إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
مجتمع رجيم / المحاضرات المفرغة
لا يغير الله على عباده ويسلبهم نعمة. نعمة الأمن في الأوطان ورغد العيش وصحة الأبدان واجتماع الكلمة حتى يغيروا ما بأنفسهم من تبديل شرع الله وتعطيله وترك المأمورات والوقوع في المنهيات يقول ربنا تبارك وتعالى ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ﴾ [إبراهيم: 28].فإذا غير الناس في الأرض جاء التغيير من الله يقول الله تعالى ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال: 53].
حينما تركت الأمة الجهاد في سبيل الله وتركت الاحتساب أصيبت بالذل والهوان فكل الأسباب المادية لتفوق المسلمين موجودة من كثافة سكان وموارد طبيعية و جغرافي وغير ذلك إلا أن اليهود والنصارى يتحكمون بمصير هذه الأمة لا تملك قرارها فشرذمة قليلون يحتلون فلسطين والنصارى يحتلون بعض بلاد المسلمين تارة بجيوشهم وتارة بمن ينصبونهم على المسلمين وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الواقع وبين لنا المخرج منه فعن ابن عمر (قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ "رواه أبو داود (3462) ورواته ثقات فالحل في رجوع المسلمين إلى دينهم كما أمرنا ربنا تبارك وتعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 208]
فلابد من التغيير بالقيام بشعائر الإسلام كلها في كل شؤون الحياة حسب القدرة وترك ما يخالفها.
نريد وحدة المسلمين واجتماع كلمتهم كما حكم ربنا تبارك وتعالى بقوله ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92]
فلنغير ما بأنفسنا لنحسن التعامل مع إخواننا المسلمين ونقدرهم جميعا نواليهم على حسب ولائهم لله لا لوطن ولا لون ولا لقبيلة أو مصاهرة أو نسب فالكل مسلمون والرابطة التي تجمعنا جميعا هي رابطة الإسلام فنحن نعبد ربا واحدا وأتباع دين واحد فإذا غيرنا ما في أنفسنا تغير واقع تقسيم المسلمين الذي فرضه المستعمر النصراني.
التغيير سنة الإلهية فإذا أردنا أن نغير من واقعنا أفراد وجماعات فلنساهم في مدافعة الشر وفي إشاعة الخير نساهم في إصلاح المسلمين كل بحسبه.
التغيير لابد له من تضحيات تضحية ببعض حظوظ النفس بالتخلي عن بعض المكتسبات بالتخلي عن بعض الشهوات.
تأملوا التغيير الذي أحدثه النبي - صلى الله عليه وسلم - في نقل هذه الأمة من مجموعة من القبائل العربية المتنافرة المتقاتلة التي يعمل بعضها للفرس والبعض للروم.
لم تحدث هذه النقلة إلى أمة لها حضارتها وقيمها وفرضت قوتها وهيمنت على العالم بعدلها لم يحدث بمجرد أماني بل حصل ذلك ببذل وعطاء وتضحيات ولن يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها