امنة بنت وهب
مجتمع رجيم / النساء المسلمات الرائدات
إلى ان جاءتها حليمة بنت أبي ذؤيب السعدي تلتمس محمدا و انتظرت ألام الوحيدة عودة ابنها حتى جاءت به السيدة حليمة و هو ابن الثانية و كأنه ابن أربع سنوات لما بدا عليه من علامات النضرة و النضج و الصحة و راحت السيدة حليمة تحدثها عن جو مكة شديد الحر فحملها قلبها النابض بالحب و الإيثار على مزيد من الاحتمال و التصبر
فعاد الرضيع إلى مراعي بني سعد مع السيدة حليمة ثم لم تمض إلا بضعة اشهر حتى عادت به و هي بادية القلق فسألتها السيدة آمنه بعد ان علمت قصة الملكين الذين شقا صدر رسول الله صلى الله عليه و سلم: أفتخوفت عليه من الشيطان ؟ ردت السيدة حليمة : نعم فقالت السيدة آمنه : كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل و ان لبني لشأنا أفلا أخبرك خبره؟ فقالت السيدة حليمة : بلى فحدثتها بما رأت و سمعت حين حملت به ثم قالت :فوالله ما رأيت من حمل أخف من حمله و لا أيسر منه وقع حين ولدته و انه لواضع يديه على الأرض و رافع رأسه إلى السماء.. دعيه عنك و انطلقي راشدة و عاد الوليد الطيب فبدد بنوره ظلال الكآبة التي كانت تغشي دنيا أمه في وحدتها و ترملها الباكر
و يعترف كتاب السيرة بما كان لها من اثر جليل في هذه المرحلة من عمر نبي الإسلام فيقول شيخهم ابن إسحاق : و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم مع أمه آمنه بنت وهب في كلاءة الله و حفظه ينبته الله نباتا حسنا و أثمرت عنايتها الفائقة فبدت على محمد صلى الله عليه و سلم بوادر النضج المبكر و رأت فيه وهو ابن السادسة مخايل الرجل العظيم الذي طالما تمثلته ووعدت به في رؤاها
رحلة النهاية
وحدثت ألام العظيمة ابنها الطاهر عن رحلة تقوم بها إلى يثرب كي يزور قبر عبد الله الحبيب و فرح الابن و سره ان تصحبه أمه في زيارة لمثوى فقيدهما و ان يتعرف على أخواله المقيمين بيثرب و كان الجو صيفا و الشمس تلهب الصخور و تصهر الرمال ووصل الر كب إلى يثرب و مكثت السيدة آمنه و ابنها صلى الله عليه و سلم هناك شهرا ثم بدأت رحلت العودة التي سيظل ابن عبد الله صلى الله عليه و سلم يذكرها و أثناء العودة مرضت السيدة آمنه و أحست انه الأجل المحتوم و بكت حزنا على ابنها اليتيم فأخذ يجفف دمعها بيديه الصغيرتين إلى ان فاضت روحها و تركت في نفس وليدها ألما لم ينساه صلى الله عليه و سلم طوال حياته
ذكرى باقية
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : خرج النبي صلى الله عليه و سلم يوما و خرجنا معه حتى انتهينا إلى المقابر فأمرنا فجلسنا ثم تخطى القبور حتى انتهى إلى قبر فجلس إليه فناجاه طويلا ثم ارتفع صوته ينتحب باكيا فبكينا لبكاء رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم ان رسول الله صلى الله عليه و سلم أقبل إلينا فتلقاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : ما الذي أبكاك يا رسول الله فقد أبكانا و أفزعنا؟ فأخذ بيد عمر ثم أومأ إلينا فأتيناه فقال : أفزعكم بكائي ؟ فقلنا : نعم يا رسول الله فقال ذلك مرتين أو ثلاثا ثم قال : ان القبر الذي رأيتموني أناجيه قبر أني آمنه بنت وهب و إني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي
بك علياء بعدها علياء
تتباهى بك العصور و تسمو
الذي شرفت به حواء
فهنيئا به لآمنة الفضل
من فخار ما لم تنله النساء
يوم نالت بوضعه ابنة وهب