وقته عن إيقاعه طواف القدوم والسّعي وما لا بدّ له من أحواله ويخشى فوات الحجّ إن تشاغل بذلك فله تأخير الطّواف، ثمّ ذكر ما قاله أشهب ونقله عن مالك في المختصر انتهى من مناسكه‏.‏




الثّاني‏:‏ حكم من أحرم بالقرآن من الحلّ حكم من أحرم بالحجّ من الحلّ في وجوب طواف القدوم عليه وتعجيل السّعي بعده، فإن ترك ذلك وهو غير مراهق فعليه الدّم، وإن كان مراهقا فلا دم عليه قاله في المدوّنة‏.

‏ الثّالث‏:‏ إذا أردف الحجّ على العمرة في الحلّ فحكمه حكم من أحرم بالقران من الحلّ في وجوب طواف القدوم والسّعي بعده إذا لم يكن مراهقا وهو ظاهر‏.‏

الرّابع‏:‏ إذا أحرم بالقرآن من مكّة أو بالعمرة من مكّة ثمّ أردف عليها حجّة وصار قارنا فإنّه يلزمه الخروج للحلّ على المشهور، فإذا دخل من الحلّ لا يطوف ولا يسعى لأنّه أحرم من مكّة‏.‏

قاله ابن رشد عن ابن القاسم ونقله ابن عرفة وقد تقدّم ذلك عند قوله ولها وللقران الحلّ‏


الخامس‏:‏ من أحرم بالحجّ أو بالقران من الحلّ ومضى إلى عرفات ولم يدخل مكّة وليس بمراهق فإنّه بمنزلة من ترك طواف القدوم ويجب عليه الدّم‏.
‏ قاله في المدوّنة وكلام المصنّف في مناسكه يوهم سقوط الدّم وليس كذلك‏.
‏ وقال الحنابلة‏:‏ لا يسقط طواف القدوم عمّن تأخّر عنه إلى الوقوف، فإذا قدم مكّة يبدأ طواف القدوم قبل طواف الزّيارة‏.‏


د - قرّر المالكيّة أنّه يسقط طواف القدوم عن الحائض والنّفساء والمغمى عليه والنّاسي، إلاّ أن يزول المانع ويتّسع الزّمن لطواف القدوم فإنّه حينئذ يجب‏.‏



وقت طواف القدوم
90 - يبدأ وقت طواف القدوم حين دخول مكّة، ويستحبّ أن يبادر به قبل استئجار المنزل ونحو ذلك، لأنّه تحيّة البيت العتيق، وآخر وقته وقوفه بعرفة عند الجمهور، لأنّه بعد الوقوف مطالب بطواف الفرض، وهو طواف الزّيارة‏.‏





كيفيّة طواف القدوم
91 - كيفيّة طواف القدوم كطواف الزّيارة، إلاّ أنّه لا اضطباع فيه ولا رمل، ولا سعي لأجله، إلاّ إذا أراد تقديم سعي الحجّ إليه، فإنّه يسنّ له عندئذ الاضطباع والرّمل في الطّواف، لأنّ الرّمل والاضطباع سنّة في كلّ طواف بعده سعي‏.‏



ثانيا‏:‏ خطب الإمام
92 - وهي سنّة في ثلاثة مواضع عند الحنفيّة والمالكيّة، وأربعة عند الشّافعيّة والحنابلة، وتؤدّى الخطب كلّ واحدة خطبة واحدة بعد صلاة الظّهر، إلاّ خطبة يوم عرفة، فإنّها خطبتان بعد الزّوال قبل الصّلاة‏.‏
ويفتتح الخطبة بالتّلبية إن كان محرما، وبالتّكبير إن لم يكن محرما‏.‏



الخطبة الأولى
93 - تسنّ هذه الخطبة في مكّة يوم السّابع من ذي الحجّة قبل يوم التّروية بيوم، عند الحنفيّة والشّافعيّة والمالكيّة، والغرض منها أن يعلّمهم المناسك‏.‏
عن ابن عمر رضي الله عنه قال‏:‏ ‏{‏كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا كان قبل التّروية بيوم خطب النّاس فأخبرهم بمناسكهم‏}‏‏.‏





الخطبة الثّانية
94 - وتسنّ هذه الخطبة يوم عرفة بعرفات، قبل الصّلاة اتّفاقا، كما ثبت في حديث جابر وغيره‏.‏
وهذه الخطبة خطبتان يفصل بينهما بجلسة كما في خطبة الجمعة، يبيّن لهم في أولاهما ما أمامهم من المناسك ويحرّضهم على إكثار الدّعاء والابتهال، ويبيّن لهم ما يهمّهم من الأمور الضّروريّة لشؤون دينهم، واستقامة أحوالهم‏.‏ ‏

