المطلب الثاني : البداية والانتشار
لقد انتشر البث الفضائي انتشاراً واسعاً خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي ،ويتم استقبال هذا البث بواسطة الصحون اللاقطة وأجهزة الاستلام المنزلي ،وقد انتشرت هذة الأجهزة في المناطق التي يغطيها مجال بث الأقمار الصناعية وكانت لمنطقتنا العربية والإسلامية حصتها من هذة التغطية حيث يغطي أجوائها الكثير من الأقمار الصناعية لغرض البث التليفزيوني الفضائي ، وللوقوف بوجه هذا الأمر قامت الدول العربية بإطلاق قمرها عربسات (1) ثم عربسات (2) اللذان يغطيان دول المنطقة والعديد من الدول المجاورة لها وكان لهذين القمرين دورهما في توفيرا لبديل الملائم للمواطن العربي
وقامت مصر في أواخر التسعينات بإطلاق القمر نايلسيات (101) لأغراض البث التلفزيوني التجاري وكان هذا داعماً لغرض القمرين السابقين بالإضافة إلى ذلك قامت عدد من الدول العربية بالدخول إلى ما يسمى (النادي الفضائي) ومنها إيران وتركيا وباكستان والهند، وان القنوات الفضائية لحكم كثرتها وتعدد مصادرها وتنوعها لها من السلبيات كما لها من الايجايبات مما كان من بعض المؤسسات الدينية مما كان من بعض المؤسسات الدينية والخيرية وبعض الجهات الرسمية إلا أن أطلقت بعض الفضائيات الإسلامية لتحقق موازنة ولو بسيطة ما هو موجودة من قنوات أخرى .
فالعرب كانوا بحاجة إلى من يخطو الخطوة الأولى باتجاة تأسيس قناة فضائية عربية التي (mbc) تبث وتعبر عن العرب وتنقل صورته إلى الآخرين فكانت تجربة قناة وبدأ بثها في لندن لتكون بذلك أول قناة فضائية عربية ،وكانت إثارة اهتمام الناس للتقينة العالية التي استخدمتها والبرامج المنوعة التي تقدمها ،فبدت متكاملة فضلا عن أن المشاهد يرى كما لو أنها لا تمثل نظاما سياسيا عربيا معنيا ، وان الجميع يعلم أن مجموعة من رجال الأعمال وإعلاميين سعوديين هم الذين يمولون هذة القناة واستقطبت هذة القناة أعدادا كبيرة من المشاهدين كما واجهت الكثير من المعوقات من الحكومات العربية التي ترى أنها تبث وعيا سياسيا مبطنا فاستخدموا ضدها شتى الوسائل والأساليب لعدم وصولها إلى المشاهد فمنعوا الصحون اللاقطة ورفعوا أسعار الستلايت في محاولة لحجب المعلومة عن الناس مقدمين كذلك أعذار واهية تخفي وراءها فشل الإعلام الحكومي وعجزه في إقناع مواطنيه بما تقدمه من برامج ، ولم تمر عدة سنوات حتى انتشر الستلايت في كل الأقطار العربية حتى غدت تمتلك قنوات فضائية وبعض تلك الأقطار لها أكثر من قناة ولايمكن الوقوف في وجهها ، فبعض الدول العربية في فترة زمنية الذي كان يعاقب فيه المرء إذا ضبط بحوزته صحناً فوق بيته بالحبس والغرامة وكان اغلب المشاهدين العرب لايتابعون غير قناتين احدهما رسمية والثانية شبه رسمية بينما اليوم هناك قرابة عشرين محطة تلفزيونية في بلد عربي واحد ، وقد بدأت مجموعة (art) في العام 1992 بدأت بالبث ، فقدمت للمشاهد العربي في أنحاء العالم خمس قنوات متخصصة في الرياضة والأطفال والمنوعات والموسيقى والأفلام .
يمكن ترتيب إنشاء القنوات الفضائية على النحو التالي حيث تم إنشاء تلك المحطات على التوالي في الكويت والإمارات ومصر ثم لبنان والسودان والمغرب وسوريا، أما في العراق صاحب أول قناة تلفزيونية عربية أرضية فقد تأخر في إطلاق فضائيته بسبب منع الدول في استخدام الصحون اللاقطة لأسباب تتعلق بسياستها ورغبتها في السيطرة التامة على الإعلام، إن كل هذة القنوات هي قنوات تمثل الإعلام الرسمي العربي بعضها قنوات (mbc, art, ann ) محلية طورت لتكون فضائية وبعضها الآخر قنوات خاصة كالمستقلة وغيرها، ولم يقتنع المشاهد بما يراه على القنوات الفضائية العربية فقد كان البعض منها نسخاً للقنوات الأرضية فقد ظلت تحمل معها أخطاء الماضي في إهمال للمشاهد فضلاً عن الاستمرار في تقديم أخبار المسؤولين والتي لاتضيف شيئا إلى ثقافة المشاهد كما هو معروف إن العرب أمه مولعة بالاستهلاك فما تستخدمه يفوق حاجتها في معظم المجالات ورغم قصور ذلك في المجالات الحيوية منذ أن ظهرت الفضائيات في العالم العربي كانت متاحة ليراها مشاهدو اثنين وعشرين بلدا كلهم يتحدثون العربية
كان لابد إن يكون عدد قنواتها أكثر من هذا العدد الذي وصل إلى قرابة
مئة وخمسين قناة, لقد تكاثرت هذه القنوات دون قواعد موضوعية كما إنها لا تخضع لمعايير مهنية فما هو موجود يكاد يكون في معظمه متشابها ومكررا
مما يجعل وجود نصف هذه القنوات كافيا لحاجة المشاهد العربي وبقيمة أكثر
رقيا وتطور، ولكن هذا ثمن الحرية والانفتاح .
إن هذة القنوات أصبحت تشكل لدى المشاهد الذي لا يجد الوقت الكافي لمتابعة كل هذة القنوات ما يعانيه من حاجة إلى عمل، فليس من المعقول أن يقضي يومه في متابعة هذة القنوات في حيث أن المطلوب منه السعي الحثيث لتامين حاجاته!
ان البيت لم يعد واحة أمان واستقرار كما كان فما أن يعود المرء إلى بيته متعباً منهكاً مهموماً حتى يبدأ بمتابعة برامج الفضائيات بأعصاب مشدودة مما يزيد من همه وقلقه، فالمشاهدة المتعبة لعدة ساعات وما يقدم على الفضائيات من برامج حوارية اغلبها شديد التفاهة وبرامج غنائية تجلب التعب والأذى وهكذا تحبط الفضائيات مشاهديها.
للموضوع بقية