اقبلي ضيافتي .." تأملات ~.؛*•ًّْ ْ،'*• حكم و حكايات "

مجتمع رجيم / فيض القلم
كتبت : نور الله دربي
-


الفوضى داخل روح الإنسان تختلف عن الفوضى فيما حوله. يصعب أن يعيش
الإنسان على الدوام في وئام مع روحه. لكننا نجد، أو نسعى لأن نجد وسيلة
ترميم ما أصاب هذا الوئام من صدع. لعل الإنسان في حاجة مستمرة للقيام
بهذا الترميم الدوري لأن شيمة الأيام أنها تصيب بالصدع ذلك الوئام أوالانسجام
أو التآلف . لا تتآلف الأشياء في داخلنا مرة واحدة وإلي الأبد. لذا تنشأ حاجتنا
لهذا الترميم الدوري. لكن يحدث أن تعصف بنا في لحظة من اللحظات فوضى في
الروح لا تنفع معها المهدئات، لا ينفع معها الترميم الدوري. كأن بنتابنا فجأة شيء
أشبه بالخلاف مع الروح، أن نشعر بأن هذه الروح تتمرد علينا، وأن لا سبيل للتهادن
معها.
كتبت : نور الله دربي
-

" ما أسهل أن يضيع الإنسان في متاهات روحه" يقول أحدهم حين يشعر الإنسان
بالقوة و الضعف في آن وهو يتعاطى مع تلك المملكة الهائلة المترامية الأطراف التي
ندعوها النفس الإنسانية. حين يحار في مصدر بواعث سلوكه، حين يعجز عن القبض
بكلتا يديه على السبب الذي يجعله ميالاً لهذا السلوك دون سواه، مرجحاً هذا الخيار لا
ذاك.