(‏الخطبة الثّالثة‏)‏‏:‏


95 - الخطبة الثّالثة تكون بمنى في اليوم الحادي عشر من ذي الحجّة عند الحنفيّة والمالكيّة‏.
‏ وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّها تكون بمنى يوم النّحر‏.‏
استدلّ الشّافعيّة بما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم ‏{‏أنّه خطب يوم النّحر بمنى‏}‏‏.‏
وأجاب الحنفيّة بأنّ المقصود من الخطبة التّعليم وإجابة عن أسئلة وجّهت إليه صلى الله عليه وسلم ويوم النّحر يوم اشتغال بأعمال كثيرة وهي الرّمي والذّبح والحلق والطّواف‏.

‏(‏الخطبة الرّابعة‏)‏‏:‏


96 - زاد الشّافعيّة والحنابلة خطبة رابعة‏:‏ هي بمنى ثاني أيّام التّشريق، يعلّمهم فيها جواز النّفر فيه وغير ذلك، ويودّعهم‏.‏



ثالثا‏:‏ المبيت بمنى ليلة يوم عرفة

97 - يسنّ للحاجّ أن يخرج من مكّة إلى منى يوم التّروية، بعد طلوع الشّمس، فيصلّي بمنى خمس صلوات هي‏:‏ الظّهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، وذلك سنّة باتّفاق الأئمّة‏.‏
وقد ثبت في حديث جابر‏:‏ ‏{‏فلمّا كان يوم التّروية توجّهوا إلى منى فأهلّوا بالحجّ، وركب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فصلّى بهم الظّهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثمّ مكث قليلا حتّى طلعت الشّمس وأمر بقبّة من شعر تضرب له بنمرة‏}‏‏.‏


الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1216
خلاصة حكم المحدث: صحيح




رابعا‏:‏ السّير من منى إلى عرفة

98 - السّير من منى إلى عرفة صباحا بعد طلوع شمس يوم عرفة سنّة عند الجمهور وهو مندوب عند الحنابلة‏.‏ والأصل فيه فعله صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر‏:‏ ‏{‏ثمّ مكث قليلا حتّى طلعت الشّمس وأمر بقبّة من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏.‏‏.‏‏.‏ فأجاز رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حتّى أتى عرفة فوجد القبّة قد ضربت له بنمرة‏.‏‏.‏‏}‏



خامسا‏:‏ المبيت بالمزدلفة ليلة النّحر

99 - يسنّ للحاجّ أن يبيت بالمزدلفة ليلة عيد النّحر، ويمكث بها حتّى يطلع الفجر، ثمّ يقف للدّعاء ويمكث فيها حتّى يسفر جدّا، ثمّ يدفع إلى منى فهذا سنّة عند الحنفيّة والشّافعيّة، مندوب عند المالكيّة، مستحبّ عند الحنابلة‏.‏

إنّما الواجب الوقوف الّذي سبق ذكره وذلك لفعله صلى الله عليه وسلم‏:‏ قال جابر‏:‏ ‏{‏حتّى أتى المزدلفة، فصلّى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبّح بينهما شيئا، ثمّ اضطجع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حتّى طلع الفجر وصلّى الفجر حين تبيّن له الصّبح بأذان وإقامة، ثمّ ركب القصواء حتّى أتى المشعر الحرام‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏


كتبت : روميساء22
-
جزاكي الله خيرا وبارك بكِ
موضوع شامل وغني بالمعلومات
مشكووووووره والله يعطيك الف عافيه



كتبت : ~ عبير الزهور ~
-

مستحبّات الحجّ

100 - مستحبّات الحجّ يحصل بها الأجر لكن دون أجر السّنّة، ولا يلزم تاركها الإساءة بخلاف السّنّة‏.‏
ومستحبّات الحجّ كثيرة نذكر طائفة هامة منها فيما يلي‏:‏



