فرائض الطاعات رأس مال المسلم، ونوافلها أرباحه
مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
وإذا كان عمل المرء هو رصيدَه وكسْبَه، وهو محفوظ عليه بكل حال، ومجزيٌّ به بين يدي ربِّه ذي العظمة والجلال، فلينظرِ العاقلُ لنفسه في كل يوم من يقظته إلى نومه، ويختَرْ من العمل أصلحَه وأطيبَه وأحسنه: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف: 46].
وقال -تعالى-: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 14، 15]، فلا تُلهنا شهوات الدنيا وزينتُها عن تجارة الآخرة ولا تجعلنا نخسرها؛ فإنَّ مَن لم يكن من المفلحين الرابحين، فهو من الخائبين الخاسرين: ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾ [الأعراف: 8، 9]، فإنَّ الأمدَ محدود وغير ممدود، وإن الأجل قاطعٌ للعمل، وحائل دون بلوغ الأمل، وإن التفاوت بين العاملين كثيرٌ، والغبن يسير.
معشر المؤمنين:
إن الناس في الكسب أصنافٌ ثلاثة؛ فصنف كسبُه الحسنات، ومجانبة الموبقات، والتوبات من الزلات، وأولئك السابقون بالخيرات، وصنفٌ خلطوا عملاً صالحًا وآخرَ سيئًا، عسى الله أن يتوبَ عليهم، إن الله غفور رحيم.
وصنف ثالث هو من حبِطت أعمالُه، فبطلَت حسناتُه، وبقيِت عليه سيئاتُه: ﴿ بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 81]، فلينظر الناصحُ في عمله، وليقيِّمْ طريقته، ويحدِّد وجهتَه، وليحذَرْ من أسباب خسارته، وموجبات شِقْوته، قبل مفاجآت موتِه، ونشوب منيَّتِه، قال -تعالى-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [الحشر: 18 - 20].