كتبت : نور الله دربي
-
كتبت : نور الله دربي
-



حيثما جلس على مقعد الطائرة؛ تزاحمت عليه وجوه أفراخه، تتوسل إليه ألا يطيل الغياب، ورنت في أذنه ضحكات بريئة لصغار، ووجوم حزين لكبار، وتداعت إلى خياله معاتبات وحركات صادقة، هي عنده سر من أسرار الوجود.
وتداعى الشعر مؤانسا ومعبرا ليقول:
أشوقا ولما تمض بي غير ليلة
فكيف إذا سار المطي بنا عشرا؟
وتذكر الأعرابي الذي حزم متاعه للرحيل في أرض الله الواسعة، وقال لزوجته:
عدي السنين لغيبتي وتصبري
وذري الشهور فإنهن قصار
فجاوبته:
اذكر صبابتنا إليك وشوقنا
واذكر بناتك إنهن صغار!
فوضع متاعه، وأقام حيث الأهل والعيال.
مسافر جواب، تعود أن يرتاد الفضاء، ويصفق بجناحيه في الهواء، ولو لم يستطع فالشوق يحدوه:
سنة في دبي، والأخرى في لندن، وثالثة في إسطنبول، ورابعة في «كيب تاون».
إن الطيور وإن قصصت جناحها
تسمو بفطرتها إلى الطيران
الترحال دأبه، يتفرس الوجوه، ويتملى الملامح، وينظر في الآفاق، ويتأمل في الأخلاق، ويجدد الأفكار، ويستشعر الحرية التي جبل عليها.
يقرأ حتى يمل، ويكتب حتى يتعب، وينام حتى يشبع، ويمشي حتى يعيا، وينأى بنفسه عن التوترات التي تصطبغ بها الحياة أحيانا.
يحب الغرباء ويأنس بهم، لأنه يعد نفسه غريبا مثلهم، يحب العفوية والبساطة والوضوح والصفاء، ويكره اللغة الممسوسة بالتحليل والتفسير والاستبطان، المولعة بقراءة المقاصد والنوايا وملء الفراغات بما تشتهي.
حتى في عبادته، قد يفقد في سفره صوت الأذان، وصلاة الجماعة، ولكنه يجد قلبه وروحه أكثر «إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا» (المزمل:6).
فالخلوة مع النفس، لقراءة كتاب، أو تدوين فكرة، أو تجهيز مادة علمية للطباعة، أو مراجعة ملف، هي استثمار لا يعوض، فضلا عن سجدة مناجاة:
اغتنم ركعتين زلفى إلى اللـ
ـه إذا كنت فارغا مستريحا
وإذا ما هممت بالقول في البا
طل فاجعل مكانه تسبيحا
العالم اليوم لم يعد قرية كونية، أصبح جهازا بحجم راحة اليد، فيه المدرسة والقناة والسوق والعائلة والمؤسسة والخيارات الهائلة المتنامية لحظة لحظة، والعلاقات المؤثرة، وفيه كل شيء على لغة الهدهد «إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء» (النمل: من الآية 23).
تسافر وأنت مقيم، وتقيم وأنت مسافر، فالمسافات اختصرت، والحدود تقلصت، والأفكار تداخلت، والتجارب .. وحتى اللغة، فثم لغة مشتركة يتعامل معها أولئك المدونون، اختصارا وتسهيلا واستثمارا للتقنية.
في ظل هذا الفيض المعرفي الضخم أصبحت تجد الناس جميعا أو تكاد، المتعلم والجاهل، والصادق والخؤون، والصافي والمكدر، والمحب والشانئ، والهادئ والعجول، وكلهم يعبرون، ويجدون من يقرأ لهم ويسمع، ويوافق أو يخالف، فلم يعد ثم استثناءات.
ستجد المؤمن الحق الذي يتعبد ربه بكلمته الطيبة، ويسعى في الخير، ويقدم الأسوة الحسنة، وتجد الملحد الذي يهزأ بالمقدسات ويتجرأ على حدود الله، ويسخر من الأنبياء، ويتنكر للأديان.
وتجد العالم والمفكر والكاتب والشاعر والسياسي والتاجر والموظف ورجل الأمن والطفل والرجل والمرأة والمريض والمجرم .. وكل ميسر لما خلق له، وكل الناس يغدو في هذا العالم الافتراضي؛ فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها، كما قال الصادق المصدوق (صلى الله عليه وسلم).
هذا سفر وذاك سفر ..
فإذا هما اجتمعا لنفس حرة
بلغت من العلياء كل مكان!
يحب الأنس كما كانت أم إسماعيل، وكما هو شأن البشر، وربما يأنس أحيانا بالضجيج والصخب، ويرتاح لرؤية الغادين والرائحين، ويتعجب لهذا المزيج المتنوع من الوجوه والملامح والشيات والأذواق والتوجهات .. التي هي سر من أسرار الصنعة الإلهية «وفي أنفسكم أفلا تبصرون» (الذاريات:21).
ويفر أحيانا أخرى منه إلى حيث الهدوء والسكينة والدعة والراحة والصمت؛ ليستمع إلى همس نفسه وحديثها، وينصت لقديمها وحديثها، ويقبل لومها وتقريعها، كما يقبل دعمها وتشجيعها!
المتعة بالتغيير، ولو مؤقتا، طبع إنساني، وحين قال بنو إسرائيل: «لن نصبر على طعام واحد» (البقرة: من الآية61)، قال الله لهم: «اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم» (البقرة: من الآية61).
تنويع المساكن وتنويع المطاعم، وقال هنا: «مصرا» بالتنكير، أي: اهبطوا أي مصر وأي بلد فستجدون فيه ما سألتم.
أما هموم أمته وأهله فهي معه لا تريم ولا تنتقل، يتابع جديدها ويتداعى فرحا وسرورا، أو حزنا وهما، على تحولاتها وأحداثها، ويعبر عن انتمائه الصادق بمؤشر القلب الذي يفرح ويحزن بحسب حالها
فإن رآها على خير بكى فرحا
وإن رآها على سوء بكى ألما
ويتعامل مع ربه بمنطق « الطمع» فكلما حقق الله أمنية أو ختم بخير أو غير ما لم يكن في الحسبان؛ تحركت الهمة إلى آخر يعاني الناس فيه ما يعانون من الخسف والقتل والإبادة، وتضرع القلب إلى باريه ضراعة المضطر أن يكشف الكروب ويجمع الشمل ويجعل العواقب كلها إلى خير.
وإني لأدعو الله حتى كأنني
أرى بجميل الظن ما الله صانع.
د.سلمان بن فهد العودة
كتبت : نور الله دربي
-
class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة *دعاء الكروان*:
نستمتع معك دائما فى خواطرك وحكمك وحكاياتك
ربنا يرزقك الزوج الصالح عاجلا غير اجل ان شاء الله
وننتظر جديدك دائما معنا


شكرا.. على مرورك الذي عطر زاويتي
فديت قلبك .. وعساكي بالف خير يالعزيزة

كتبت : نور الله دربي
-



الصفحات الأولى ... 9  10  11  12  13 14  15  16  17  ... الأخيرة

التالي

كل ضحكه في خفوقي تشبهك ..يا .. -أحبك-

السابق

عطر لاينسي بقلمي

كلمات ذات علاقة
اقتلى , تأملات ؛•ًّْ ْ،• حكم و حكايات , ضيافتي