أوّلا‏:‏ العجّ‏:‏

101 - وهو رفع الصّوت بالتّلبية باعتدال، وهو مستحبّ للرّجال



ثانيا‏:‏ الثّجّ

102 - وهو ذبح الهدي تطوّعا، لما مرّ في الحديث، وقد أكثر النّبيّ صلى الله عليه وسلم من هدي التّطوّع جدّا، حتّى بلغ مجموع هديه في حجّته مائة من الإبل‏.‏ قال الإمام النّوويّ‏:‏ اتّفقوا على أنّه يستحبّ لمن قصد مكّة بحجّ أو عمرة أن يهدي هديا من الأنعام، ونحره هناك، ويفرّقه على المساكين الموجودين في الحرم ‏"‏



ثالثا‏:‏ الغسل لدخول مكّة للآفاقيّ

103 - وذلك عند ذي طوى، كما ورد في السّنّة، أو غيره من مداخل مكّة، وقد ثبت أنّه‏:‏ كان يغتسل لدخول مكّة»‏.‏



رابعا‏:‏ الغسل للوقوف بالمزدلفة بعد نصف اللّيل

104 - صرّح به الحنفيّة والشّافعيّة، حتّى جعل الشّافعيّة التّيمّم بديلا عنه عند العجز عن الماء قال النّوويّ‏:‏ يستحبّ أن يغتسل بالمزدلفة بعد نصف اللّيل، للوقوف بالمشعر الحرام، وللعيد، ولما فيها من الاجتماع، فإن عجز عن الماء تيمّم كما سبق»‏.‏



خامسا‏:‏ التّعجيل بطواف الإفاضة

105 - وذلك بأدائه يوم عيد النّحر، اتّباعا لفعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏.
‏ كما في حديث جابر



سادسا‏:‏ الإكثار من الدّعاء والتّلبية والأذكار المتكرّرة في الأحوال
106 - كالأدعية المأثورة في المناسك، ولا سيّما وقوف عرفة، وغير ذلك، فهذا به روح شعائر الحجّ‏.‏





سابعا‏:‏ التّحصيب

107 - وهو النّزول بوادي المحصّب، أو الأبطح في النّفر من منى إلى مكّة عند انتهاء المناسك، ويقع المحصّب عند مدخل مكّة بين الجبلين، إلى المقبرة المسمّاة بالحجون‏.‏
وقد اتّصل بناء مكّة به في زمننا بل تجاوزه لما وراءه‏.‏
والتّحصيب مستحبّ عند الجمهور، سنّة عند الحنفيّة، بأن ينزل الحاجّ فيه في نفره من منى ويصلّي فيه الظّهر والعصر والمغرب والعشاء‏.‏
استدلّ الجمهور بما أخرجه الشّيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ ‏{‏إنّما نزل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المحصّب ليكون أسمح لخروجه، وليس بسنّة فمن شاء نزله، ومن شاء لم ينزله‏}


الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 2008
خلاصة حكم المحدث: صحيح



‏ واستدلّ الحنفيّة على السّنّيّة بحديث ‏{‏أسامة بن زيد قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول اللّه أين تنزل غدا في حجّته‏.
‏ قال‏:‏ وهل ترك عقيل لنا من دار ثمّ قال‏:‏ نحن نازلون بخيف بني كنانة، حيث قاسمت قريش على الكفر‏}‏ وحيث أصبح المحصّب الآن ضمن البنيان فيمكث الحاجّ فيه ما تيسّر تحصيلا للسّنة قدر الإمكان في هذا الموضع الّذي يثير تلك الذّكرى من جهاد النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏.‏



ممنوعات الحجّ

108 - ممنوعات الحجّ أقسام‏:‏ مكروهات، ومحرّمات، ومفسدات‏.‏

أمّا المكروهات‏:‏ فهي ترك سنّة من سنن الحجّ، وهو مكروه تنزيها عند الحنفيّة‏.‏
ويلزم فيه الإساءة، ولا يجب فداء‏.

وأمّا المحرّمات‏:‏ فيدخل فيها ترك الواجبات، ويسمّيه الحنفيّة‏:‏ مكروها كراهة تحريم‏.‏
وحكمه إثم من ارتكبه بغير عذر ولزوم الفداء فيه اتّفاقا على التّفصيل الآتي‏:
‏ أمّا المفسدات وسائر محرّمات الحجّ فإنّها متعلّقة بالإحرام لا تختصّ بالحجّ‏.‏
‏(‏انظر في المصطلح‏:‏ إحرام ف 55 وما بعد و 171 - 173‏)‏‏.‏



مباحات الحجّ

109 - ليس للحجّ مباحات خاصّة به، سوى المباحات الّتي لا تخلّ بمحظورات الإحرام ‏(‏فانظر في المصطلح‏:‏ إحرام‏:‏ ف 99 - 107‏)‏‏.‏



أحكام خاصّة بالحجّ

110 - تتناول هذه الأحكام الموضوعات التّالية‏:‏ حجّ المرأة الحائض والنّفساء‏.‏

حجّ الصّبيّ‏.
‏ حجّ المغمى عليه‏.‏
الحجّ عن الغير‏.
‏ الأوّل - حجّ المرأة والحائض والنّفساء‏:‏


111 - تختصّ المرأة دون الرّجل بعدّة أحكام في الحجّ، بعضها يتعلّق بالإحرام، فينظر فيه، وبعضها يتعلّق بمناسك الحجّ، وسبقت في مواضعها‏.‏

ونبيّن هنا أحكاما أخرى هامة، هي أحكام حجّ الحائض والنّفساء، وله صور متعدّدة نبيّن حكمها فيما يلي‏:‏



أ - أن تحرم المرأة بالحجّ مفردة أو قارنة، ثمّ يمنعها الحيض أو النّفاس من أداء الطّواف، فإنّها تمكث حتّى تقف بعرفة وتأتي بكافّة أعمال الحجّ فيما عدا الطّواف والسّعي، فإذا طهرت تطوف طوافا واحدا وتسعى سعيا واحدا إن كانت مفردة‏.‏
وتطوف طوافين وتسعى سعيا للحجّ والعمرة إن كانت قارنة، حسبما يجب عند الحنفيّة، وطوافا وسعيا واحدا للقران عند غير الحنفيّة، ولا يسقط عنها طواف الوداع في هاتين الصّورتين اتّفاقا‏.‏ ويسقط عنها طواف القدوم، أمّا عند الجمهور فلأنّه سنّة فات وقتها، وأمّا عند المالكيّة فلكونه عذرا يسقط به، ولو كان واجبا، إلاّ أن يزول المانع ويتّسع الزّمن لطواف القدوم، فإنّه حينئذ يجب عليها‏.‏



ب - أن تحرم بالعمرة ثمّ تحيض أو تنفس قبل الوقوف بعرفة، ولا يتّسع الوقت كي تطهر وتعتمر قبل الإحرام بالحجّ‏:‏ قرّر الحنفيّة في هذه الصّورة‏:‏ أنّ المرأة تحرم بالحجّ أي تنويه وتلبّي، وتؤدّي أعمال الحجّ كما ذكرنا بالنّسبة للمفردة، وتصبح بهذا رافضة للعمرة، أي ملغية لها، وتحتسب لها حجّة فقط، فإذا أرادت العمرة تهلّ بها بعد الفراغ من أعمال الحجّ وليس لها إرداف الحجّ على العمرة عندهم‏.‏
أمّا غير الحنفيّة فقالوا‏:‏ لا تلغي العمرة، بل تحرم بالحجّ، وتصبح قارنة، فتحتسب لها العمرة، وقد كفى عنها طواف الحجّ وسعيه تبعا لمذهبهم في طواف القارن وسعيه أنّهما يجزئان عن الحجّ والعمرة ‏(‏انظر مصطلح قران‏)‏‏.
‏ وعليها هدي القران عندهم، ولا يسقط عنها طواف الوداع اتّفاقا‏.


ج - لو حاضت في أيّام النّحر بعد أن مضت عليها فترة تصلح للطّواف فأخّرت طواف الإفاضة عن وقته بسبب الحيض وجب عليها دم بهذا التّأخير عند الحنفيّة‏.‏

أمّا إذا حاضت قبل يوم النّحر أو بعده بوقت يسير لا يكفي للإفاضة فتأخّر طوافها عن وقته بسبب ذلك فلا جزاء عليها ولا إثم‏.‏ ولا يتصوّر عند المالكيّة ذلك، لأنّ وقت طواف الإفاضة الواجب يمتدّ عندهم لآخر ذي الحجّة، ولا عند الشّافعيّة والحنابلة لأنّه لا وقت يلزم الجزاء بتأخيره عنه عندهم‏.‏



د - إن حاضت بعد الوقوف وطواف الزّيارة فإنّها تتمّ أعمال الحجّ، ثمّ تنصرف، ويسقط عنها طواف الوداع، إن فارقت مكّة قبل أن تطهر اتّفاقا بين العلماء، ولا يجب عليها الفداء بتركه‏.‏

الصفحات 1 2 

التالي

الحج حكمه - شروطه - التعجل له

السابق

الموسوعة الفقهية الكويتية - آداب السفر للحج

كلمات ذات علاقة
الخيط , صحّة , شروط